اكتسبت "زنقة الستات"، اسمها لضيق شوارعها وازدحامها الشديد، ولأن أغلب البضاعة المعروضة به تخص النساء، وتعتبر من أشهر الأسواق في مدينة الإسكندرية المصرية، وهو سوق مشهور ببيع المستلزمات والإكسسوارات النسائية، ورغم ارتباط اسم السوق بالثنائي الإجرامي الشهير ريا وسكينة، حيث اتخذتا منه مركزا لاستدراج ضحاياهما لسرقتهن ثم قتلهن، إلا أنه كان ولا يزال على مدار تاريخه يمنح الفرح للمصريين والمصريات خاصة.
ويعود تاريخه إلى أوائل القرن الماضي، حيث كان التجار في المغرب العربي وليبيا يتمركزون في حي المنشية الذي يقع وسط مدينة الإسكندرية عند مجيئهم للبيع من داخل مصر وهكذا أقيم السوق، وكان يسمى هذا السوق في البداية باسم "سوق المغاربة" الذي كانت تحيط به الأسواق القديمة ومنها سوق الصاغة، وسوق الخيط الذي ما زال يبيع أفضل أنواع القماش.
وسُمي الشارع بـ"زنقة الستات" نتيجة الزحام الشديد لرواده، لا سيما من السيدات، رغم أن غالبية من يعمل به رجال، ولا تجد السيدات مشكلة في ذلك، فالباعة يعرضون بضاعتهم بأسلوب ماهر، ويؤمنون أن الابتسامة بوابة العبور لمحفظة نقود النساء.
وكان "البيت الأبيض" من أشهر الأماكن بشارع "زنقة الستات"، وهو مبنى كان مخصصا لفض النزاع بين المتخاصمين من التجار، ولا يخرجون من ذلك المكان إلا بعد أن يُفضّ النزاع عبر حكماء من التجار.
وشهد شارع زنقة الستات، قصصا كثيرة، منها السرقة، والخطف، ومنها الزواج والزغاريد، ويصادف في الشارع أن تسمع من تزغرد من سيدات لشراء شبكة بناتهن، فيما تصيح أخرى في نفس اللحظة لسرقة مالها.
في الشارع كل الأشكال والألوان، يذهب إليه الغني والفقير، مصريون وأجانب، هو مزار سياحي وسوق في وقت واحد، لأنه تاريخ طويل من أيام الاحتلال الفرنسي وسكانه من مختلف الجنسيات.
وسوق زنقة الستات قد تجد وصفه فى كتب التاريخ القديمة، حيث يشبه أسواق الروايات التاريخية الذى تشاهد فيه الرائح والغادى، دون أن يتأفف أحدهم من الزحام، ولا تعترض السيدات على وجود بعض الرجال بداخله على الرغم من اشتهاره باسمهم، وتتجاور الباكيات الخاصة بالبائعين متلاصقة، وكأن الشارع لا يغلق أحدهم عليه بابًا وحده، فقد تستطيع التجول والشراء من بائع ومن يقابله ويجاوره وأنت تقف مكانك لا تتحرك سوى باتجاه نظرك.
وعن تاريخ شارع زنقة الستات، ترددت الأقاويل ما بين أنه من عهد محمد على الذى حكم مصر لسنوات، والبعض الآخر يؤكد أنه منذ زمن الحملة الفرنسية على مصر، بدليل تسمية الشارع المجاور له شارع فرنسا والذى كان يستخدم كاسطبل لخيول الفرنسيين، بينما يؤكد البعض أن من أسس سوق زنقة الستات هو أحد التجار المغاربة التى كانت بلدته تشتهر بصناعة السجاد والأقمشة التى تهافت عليها السيدات، إلا أنه رغم محافظته على تاريخه وعراقته، فهو يحقق كل أحلام الفتاة العصرية ويواكب التطور المحيط به، حيث يحضر التجار أخر ما وصلت إليه الموضة العالمية، ويقدمها للفتيات التى تجد فيه كل ما تحتاجه.
وقد ظهر شارع زنقة الستات وتردد اسمه فى الدراما المصرية والعربية أبرزها أفلام ومسرحيات ومسلسلات حملت قصة "ريا وسكينة"، وأيضًا فيلم "صايع بحر" الذى لعب بطولته الفنان أحمد حلمى، وفيلم زنقة الستات للفنانة فيفى عبده.