توقع خبراء ومحللون اقتصاديون، أن يغير وباء «كورونا» المستجد توجه اقتصادات العالم بصورة عامة، والاقتصاد الخليجي والمحلي بصفة خاصة، مؤكدين أن اقتصاد ما بعد وباء «كورونا» سيعيد هيكلة نصيب القطاعات المختلفة في الناتج المحلي للاقتصاد، ليصبح أكثر تنوعًا، مشيرين إلى أن القطاع الصحي سيشهد زخمًا لافتًا خلال السنوات المقبلة، فضلًا عن نمو القطاع الصناعي، لاسيما الصناعات الغذائية والدوائية.
وقال الخبراء لـ«الإمارات اليوم»، إن اقتصاد ما بعد «كورونا» ربما يتحول إلى اقتصاد أزمات، بحيث يجب أن يكون أكثر استعدادًا لمواجهة «الأعداء غير التقليديين»، مثل انتشار الأوبئة أو التغيرات المناخية أو الكوارث وغيرها.
وتفصيلًا، قال الخبير والمحلل الاقتصادي طارق قاقيش، إن هناك حاجة ماسة لتنويع الاقتصادات الخليجية، مع منح الصناعة دورًا أكبر في اقتصاد ما بعد فيروس «كورونا»، مشيرًا إلى أن قطاع الصناعة، لا سيما الصناعات الغذائية، سيشهد زخمًا كبيرًا خلال السنوات المقبلة.
وتوقع قاقيش أن تشهد الصناعات الدوائية والصيدلانية بجانب قطاع المستشفيات والرعاية الصحية، اهتمامًا كبيرًا بعد أن واجه العالم «عدوًا غير متوقع»، أظهر بوضوح أهمية قطاع الصحة والاهتمام به.
وقال: «أتوقع أن يشهد القطاع الصحي زخمًا لافتًا خلال السنوات المقبلة، خصوصًا أن انتشار كورونا أظهر ثغرات كبيرة في هذا القطاع لدى دول كنا نعتقد أنها متقدمة في هذا المجال».
وأضاف أن الاهتمام بالصناعات الدوائية سيزيد أيضًا، حيث إن هناك دولًا عربية عدة لديها خبرات كبيرة في هذا المجال، مثل الإمارات والأردن ومصر، لافتًا إلى أن بعض الحكومات سيكون لديها خطط لتحفيز هذا القطاع جنبًا إلى جنب مع قطاع الصناعات الغذائية.
وأشار قاقيش إلى أن دولة الإمارات اتخذت خطوات ملموسة منذ زمن بعيد في تنويع اقتصادها، ما عزز من قدرتها على مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية.
وتوقع قاقيش في الوقت نفسه أن يشهد القطاع الزراعي أيضًا اهتمامًا في الدول التي تملك المقومات اللازمة لنمو هذا القطاع، مشيرًا في هذا الصدد إلى رؤية الإمارات التي استشرفت المستقبل عندما استثمرت في القطاع الزراعي لدى دول عدة لتأمين احتياجاتها من الغذاء.
من جانبه، قال عضو المجلس الاستشاري في معهد «تشارترد» للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي، وضاح الطه، إن انتشار وباء «كورونا» المستجد سيغير وجه اقتصادات الكرة الأرضية بصورة عامة، والاقتصاد الخليجي والمحلي بصفة خاصة.
وأضاف الطه أن اقتصاد ما بعد «كورونا» سيعيد هيكلة نصيب القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي للاقتصاد ليصبح أكثر تنوعًا ودعمًا للاقتصاد الصناعي والإنتاجي والصحي والزراعي، متوقعًا أن يشهد الاقتصاد العالمي والمحلي زخمًا لافتًا لقطاع الصناعات الدوائية والإنفاق على القطاع الصحي وزيادة رغبة الدول في تأمين احتياجاتها من الغذاء والدواء، جنبًا الى جنب مع القطاعات المالية والخدمية والنفطية.
وأشار إلى أن أزمة «كورونا» ستعزز الأفكار الداعية الى إعادة التفكير في الأولويات الاقتصادية واعتبار القطاع الصحي وتأمين احتياجات البلاد من الغذاء والدواء في أوقات الأزمات أمرًا لا غنى عنه، مؤكدًا أن «الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال عندما لمسنا تحركًا مدروسًا من الدولة عند تفشي الوباء في العالم، وإجراءات استباقية قللت من التأثيرات السلبية للوباء على مجتمعنا واقتصادنا».
وتوقع الطه أن يكون هناك تحول في الاقتصادات الخليجية من حيث تعزيز التحول نحو اقتصاد كلاسيكي، يؤمّن احتياجاته الغذائية والدوائية، واعتبار القطاع الصحي والصناعي قطاعين استراتيجيين لا يقلان أهمية عن القطاعات الرئيسة التي ترفد الناتج المحلي الإجمالي بمساهمات ملموسة.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي، رضا مسلم، إن هناك حاجة إلى الاهتمام بالصناعة وخفض كلفة الأعمال للقطاع، خصوصًا في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومساعدة القطاع الصحي، بحيث يكون أكثر قدرة على مواجهة أي تغيرات طارئة تحدث كالتي شهدها العالم منذ تفشي وباء «كورونا».
وأضاف أن اقتصاد ما بعد «كورونا» ربما يتحول إلى اقتصاد أزمات، حيث يجب أن يكون أكثر استعدادًا لمواجهة الأعداء غير التقليديين، مثل انتشار الأوبئة أو الحرائق أو التغيرات المناخية والطبيعية أو الكوارث الناجمة عن تقلب الطقس والفيضانات وغيرها.
ولفت مسلم إلى أنه ربما يكون هناك صعوبة في دعم القطاع الزراعي، لكن سيكون هناك آفاق كبيرة لنمو القطاع الصناعي، لاسيما الصناعات الغذائية والدوائية.
كما حذر صندوق النقد الدولي في وقت سابق من تأثير تراجع أسعار النفط فترة طويلة على دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال إن معظم دول المجلس تملك مدخرات كافية لحمايتها حتى من صدمة عنيفة، إلا أن انخفاض أسعار النفط فترة طويلة يمكن أن يشكل تحديًا لوسائل الحماية المتاحة.