الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكومة الذرفي تكتمل رغم الكورونا


أعلن رئيس الوزراء المكلف (عدنان الذرفي) أنه أرسل المنهاج الحكومي إلى البرلمان وينتظر تحديد موعد جلسة التصويت على المنهاج وكابينة الوزراء بعد أن قدم سيرة ذاتية لكل مرشح.. وأضاف أنه تلقى وعدًا من كافة الكتل السياسية بتمرير الوزراة..


في نفس الوقت أعلنت عشرة فصائل عراقية مسلحة أطلقت على نفسها اسم المقاومة الإسلامية في بيان شديد اللهجة رفضها الحاد تكليف الذرفي الذي تعتبره مرشح الاستخبارات الأمريكية.. كما وجهت تهديدًا مباشرًا لكل من سيدعم تمرير الحكومة برلمانيًا وقد سبق وأن أعلنت هذه الفصائل استهدافها للقوات الأمريكية بسبب عدم خروجها من العراق. 


والحقيقة أنه أمر مفاجئ في ظل الواقع السياسي العراقي أن ينجز الذرفي مهمة تشكيل الحكومة قبل انتهاء المدة الدستورية يوم 16 أبريل الجاري ويبدو أنه نفذ ما وعد به من أنه لن يتراجع عن مهمة التكليف متحديًا كل الضغوط التي واجهها وقد تحرك بسرعة وفي سرية تامة راميًا الكرة في ملعب مجلس النواب.. مما أدى إلى استفزاز هذه الميليشيا المدعومة إيرانيًا ولذلك هددت القوى السياسية التي ستمنحه الثقة..


بالإضافة إلى تصريحات الذرفي الخاصة بإقامة علاقات دولية عراقية مع كافة الدول لبناء عراق قوي ووسطي وإيجاد حلول للأزمة المالية وعودة هيبة الدولة ودعم الجيش واستمرار عمل التحالف الدولي وكان ذكاءً من الذرفي أنه تجنب الحديث عن تلك الفصائل المسلحة وفيما إذا كان سيواجهها في حال تسلم منصبه لتجنب فتح صراع مسبق معها..


إن العراق يمر بمرحلة خطيرة وحساسة جدًا وفي هذا الإطار فإن طبيعة التشكيل الحكومي هو لاجتياز عنق الزجاجة وكل المؤشرات تؤكد أن الذرفي يختلف كليًا عن عادل عبد المهدي الذي تجاوزه الزمن وأيضًا عن محمد توفيق علاوي فالعراق يعاني كارثة اقتصادية بسبب تدني أسعار النفط الأمر الذي يهدد بعدم القدرة على دفع الرواتب بعد شهرين لذلك فالذرفي جعل أولى تحدياته الأزمة المالية وطرق معالجتها واستعادة هيبة الدولة وأن جميع الميليشيا التابعة للحشد الشعبي تأخذ الأوامر من رئيس الحكومة بصفته القائد العام للقوات المسلحة.


واللافت أنه مع انتهاء التشكيل الحكومي كان هناك تصريح للسفير الأمريكي في العراق (ماتيو تويلر) يكاد يكون تهديدا مبطنا للقوى السياسية لاختيار حكومة بعيدة عن الإملاءات كما صرح (مايك بومبيو) وزير الخارجية الأمريكي أمس قائلًا: نتمنى أن يختار الشعب العراقي رئيس وزرائه وأننا سندعم رئيس الوزراء الذي سيلبي مطالب المتظاهرين.


وهناك الآن فئتان من القوى السياسية فئة تؤيد (الذرفي) لعبور المرحلة الصعبة وفئة ثانية هي الفصائل المسلحة العقائدية التي ترى في الذرفي بما أنه يحمل الجنسية الأمريكية امتدادا للمشروع الأمريكي حتى لو كان برنامجه وطنيا وسينقذ العراق وعلى رأس هذه القوى (قيس الخزعلي) ومن يسير في دربه..


