یحمل شھر مارس / آذار في طیاتھ الكثیر بالنسبة للشعب الكردي فھو یوم الاحتفال بمجيءالربیع والخلاص من شھر الشتاء البارد وبدایة لتفتح الزھور بعد سبات شتوي طویل.
یومتساوي النھار مع اللیل وبدایة بذر الأرض لزراعتھا، وبنفس الوقت ھو یوم النھوض من جلوسطویل استمر مع الشتاء لیبدأ وقت العمل والجھد والكد مع الأرض لبدایة سنة جدیدة وزراعةجدیدة. أي أنھ یوم ارتباط الانسان بالعمل لیوم جدید وأملٍ جدید وھو ما یوحي بھ اسم نوروزالذي یتألف من كلمتین (نو) جدید و (روز/ج) یوم، أي الیوم الجدید. وھو بدء موسم الربیعواستعداد الانسان للالتحام مع الارض والعمل فیھا.
وبمعنى أنَّھ في ھذا الیوم احتفل أجداد الكرد منذ آلاف السنین بھ كمھرجان سنوي یستمر لعشرةأیام لبدایة شھر ابریل/نیسان مع بدء موسم الزراعة وارتباط الانسان بالأرض. وربما یكون لھارتباط ما مع عید (أكیتو) السومري الذي یبدأ ھو أیضًا في بدایو شھر ابریل من كل عام.
ھذهالمھرجانات الشعبیة التي كان یحتفل بھا منذ السومریین وحتى الآن من قبل معظم الشعوبالقاطنة في ھذه الجغرافیا وأنھ انتشر في بعض المناطق الأخرى أیضًا. ھذه بدایة مختزلة لھذاالعید الذي تحول إلى یوم فرح وسعادة عند الأكراد وغیرھم من الشعوب وبنفس الوقت لیوم
الوعید للكرد من قبل الدول المستعمرة لأجزاء من كردستان بعد تشكل الدول على أعقاب انھیارالخلافة العثمانیة وتشكل دول المنطقة على أطلال الحرب العالمیة الأولى. وربما تكون ثمةأساطیر حول ھذا العید وھذا بیس مجالنا في ھذا المقال.
حیث تحول عید نوروز إلى مناسبة وطنیة عند الكرد بعد أن تمّ إلحاقھا بدول عدة وكان الكردفي ھذا الشھر یعبرون فیھ عن رفضھم لھذا الاحتلال بمحاولتھم استرجاع ما سُلب منھم إما عنطریق الانتفاضات أو الثورات.
ومع أن معظمھا قد تم اخماده بالقوة والعنف والمجازر، إلا أنالكرد ما زالوا مرتبطین بھذا العید على أساس الإصرار على المقاومة لنیل حقوقھم. وما حصلجراء ذلك من عنف وحشي من قبل الأنظمة كان وصمة عار علیھم بقتل الشعب الكردي بكلوحشیة. مثلما فعل صدام حسین بإلقاء الأسلحة الكیمیاویة على مدینة حلبجة والتي راح ضحیتھاأكثر من خمسة ألاف قتیل وعشرات الآلاف من المشوھین أو لنقل الأحیاء الأموات والشھود
الأحیاء على اقترفھ ذاك النظام بحق الكرد، كذلك كانت عملیات الأنفال والتي راح ضحیتھاأكثر من مائة وثمانین ألف قتیل مجھول المكان في صحارى الجنوب العراقي. كذلك تركیا التيلا تعترف بوجود الكرد بتاتًا تقوم بھ ما یعجز القلم عن كتابتھ أو الفم عن النطق بھ من وحشیةقلَّ نظیرھا في العالم بحق الكرد في شمالي كردستان (جنوب شرقي تركیا)، والمستمرة حتىالآن بكل وحشیة تندى لھا جبین الانسانیة. وسجون الاحتلال التركي شاھد على وحشیة ھذاالنظام على بربریة الترك بحق الكرد. وبالرغم من كل ما تقوم بھ الدولة التركیة إلا أن ماحصل في السجون التركیة في بدایات أعوام الثمانینات من القرن المنصرم من مقاومةالمقاومین الكرد أمثال مظلوم دوغان وكمال وفرھاد علي جیجك وغیرھم الكثیر من الذینأضرموا النار في جسدھم لیبقوا نیار نوروز متقدة تنور ظلمة السجون وظلام قلوب السجانین.
2
وھكذا تحولت السجون التركیة من مكان لكسر إرادة الكرد وتحطیم معنویاتھم إلى أكادیمیةللمقاومین والمستعدین أن یبقوا شعلة نوروز مشتعلة رغم ظلام أقبیتھ وظلم سجانیھ. وكذلك فيسوریا ما حصل في شھر آذار من قتل للكرد وزجھم في السجون من غیر رقیب أو حسیب. وماالحادثة المفتعلة في ملعب قامشلو الریاضي من قبل النظام السوري الذي حول ھذه المباراة إلىیوم قتل الكرد واعتقالھم بالعشرات والتي تحولت إلى انتفاضة شعبیة في عموم الشمال السوري.
وطبعًا ایران لیست أفضل من الآخرین فھي أیضًا أثبتت أنھا لیست أقل إجرامًا من النظمالأخرى وجعلت من أعواد المشانق تنتشي وتلعب برقاب الكرد والحبل معلق حول أعناقھم.
من جھة أخرى كان لشھر آذار تراجیدیتھ التي لم تندمل بعد وھي احتلال تركیا لعفرین والذيبدأ بترتیل سورة الفتح لاحتلال المدینة وتھجیر شعبھا وتغییر دیموغرافیتھا وتتریكھا أمام أنظارالكرد متجھة صوب عفرین على أمل تحریرھا من زبانیة العصر المرتزقة وخلیفتھم أردوغان. العالم الصامت وكأنھ یعیش بین القبور. الذكر الثانیة لاحتلال عفرین مرت وما زالت أعینما دام نوروز باقٍ فھذا یعني أن المقاومة ما زالت مستمرة حتى ولو بعد حین. لأن نوروز یعنيالیوم الجدید وكذلك یعني الإرادة والإصرار على المقاومة حتى تحقیق الحریة واعطاء الربیعرونقھ وجمالھ لیكون الربیع ربیع الشعوب كافة ولیس ربیع لشعب على حساب شعوب أخرى.