لم تتوقف الأرض المصرية عن طرح بذور العباقرة لتتفاخر أمام العالم بثمارها، فمن مشرفة وزويل لمصطفى السيد وغيرهما العلماء الذين أبهروا العالم بعلمهم وعبقريتهم، تكشف اليوم محافظة الغربية عن بزوغ نجمين جديدين على وشك التربع على عرش مسابقة «جينيس أولمبياد» العالمية بابتكار جديد يمكنه تشخيص أصعب أنواع السرطانات وأكثرها خطورة بدقة عالية.
قدم الطالبان بمدرسة المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا «أحمد بدر شاكر» و«عبدالرحمن محمد الشابوري» - أبناء محافظة الغربية البالغين من العمر 16 سنة - طريقة مبتكرة للكشف عن إنزيم محلل للبروتينات وشائع في العديد من أنواع السرطانات المختلفة وهو الـMMP9، فباستخدامه يمكن الكشف المبكر عن سرطان البنكرياس وغيره من أنواع السرطان الأكثر شيوعًا والأصعب تشخيصًا في مشروع بحث علمي Detecting monitoring classifying tumor by nanosensor protolytic enzyme reaction، وقد جاء ابتكارهما واحدًا من بين 5 مشاريع لتمثيل مصر في المسابقة.
طريقة عمله
اعتمادًا علي النظرية التي اعتمد عليها الدكتور المصري «مصطفي السيد» في استخدام ذرات الذهب لمساعدته علي الكشف المبكر لسرطان الجلد عن طريق استخدام ذرات ذهب بمقياس النانو والتي لديها القدرة على التوغل في البيئة الدقيقة للورم والوصول إلى هذه الخلايا السرطانية مما يتيح له فرصة الكشف على هذه الخلايا بتتبع ذرات الذهب في جسم المريض بعد حقنها به مما ينتج عنه فرصة القضاء علي هذه الخلايا ,, فقد قام الطالبين العبقريين أيضًا بالاعتماد على هذا المبدأ والمعروف في علم الأورام بـEPR (enhanced permeability & retention effect).
وهو مفهوم مثير للجدل تميل فيه الجزيئات ذات الأحجام المعينة (عادة الجسيمات الشحمية والجسيمات النانوية والأدوية الجزيئية الكبيرة) إلى التراكم في أنسجة الورم أكثر مما تتراكم في الأنسجة الطبيعية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أهمها: هو أن الورم يقوم بتكوين أوعية دموية فرعية جديدة من أوعية دموية أصلية بالجسم، وذلك من أجل مساعدته علي مد الخلايا السرطانيه بالأكسجين والمعادن اللازمة لاستمراريتها.
وهنا يكمن السر: فهذه الأوعية الدموية تشريحيًا و فسيولوجيًا مختلفة عن الأصلية حيث أنها لديها خلايا بطانية ضعيفة المحاذاة مع ثنيات واسعة تفتقر إلى طبقة العضلات الملساء أو التعصيب مع تجويف أوسع، وضعف المستقبلات الوظيفية لأنجيوتنسين 2.
علاوة على ذلك تفتقر أنسجة الورم عادة إلى التصريف اللمفاوي الفعال والذي يقوم بالتخلص من أية مادة دخيلة قد تدخل إلى البيئة الدقيقة للورم، وكل هذه الثوابت البيولوجية والفسيولوجية ساعدت أحمد وعبدالرحمن على ابتكار طريقة لتطوير الأدوات التشخيصية المستخدمة في تشخيص السرطان بصفة عامة، من خلال تتبع الإنزيمات المحللة للبروتين والتي تفرزها الخلايا السرطانيه من أجل مساعدتها علي التوغل والهيمنة بنطاق واسع علي جسم المريض.
جدير بالذكر أن هذه الإنزيمات تفرز في مراحل مبكرة للسرطان وعادة ما تختلف من نوع سرطان إلى آخر، ولكن الأهم هو أن اكتشفاها بشكل مبكر سيتيح للمريض فرصة اللحاق بالنظام العلاجي المناسب، علاوة علي ذلك فإنها ستوفر دقة عالية في تحديد نوع السرطان، فكل نوع يمتلك إنزيمات خاصه به تميزه عن بقية الأنواع، ويرجع ذلك إلى اختلاف فسيوليجة وتشريح كل عضو بيولوجي عن الآخر مما يحتم علي أي مرض القيام بالتعامل مع فسيوليجية كل مرض بإنزيماته ومواده الحيوية الخاصة.
استخدام نانو أكسيد الحديد في اكتشاف السرطان
قدم أحمد وعبدالرحمن شرحًا تفصيليًا لموقع «صدى البلد» عن طريقة عمل ابتكارهما في الاكتشاف المبكر للسرطان عن طريق الكشف عن إنزيم محلل للبروتينات وشائع في العديد من أنواع السرطانات المختلفه وهو الـMMP9، عن طريق استخدام «نانو أكسيد الحديد» بحجم 100 نانوميتر بعدما تتم معالجته ليتلاءم مع الجهاز المناعي للإنسان، وقائلا: "قمنا باختيار أكسيد نانو الحديد لأنه عالي التشبع فلا يذوب بمجرى الدم عند حقنه بالإضافة إلى قوته المغناطيسية العالية، والتي ستمكننا من إرفاق مواد معه للكشف عن وجود هذا الإنزيم".
وهذه المواد هي «ببتيد» من البروتين الخاص الذي يقوم بتحليله الإنزيم السرطاني في الوضع الطبيعي بالجسم ومرفق مع هذا الببتيد «موادفلوريسنتيه» والتي تعتبر العامل المحدد لوجود الإنزيم من عدمه بجسم المريض، فعند حقن المريض بهذه المواد مجتمعة (نانو أكسيد الحديد مرفق بـ ببتيد البروتين الخاص مرفق بـ المواد الفلورسنتيه) سيقوم نانو أكسيد الحديد بوظيفته الحيوية وهي نقل هذه المواد في مجري الدم".
اكتشاف وجود الإنزيم من خلال "بول المريض"
فإن لم يكن هناك ورم بالجسم ستقوم هذه المواد بالتحلل و"لن تخرج في بول المريض"، ولكن إن وجد الورم فسيتوغل نانو أكسيد الحديد بالمواد المرفقة معه إلى البيئة الدقيقة لهذا الورم طبقًا للعوامل التي ذكرناها مسبقًا وأهمها: الحجم المتناهي الصغر لهذه المواد، فعند دخوله لهذه البيئية الدقيقة سيقوم الإنزيم السرطاني الـMMP9بالتفاعل مع ببتيد البروتين المرفق مع نانو أكسيد الحديد ليقوم بفصله عن الجسم الحامل له هو والمواد الفلورسنتيه، متيحًا لها الفرصة لاستكمال مسارها وعبورها من خلال الترشيح الكلوي بنجاح وذلك لتناهي صغرها الذي يصل إلى (5 نانو ميتر) بعد انفاصلها عن الجسم الحامل لها وهو أكسيد الحديد المعدل لكي تسطيع الوصول إلى البول.
وأضافا: "هنا يأتي دورنا في تحليل هذاالبولللكشف عن وجود المواد الفلورسنتيه، وذلك عن طريق إضافة صبغة ذات طبيعة خاصة لعينة البول والتي لديها القدرة على الالتصاق بالمواد الفلورسنتيه، وهنا يتضح السبب وراء تمسية هذه المواد بالفلورسنتيه، فإنها عندما تقوم بالالتحام مع الصبغة تظهر «مشعة» تحت الميكروسكوب، والأقوى هو أن التدرج بهذا الإشعاع يمكنه تحديد مدى (خطورة ومرحلة) هذا الورم.
ولإثبات فاعلية هذه الطريقة قمنا بإضافة هذه الصبغة إلى عينة فأر مصاب بالسرطان وفأر غير مصاب وعند إضافة هذه الصبغة إلى عينة الفأر المصاب لاحظنا هذا الاشعاع الميكروسكوبي وتدرجه من فأر مصاب إلى آخر، وعند اختبار فأر تجارب سليم بيولوجيًا لم نلحظ وجود هذاالإشعاععند إضافة الصبغة إلى عينة بوله، وإن كان هذا البحث يدل علي شئ فهو يدل على أهميه استخدام الفروع العلميه الحديثة كـ النانو والبايو تكنولوجي وتسخيرها والاستفادة منها بقدر المستطاع في خدمة البشرية".
مسابقة Genius Olympiad 2020
تعقد جينيس أولمبياد كل عام بولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، ونظرًا للظروف التي يشهدها العالم هذا العام فستنعقد في (Rochester Institute of Technology RIT) خلال الفترة من 15 وحتى 20 يونيو 2020، وتعد جينيس أولمبياد مسابقة عالمية تضم نحو 2000 مشروع من 72 دولة حول العالم بمشاركة 1400 طالب في جميع مجالات العلوم والهندسة،وتعد من اهم المسابقات العالمية التي تركز علي القضايا البيئية، وتأهل إليها حوالي 5 مشروعات علمية لتمثيلمصرومنهم مشروع الطالبين أحمد وعبدالرحمن:Detecting monitoring classifying tumor by nanosensor protolytic enzyme reaction
جدير بالذكر أن التقديم للمسابقة يبدأ من نهاية شهر ديسمبر وحتى شهر مارس لبداية العام الجديد وتظهر النتائج في بداية شهر أبريل.