قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

والموت لا يقترب من الموتى


هكذا يرونه بعيدا؛ موتى الضمائر والقلوب؛ وهكذا تلحظهم يخشونه بجهلهم وغبائهم؛ متى ظهروا أمامك متنمرين على مريض جازف بصحته ليحميهم من وباء؛ أو دفع حياته ثمنا لدرء خطر مرض لعين عنهم وذويهم؛ فتظاهروا بلعنة حضور جثمانه الطاهر.

مشاهد كارثية تتحقق معها على أرض الموتى حكمة الخالق فى آيته "يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه.."، أبطالها فاقدو الإنسانية؛ معتنقو أكذوبة أن الموت حدث لا يتكرر إلا مع أبطال مسرحية دون مساس بأحدهم فى مقاعد الجمهور، بينما الحقيقة أن الشيطان لا يفرغ وقته لضال والموت لا يقترب من الموتى.

فى كفر الدوار و أجا وغيرهما من المدن والقري التى ظهر فيها الوباء وأتى على حياة بعض أبنائها وبناتها ورجالها ونسائها، حضرت حقيقة نفوس بشر بوضوح دون نفاق، تستشف من سلوكهم الرافض تكريم من أمر الخالق بدفنه أن العيش بينهم يلزمه جهادا مستمرا للنفس والعادات والتقاليد والمعتقدات البالية، لا تنكر عليهم قسطا من التعليم أو العلم وشيئا من الوعى، ولا تبتعد عن حقيقة انزواءنابغين معتقلينبينهم بسلبيتهم الرافضة للنصح وقول الحق وقت الفتن والشدائد، وتلك آفة المجتمعات التى لا يعود عليها خير كثير من أهلها، وأوله العلم لا المال.

مطالب واسعة بإطلاق أسماء شهداء الواجب من ضحايا مواجهة "كورونا" على أسماء منشآت، أزيد عليها بمقترح إطلاق أسمائهم على قراهم ذاتها؛ وأولهم الدكتورة سونيا عبد العظيم التى يليق بالرد على الإساءة لجنازتها أن تحمل قرية شبرا البهو اسمها فيدون ببيانات هوية كل مواطن بها، وأن يحظى شهداء جيش مصر الأبيض؛ أطباء المحروسة؛ وكل من جاورهم فى مهمتهم؛ بتكريم يليق بدورهم؛ يصل درجة التشييع الرسمي لهم، وقد بادر مواطنون بإعلان استعدادهم أن تحظى مقابر عائلاتهم باستقبال ضحايا المرض اللعين من شهداء مواجهته.

أفهم أن إعلاما قد يبدو مقصرا وقت أزمة فى شرح واف لتفاصيلها وأبعادها، وأن مؤسسات تبذل ما فى طاقتها ووسعها لمواجهة تتفق ودورها وتتناسب والإجراءات العليا الاحترازية لحماية المواطن من الخطر، لكن ليس لدي القدرة على إلتماس العذر لمن ينحرف بعقله نحو خطيئة الشماتة فى سقوط جندى من جيش بلاده شهيدا فى معركة دفاع عن وطنه وأهله، بل ورفض تكريمه، وكأن غرابا لم يعلم قاتلا كيف يعترف بحق ضحيته فى تراب يستره.

كثير من أهل ديانة بعينها يعتقدون أنهم وحدهم إلى جنة الله بعد الموت؛ بمجرد اعترافهم بوجوده وإقرارهم لفظا بوحدانيته، وغيرهم يرون الدين أخلاقا، والخالق حقا يستحق الدفاع عنه واحترامه، وتلك فجوة نفسية وعقلية بين أهل عقائد تطورت إلى مسافة حضارية واسعة يترقب خلالها أهل الوهم تطوير أرباب الحقيقة والواقع عقارا جديدا لحمايتهم من خطر أوبئة متكررة.

لم نعد أمام معادلة حسابية تتعلق بأعداد مصابين ومتوفين جراء "كورونا" فى بلدنا أو أى مكان آخر على وجه الأرض، بل صرنا أمام لحظة ما قبل البعث والحساب والجزاء، ونحن أقرب إليها مما كنا نتخيل قبل ظهور فيروس يمثل لنا عدوا مجهولا غير مرئي، لا تفلح معه حيل حمقى اقتربت ساعة مثولهم شهداء على أنفسهم.

ولم تكن ضمائر الغافلين بانتظار بيان مفتى الديار المصرية بشأن تكريم الموتى ضحايا "كورونا"، ولم يكونوا بحاجة لإيضاح منظمة الصحة العالمية بشأن استحالة انتقال العدوى من الموتى إلى محيط دفن جثامينهم، لكنهم يظلوا فى احتياج مستمر إلى صيحات حساب دنيوي ربما يخفف عنهم ما سيلقونه بعد رقودهم.

البلاء أعظم من تشتيت جهودنا وأفكارنا بين أفعال هؤلاء وسلوكيات أولئك، وليكن كل راع معنيا بحماية رعيته، ولتبق مصر محفوظة برعاية الله؛ ثم جهود أبنائها المخلصين؛ وقيادات مؤسساتها المفوضين بحماية مواطنيها، ولتكن دعوتنا خالصة أن ينجى المولى خلقه جميعا من كل سوء؛ ومن سوءات أنفسهم.