EN
تمنيتُ لو كنت أستطيع كتابة الشعر
بكل لغات العالم ..
لأقول لأخي الإنسان في أفريقيا
لأقول لأخي الإنسان في أوربا
لأقول لأخي الإنسان في آسيا
لأقول لأخي الإنسان في أمريكا
إننا جميعًا نمشي على أرض واحدة
وتظلنا سماء واحدة
وتشرق فوقنا شمس واحدة
ويضيء لنا بالليل قمر واحد ..
نحن جميعا نشرب الماء ثم نتبول ...
ونأكل الطعام
ثم نذهب إلى الخلاء لنتخلص من فضلاتنا..
نحن نحمل رؤوسا متشابهة
فلنا جميعًا رؤوس تحمل نفس التصميم
لنا عينان وأنف وشفتان
ونحن أيضًا نمشي على قدمين .
يجمعنا هذا الشيء الذي اسمه "العواطف"
نحن جميعا نبكي ونضحك .. ونحزن ونفرح
هل توجد كائنات غيرنا تبكي وتضحك
وتتذكر ..؟!
هل توجد غيرنا كائنات تشعر بالحنين إلى الماضي وتتوقع المستقبل ؟!!
علينا أن نتخلص من الماضي الشرير
الحيوانات لم تدمر الأرض لأنها بلا ذاكرة
الذاكرة لعنتنا المستمرة
يا أخي في كل مكان
آن الأوان أن ندفن الحقد والكراهية
بدلًا من أن ندفن جثث القتلى من إخوتنا أصحاب العينين والقدمين والشفتين والقامة المستقيمة!!
آن الأوان أن تكون مشاعرنا راقية وأن لا تحركنا المادة ..
آن الأوان أن نتحد جميعا لنعطف على كائنات تنتظر منا أن نعطف عليها ..
أيها الإنسان يا خليفة الله في الأرض ..
الله لو كان في الأرض لأقام العدل ..
ولكنه جعلك خليفته لتكون عادلًا ..
الله جعلك خليفته لتكون حنونا وطيبا وجميلا
فكن عادلا وطيبا وحنونا وجميلا
الله جعلك خليفته وجعل الثروات في يديك فأعط منها الفقراء
لا تقل هذا أبيض وهذا أسود !
وهذا من العالم المتقدم وهذا من العالم الثالث
وهذا عالٍ وهذا دنيء
وهذا قيمٌ وهذا تافه
وهذا غني وهذا فقير
وهذا عالم وهذا جاهل
وهذا رجل وهذه امرأة
الله خلقنا جميعا لتكتمل الدائرة
كلنا محتاجون لبعضنا
ما قيمة العلم إن لم يكن هناك جهلاء؟
ما قيمة الطبيب لولا المرضى؟
ما قيمة الموجب لولا وجود السالب؟!
بإمكاننا أن نختلف كأزهار في حديقة
ونتكامل لتكتمل اللوحة
بنا معًا تكتمل اللوحة وتبتسم الأرض
الأطفال في الثالثة والرابعة من العمر ينجذبون لبعضهم
هذه هي الفطرة
هل يمكن لنا أن نعيش كالأطفال ..؟!
هل يمكن أن نختار صراحة الشمس
وجرأة الريح
وزرقة البحر والسماء ؟!
الدم الذي في عروقنا بلا شك مصدره واحد ..
كورونا جعلنا ننتبه لهذا!!
كورونا نبهنا إلى الأب الواحد
والمصير الواحد
والدم الواحد
وإلى الله الواحد
نعم نحن نرجع لرجل قديم اسمه آدم
آدم هو أبونا جميعا ..
لكننا افترقنا وتغربنا في فجاج الأرض وشعابها
لقد كان الأنبياء من قبل يذكرون الناس
بالله والمصير المشترك ..
النبيّ الجديد هو كورونا
كورونا ليس نبيًا من البشر ...
كما كان الأنبياء من قبل ..
لكنه نبيّ من خلق الله الآخرين
الآخرون تضرروا من أفعال الإنسان..
واختاروا كورونا ليبلغنا أنهم غاضبون
جاء كورونا
في يده اليمنى رسالة إنذار..
وفي يده اليسرى مرآة نبصر فيها إلى مدى تمكن القبحُ من ملامحنا!!
كورونا فرّقنا جسديًا
حين أخبرتنا وزارات الصحة أننا يجب أن نلتزم البيوت
وأن المريض يجب أن يظل وحيدا في الحجر الصحي
وأن من يموت سيكون مشهد جنازته محزنًا جدا
لكن كورونا جمعنا في المصير الواحد..
حين جعلنا نتعاطف ونبكي من اجل الإنسان في كل مكان
ونصلي لله بكل اللغات
وكل الديانات
قولوا له :
سنكون بخير يا كورونا لأننا تعلمنا الدرس!!
أخبروه أنكم الآن ستنظرون إلى الفقراء
والمظلومين
والمقهورين
واليتامى
والمساكين
أخبروه أنكم ستلعبون مع أطفالكم قليلا بدلًا من سباق الزمن على المادة..
أخبروه أن الدخان لن يكون من البارود
لكن سيكون من أفران الخبز التي تطعم الجوعى
أخبروه أنكم ستنزعون الكراهية من النفوس ..
أخبروه أن تجارة السلاح ستنتهي
والمنازل التي هدمت سوف تُبنى
وأن الحديد سيكون فؤوسا في يد فلاحين
ومحاريث للزراعة
وأننا لن نضرب الخيول والأبقار
ولن نقتل القطط والكلاب
وأننا سنعالج أمر الاحتباس الحراري
كورونا جاء برسالة وسيعود برسالة ..
إما أن يرجع ليخبر الله أننا أصبحنا بخير
أو يرجع برؤوسنا ورئاتنا وأنفاسنا المتهدجة
ليطرحنا في ساحة كبير لنواجه غضبًا كبيرا لا نتحمله..
يا أخي الإنسان في كل مكان
لن تأكل أكثر من ملء معدتك
لن تنام على أكثر من سرير
لن تلبس أكثر مما يسترك
فكن إنسانًا ...