والواقع أن غياب قاسم سليماني أدى إلى حدوث متغير كبير في المشهد السياسي العراقي فقد كان يؤثر تأثيرا مباشرا على القوى الكردية والسنية وإحداث توافق بينها وبين القوى الشيعية ولكن خلفه الجنرال (إسماعيل قاآني) ليس شخصية ميدانية ولا يوجد لديه علاقات شخصية مع باقي القوى وقد فشل في زيارته الأخيرة للعراق في إحداث هذا التوافق..


لذلك فالفاعل السياسي السني الكردي لم يتقاطع مع الإسلام السياسي الشيعي.. وبالرغم من أن البيت الشيعي كان منقسمًا على نفسه إلا أنهم وفي مفاجأة غير متوقعة توافقوا على طرح مؤيد من الولايات المتحدة وهو (مصطفى الكاظمي) مدير جهاز المخابرات ويريدون أن يترأس الحكومة بدلًا من عدنان الذرفي إلا أن الكاظمي أعلن عدم رغبته بالمنصب أصلًا وأبلغ كل الأطراف بذلك..


المشكلة أن غالبية القوى السياسية تبحث عن مصالحها وبالرغم من مرور 145 يومًا على استقالة عادل عبد المهدي وقد أصبح الوضع حياة أو موتا ولا بد من تهيئة مناخ إيجابي لحكومة الذرفي لينجح في مهمته الصعبة لأن التحديات كثيرة وأولها تحول العراق إلى ساحة لتصفية الصراع الأمريكي الإيراني الذي يدل على ضعف الحكومة العراقية الحالية كونها حكومة تصريف أعمال لا حول لها ولا قوة مما أضعف الملف الأمني العراقي وجعل قوى خارجية أمريكية وإيرانية تتصارع وكأنه شأن إيراني وأمريكي لا علاقة للعراق به وهو دائر على أرضه..! 


إن عدم وجود اتفاق بين الكتل السياسية جعل البرلمان والرئاسة هذه المؤسسات الهامة مشلولة فما يجري الآن هو عبارة عن تجسيد لحالة الضعف في اتخاذ قرارات وهذه القوى السياسية جميعًا اشتركت في هذه الحالة وجعلت الحكومة لا تؤدي دورها.. الوزارة استقالت ولم يجدوا بديلًا طيلة 145 يومًا!...


إن الأجدى بالقوى العراقية الآن إزالة الاحتقان من هذه البيئة السياسية الملتهبة ونبذ الخلافات وتعبيد الطريق لحكومة الذرفي وإلا فإن العراق ذاهب باتجاه خطير جدًا ولا يبشر بالخير..


إن عدنان الذرفي يمتلك الكثير من الأوراق التي تمكنه من تمرير التشكيل الوزاري فهو يلقى تأييدا من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة المتحكمة في الأمور المالية بالعراق وكذلك مهيمنة على صندوق النقد الدولي ويحظى أيضًا بدعم الكتل السنية والكردية وقسم من الشيعة فقد حصل على موافقات فردية من أفراد ينتمون للكتل الرافضة له ولديه القدرة على إعطاء إدارات عامة لشخصيات معينة ويحتاج إلى حضور 165 عضوًا ليكتمل نصاب الجلسة وإذا حصل على تأييد 84 شخصية يتم تمرير الوزارة وباستثناء عصائب أهل الحق التي تمتلك 15 عضوًا في البرلمان فإن باقي الفصائل المسلحة ليس لها أي تواجد برلماني.. 


وبالرغم من ذلك فإن حظوظه غير واضحة المعالم على صعيد نيل ثقة البرلمان فجلسات البرلمان نفسها لم تعد مضمونة سواء بسبب الحجر الصحي وأزمة الكورونا أو بسبب غياب الإرادة السياسية التي تمثلها زعامات الكتل السياسية وخاصة زعامات البيت الشيعي التي لديها قدرة على التحكم بالقرارات السياسية في العراق والتي أفشلت علاوي بعدم عقد جلستين متتاليتين..


فهل سيتكرر هذا السيناريو مع الذرفي؟...
هذا ما ستكشفه الأيام القادمة...

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط