لم أستطع أن أتمالك دموعي عند مشاهدة أولى اللقطات من مشهد استشهاد أسطورة الصاعقة المصرية عقيد أركان حرب أحمد المنسي، بمسلسل الاختيار الذي يجسده الفنان أمير كرارة حينها شعرت بأن التاريخ قد عاد للوراء ليوم ٧ يوليو ٢٠١٧، حينما سالت دماء المنسي الطاهرة لتروي رمال سيناء الغالية.
بعد انتهاء الحلقة شرد ذهني تفكيرًا في هذا البطل الحقيقي الذي ضحىبنفسه في ريعان شبابه من أجل قضية وطنه، وشعرت كأنه شقيقي الأكبر وبدأ عقلي ينسج خيوط تفاصيل لحظاته الأخيرة قبل صعود روحه العطرة للسماء فهي تريد اللحاق بمن سبقوه من الشهداء.
أحضرت هاتفي وبدأت بالبحث كالمجنون عن أي مقاطع صوتية أو فيديو لإبن محافظتي الشرقية، لأجده وهو يلعب مع أطفاله كأنه يرغب في توثيق تلك اللحظات لأطفاله، لشعوره بقرب لقاء ربه بثوب الشهادة، فعادتدموعي الكر والفر مرةً أخرى، حتي شعرت بانفطار قلبي لرحيل رجل مثل المنسي.
ومثل معظم المصريين قررت تصفح منصات السوشيال ميديا في محاولة للترويح عن نفسي وما أصابها حزنًا علي هذا الرجل، فوجدت أن ملايين المصريين بنفس حالتي بل يتشاركون صور المنسي ومقاطع فيديو نادرة له، وهم يدعون له ويترحمون عليه، إلي أي مدي من الحب فاز بها شهيد الصاعقة بعد رحيله، إلي هذا الحد حبب الله خلقه فيك يا رجل ؟
المنسي كان مثالًا للإيمان الحقيقي بالله، الجهاد الحق، خير تجسيد للشاب المؤمن الذي يعد نفسه للجنة، لا الأخر ممن يحلم بلقاء حور العين بجواز سفر مختوم بحزام ناسف.
اجتمع المصريون علي الدعاء بالرحمة والمغفرةلك يامنسي، والأمهات سالت دموعها وهي تطلب من الله أن ينزلك أعلي المنازل في الفردوس الأعلي، لم أري في حياتي هذه المشاعر النادرة تجاه شخص أخر إلا أنت.
حتي هنا لم تنته رحلتي مع واحد من أعظم ١٠٠ قائد صاعقة في التاريخ، تعثرت أثناء تصفحي للفيسبوك علي صورة للشهيد ممسكًا بأحد الخونة والكلاب، لتقع عيني علىابتسامة المنسي الصادقة التي تصاحبه في كل صورة، ومع تحديقي في ملامحه وجدت قلبي يتجه نحوه، أما الأخر من أتباع الشيطان بمجرد رؤيته شعرت بأنه من ذرية إبليس، وهنا كانت نظرتي متجردة من أي اعتبارات بشرية، فقط قادتني فطرتي للحقيقة.
علموا أولادكم أن يصبحوا مثل أحمد المنسي، أن يكونوا دروعًا لهذا الوطن لا سيوفًا تجاهه، أخبروهم بالإيمان الحقيقي وكيف يرضون الله، لا مرضية الشيطان الذي يتبعه كل تكفيري جبان، علموهم البر و الرحمة مع الضعفاء، والبأس والشدة مع أبناء الشر.
مع اقتراب ذكرىاستشهادك الثالثة نعلم أن روحك الطاهرة معنا وحولنا، مثلها مثل باقي الأرواح التي فدت مصر دون تردد، افرح فالملايين يدعون لك، روحك صعدت في مربع البرث لكنها سكنت قلوب بني وطنك.
رحمك الله يا منسي ورحم كل إخوتك من أبناء المحروسة، علمتنا قصة الوفاء والخيانة، استوعبنا الدرس وفهمناه ونعدك بإكمال القصة حتىالنهاية التي كنت تتمناها.