عبادات مستحبة في شهر شعبان .. شعبان إنما هو شهر التهيئة أو التوطئة لشهر رمضان وهو أشبه ما يكون بالتدرب على استعادة الهمة واستحضارها، فمن لم يتمرس بصيام النوافل على مدار العام وبالأخص في شهر شعبان قد ينتابه النسيان في أول أيام الصوم ، فيأكل أو يشرب ناسيًا لطول عهده بالصيام.
عبادات مستحبة في شعبان
كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شعبان ، ولما سأله سيدنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ -رضي الله عنهما- عن ذلك ، قائلا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ : «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ » سنن النسائي ، ولم يكن (صلى الله عليه وسلم) في شهر بعد رمضان أكثر صيامًا منه في شعبان.
تهيئة النفس
كما ينبغي أن يهيئ المرء نفسه بصيام بعض النوافل، يهيئها بقيام الليل فهو شرف المؤمن وعزه ، وسبيل مرضاة الله -عز وجل- في الدنيا وكرمه في الآخرة ، حيث يقول الحق سبحانه : «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ » (الذاريات : 15-19) ، ويقول (عز وجل) : « أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» الآية 9 من سورة الزمر.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- : «رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهَا عَلَيْهِمْ »، قائلًا: ومن الأمور التي ننبه عليها :
قضاء حوائج الناس
يستحب للمسلم أن يعمل على قضاء حوائج المحتاجين والتحلي بالكرم والسخاء، سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى المؤسسات العاملة في المجال الاجتماعي، أن تجتهد في توفير احتياجات المحتاجين وإكرامهم قبل دخول الشهر الفضيل، فهذاهو التعاون الحقيقي على البر والتقوى ، وعلى أهل الفضل ممن أنعم الله عليهم بواسع فضله بضرورة أن يؤدوا شكر نعم الله عليهم حيث يقول الحق سبحانه : «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» الآية 7 من سورة إبراهيم .
وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- : «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا » ( متفق عليه) ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : «السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَالْجَاهِلُ السَّخِيُّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْعَابِدِ الْبَخِيلِ» (شعب الإيمان للبيهقي) ، وقال -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله جواد يحب الجود ويحب مكارم الأخلاق ويكره سفاسفها» (متفق عليه)، ويقول الحق سبحانه : «هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم» الآية 38 من سورة محمد.
شعبان شهر الخير
قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، إن كل أعمال الإنسان التي يقوم بها على مدار السنة، تُرفع إلى الله سبحانه وتعالى في شهر شعبان.
وأوضح «عبد المعز»، خلال تقديمه لبرنامج «لعلهم يفقهون»، أن الله سبحانه وتعالى علمنا في القرآن في سورة التوبة: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ» الآية 36، منوهًا بأن السنة الهجرية 12 شهرًا، تبدأ بالمحرم وتنتهي بذي الحجة، وشهر شعبان هو الثامن.
وأضاف أن به نفحات، وأنه سُمي شعبان لتشعب الخير فيه، فقد كان له طابع خاص عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ففيه تُرفع أعمال السنة إلى الله تعالى، لذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكثر الصيام فيه.
احذر هذا الفعل في شعبان
قال الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، إن الخصام والمقاطعة بين الأهل خلال هذه الأيام المباركة من شهر شعبان تمزيق وغضب من الله سبحانه وتعالى وعلامة من علامات الإهلاك الإلهي، مؤكدا: "مفيش وقت نخاصم بعض، تسامحوا".
اقرأ أيضا: شعبان شهر يغفل عنه الناس.. ترفع فيه الأعمال وتتجلى فيه الرحمات.. وحرص الرسول على صيامه لسببين
وأضاف «الجندي»، خلال حلقة برنامح «لعلهم يفقهون» المذاع على فضائية «dmc»: «لو أنت وعيلتك مخاصمين بعض في الأيام المفترجة دي اعرف إن ربنا مزققكم كل ممزق».
فضل شهر شعبان
شهر شعبان يغفل عنه كثير من الناس، وقد نبهنا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث وقع فيه الخير للمسلمين من تحويل القبلة ففيه عظم الله نبينا واستجاب له دعاءه.
وأضاف أن شعبان تهيئة لرمضان، سواء بالصيام أو بالفطر مشيرا الي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-كان أكثر ما يصوم في شعبان، لما روي في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، فإذا لم يكن للإنسان عادة في الصيام وهل النصف من شعبان ولم يصم، فإنه لا يصوم إلى رمضان.
وتابع: والامتناع عن صوم النصف الثاني من شعبان وجوبًا عند الشافعية تهيئة لرمضان، وهو ما يدل على أن العبادة ليست هي الفعل وحده بل قد يكون الترك أيضًا عبادة، فحينما تترك المرأة في زمن حيضها الصلاة والصيام فهي تعبد الله، منوهًا بأن العبادة قد تكون بالفعل وقد تكون بالترك.