يكمل مسلسل الاختيار ما بدأه فيلم الممر، العام الماضي في
دعم الشعور والانتماء الوطني، بشكل غير مسبوق، وهو أمر ليس بالهين أن تقوم به أي وسيلة
إعلامية أو فنية أخرى، فقط الدراما، هي التي تسحبنا نحو تفاصيل شخوصها، ومعايشة
قصصهم والتوحد معها.
لقد أعاد المسلسل الاصطفاف الوطني، وأيقظ الأذهان حول
المؤامرات التي كانت – ولا زالت – تحاك ضدنا من قبل الجماعات الإرهابية المتأسلمة،
ولا سيما الإخوان وأذرعها في كل مكان، للنيل من شرف هذه الأمة والإستيلاء على ثرواتهم،
متناسين التاريخ، وما حمله من قصص البطولة والتضحية فداء لتراب الوطن.الفزع الكبير الذي أصاب القطعان المتعاطفة مع الجماعة الارهابية، كان بالأساس نابعا من خطورة
هذا المسلسل على تجديد أمالهم في أي مصالحة تذكر، بعد أن أعاد إلى العقول المشاهد القاسية التي مرت
بها مصر أثناء ويلات حكم الإرهاب، عقب صعودهم في غفلة إلى سدة الحكم.تميز مسلسل الاختيار يأتي من نقطة الهجوم عليه، وهى مشاركة القوات المسلحة عن طريق
شؤونها المعنوية في دعمه على أكثر من مستوى، حيث لا يمكن تخيل وجود كل هذه
الإمكانيات ولا سيما العسكرية في عمل يخرج دون ضبط من عناصر الجيش، بما يشمله هذا من تجهيزات لوجيستية، تدريب، وتفاصيل وأسرار لا تملكها العامة.أتباع الشيطان يتحدثون عن ثغرات فنية يحتويها العمل، وهم الذين يحرمون الفن ويحتقرونه،
بل يمارسون أقصى درجات العنصرية ضد ممارسه، فجأة أصبحوا نقادا يدركون ماهية الدراما،
محاولين صرف الانتباه عن الغرض الأساسي الذي صنع من أجله المسلسل.يجاهدون للتقليل من التوثيق التاريخي بالعمل، تارة بالحديث عن مسيرة هشام عشماوي في
الجهاد، سواء كان للقاعدة، داعش، جبهة النصرة، أو غيرها، ومدى صحة الأسباب
الحقيقية حول خروجه من الجيش تارة أخرى، جاحظين الأعين متسمرين في أماكنهم عند اسم المخرج المسيحي،
بيتر ميمي، وما يمثله لهم ذلك من حرقة كبيرة.
نجح بيتر ميمي والمؤلف باهر دويدار في تقديم مزيج ثري بين المشاهد التمثيلية
والوثائقية التي تروى لنا لحظات فارقة عاشتها مصر عبر أشهر ممتدة، عانى فيها الشعب
من الهوان أمام سطوة هذه الجماعة، حتى قضى الله أمرا كان مفعولا.على مستوى أخر شهدت الحلقات تطور كبير لا يمكن إغفاله في أداء أمير كرارة، أحمد العوضي، إسلام حافظ، وأغلب الممثلين، يضيف إلى المسلسل قيمة أخرى.