ما زلنا ونحن في خضم أھوال المصائب والأمراض المنتشرة كالوباء تضرب في نفسیة وسیكولوجیة الإنسان حتى بات یبحث عن حلول للخروج مما ھو فیھ، وتبقى ھذه الحلول رھینة عقلیتنا المرتبطة بالماضي اكثر ما ھي باحثة في المستقبل.
التأرجح ما بین الماضي والمستقبل لرسم ملامح الحاضر یحمل في جنباته الكثير من التردد أحیانا والتشتت في الكثیر من الأوقات. القدر، الذي یحتل الكثیر من مخیلتنا وشخصیتنا لھ دور كبیر في التأثیر على ما نفكر فیھ على الأقل لإراحة الضمیر ونقنع أنفسنا بذلك نتیجة حالة الصراع النفسي الملازمة لنا منذ نشأتنا والتيتحدد أسلوبحیاتنا وتعاملاتنا مع الآخر.
التنین وما رافقھا من شلل للحیاة العامة في عدد من الدول التي ضربھا ھذاالإعصار، إثبات على أن البنیة التحتیة وحتى الفوقیة لیست مستعدة لمثل ھكذاأعاصیر أو كوارث أن ضربت منطقتنا. وھذا یثبت أن ما تفكر وتعمل علیھ النظمالسیاسیة الحاكمة لم تفكر بما ستفعلھ إن حلت مثل ھكذا أعاصیر. حتى مشاریعالبنیة التحتیة التي ربما تم صرف الكثیر من الأموال لتھیئتھا، ویبقى الفساد ھو سیدالموقف في النھایة.
كورونا، الفیروس الذي یضرب عدد من الدول وانتشر كالھشیم في النار فيجغرافیا واسعة اكثر بكثیر مما كان متوقعا، ھو ما جعل الكثیر من الدول تبقىعاجزة عن محاربة ھذا الفیروس. والتدابیر المتخذة حتى الآن لم تتعدَ الإجراءاتالاحترازيةللحد من انتشاره ولیس للقضاء علیھ. كثیرة ھي الاتھامات التي یتمتوجیھھا لھذا الطرف أو ذاك ولتستمر السجالات السیاسیة فیما بین القوى المھیمنةمتھمة كل واحدة الأخرى منھا مع الحفاظ على شعرة معاویة. الھالة الإعلامیة التيتصاحب ھذا الفیروس اعتقد انھا مضحكة بما فیھ الكفایة لنشر المزید من الخوف
بین المجتمعات والبشر منتظرة الدولة المخلصة (المخلص، المھدي المنتظر)،لاكتشاف الدواء الذي سیقضي أو سیحد من انتشار الفیروس وبذلك تكون نھایةمسرحیة كورونا قد اقتربت من نھایتھا على طریقة الافلام الھولیودیة.
ھذه الأفلامالتي تنشر من خلال صورھا ثقافة الغرب المنتصر دائما والذي یحضر في آخرلحظة لینقذ البشر من الفناء ویكون ھو البطل ویذھب الممثلون الآخرون بالتصفیقلھ وعلى نجاحھ.
الان نحن تقریبا نقترب من نھایة فیلم كورونا وننتظر أن یظھر ذاك الأمريكي ذوالشعر الأشقر والعیون الزرقاء والجسم العضلي لیخبر العالم عن اكتشافھ للمصلالمضاد لفیروس كورونا، ونذھب نحن البسطاء لنصفق بكل قوة ونحمد الله علىذلك، وتبقى تحت رحمة الغربي الذي بیده یحیي ویمیت بالوباء الذي صنعھ ونشرهوقضى علیھ في النھایة، حینما وصل لما یریده ویبتغیھ. وإن كانت مصالحھومطامعھ مختلفھ عما نفكر بھ وفیھ.
النظم الحاكمة في المنطقة والتي ھي آیلة للسقوط منذ فترة ھي نفسھا الأنظمة التيكانت یوما ما تدعي الممانعة والمقاومة للقضاء على العدو التاریخي للقومیة والدینوانھم سیرمون ھذا العدو في البحر في نھایة المطاف. عقود من الزمن تقول لناالأنظمة الكثیر من الوعود لتحقیق الحیاة الكریمة في ظل حكم الأمة العربیةوالإسلامیة الواحدة، التي لا یمكن لاي كائن أن یعبث بھذه الثنائیة المقدسة (الدینوالوطن)، حتى تحولت لطابو لا یمكن حتى النقاش حول ماھیتھا وحقیقتھا الوجودیةوالزمكانیة في التاریخ والجغرافیا.
عقد من الأزمات عصفت بالمنطقة لنرى مدىالخداع الذي كنا فیھ نعیش. فلا الدین ولا القومویة اشفعت لشعوب المنطقة لتخلصھا
من قاتل راح یقتل بالبشر تحت مسمى الدین مثلما فعل ویفعل إردوغان في سوریاولیبیا والعراق وقبرص وكذلك استثماره باللاجئین على أبواب أوروبا.
كورونا، النظم المستبدة، إردوغان، كثیرة ھي مصائبنا التي ابتلینا بھا وما زلنانعاني الأزمات جراء ما كنا نثق بھ والذین تحولوا إلى مجرد تجار وسماسرة للدینوالوطن والقومویة، تجار لا یھمھم سوى الربح الأعظمي ولتذھب الشعوب للجحیم.
انھ الجھل الذي ما زلنا نعاني تداعیاتھ وھزاتھ التي ضربت أعماقنا ومقدساتنا التيكنا نؤمن بھا یوما ما.
الوعي والوعي ثم الوعي ربما یكون دواء لداء الجھل الذي أصابنا. والوعيالمجتمعي ربما یكون الخطوة الأولى للخروج من حالة الجھل والجاھلیة الثانیة التينعیشھا. حیث خرجنا من الجاھلیة الأولى منتصرین برسالة سیدنا محمد (ص)،والجاھلیة الثانیة للخروج منھا یلزمنا الكثیر مما نقوم بھ. ثورة ذھنیة ربما تكونالسبب في أن نبقى منظمین اكثر للوصول لبناء المجتمع والإنسان الحر.