الإسراء والمعراج.. تمر علينا هذه الذكرى الطيبة كل عام حادثة الإسراء والمعراج والتي هي واحدة من المعجزات العظيمة لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- والتي ذكرها ربنا في القرآن الكريم.
وتعد رحلة الإسراء رحلة عظيمة أكرم الله -تعالى- بها نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس بفلسطين، أما المعراج هو ما أعقب رحلة الإسراء من الصعود بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى طبقات السماوات العليا.
الإسراء والمعراج جاءت الحكمة منها بعدما سدّ أهل الأرض الأبواب أمام دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتُبيِّن لهم أن الآفاق مفتوحة أمام الدعوة، وأن الله -تعالى- سينصر نبيّه، بالإضافة إلى مؤانسة الله -تعالى- لنبيّه وتعويضه بعدما نالت قريش منه بعد عام الحزن الذي توفّيت فيه زوجته خديجة وعمّه أبو طالب الذي كان يدافع عنه ضد قريش، وبعد الأذى الذي تلقّاه من أهل الطائف عند هجرته إليهم.
ذكر القرآن الكريم الإسراء والمعراج ولخص الرحلة في آية واحدة سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى ومن الأمور التي رآها رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج المَلَكْ جبريل -عليه السلام- في صورته التي خلقه الله عليها، وهي خلقة عظيمة، وآية من آيات الله، فهو مخلوق عظيم له ستمائة جناح، كل جناح منها حجمه مدّ البصر، وقد رآه النبي مرتين على صورته الحقيقة، حيث رآه في الأفق الأعلى، وعند سدرة المنتهى، والمقصود هنا أن الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو جبريل عليه السلام، لكن ظَنَّ البعض أنه رأى ربه في رحلة المعراج، والصواب أنه لم يره، ودليل ذلك قول عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلَّت عن ذلك قالت: أنه لم ير ربه، وقرأت قول الله تعالى: (لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ)، يعني: لا نرى الله في الدنيا، أما في الآخرة فسوف يراه النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون يوم الحساب
نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند بيت المقدس، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد، ثم عرج به في صحبة جبريل - عليه السلام - وفي السماء الدنيا، التقى بآدم عليه السلام، وتبادلاالسلام والتحيّة، ثم دعا آدم لهبخيرٍ،وقد رآه النبي – صلى الله عليه وسلم – جالسًا وعن يمينه وشماله أرواح ذريته، فإذا التفت عن يمينه ضحك، وإذا التفت عن شماله بكى، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم-جبريل عن الذي رآه، فذكر له أن أولئك الذين كانوا عن يمينه هم أهل الجنّة من ذريته، فيسعد برؤيتهم، والذين عن شماله هم أهل النار، فيحزن لرؤيتهم ثم صعد السماء الثانية ليلتقي عيسى ويحيى عليهما السلام، فاستقبلهأحسن استقبال، وقالا: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح"، وفي السماء الثالثة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أخاه يوسف - عليه السلام - وسلم عليه، وقد وصفه - عليه الصلاة والسلام- بقوله: أنه أُعطي شِطر الحسن)؛ رواه مسلم ثم التقى بأخيه إدريس- عليه السلام - في السماء الرابعة، وبعده هارون- عليه السلام- في السماء الخامسة.
و صعد جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء السادسة لرؤية أخيه موسى- عليه السلام- وبعد السلام عليه بكى موسى، فقيل له: "ما يبكيك؟"، فقال: "أبكي؛ لأن غلامًا بُعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي"، ثم كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم - عليه السلام - في السماء السابعة؛ حيث رآه مُسنِدًا ظهره إلى البيت المعمور - كعبة أهل السماء - الذي يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة لايعودون إليه أبدًا، وهناك استقبل إبراهيم - عليه السلام - محمد ودعا له ثم قال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ (رواه الترمذي).
البيت المعمور البيت المعمور: وهو بيت يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودوا إليه أبدًا، وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء صعوده إلى السماء برفقة جبريل -عليه السلام- رأى البيت المعمور، حيث قال: (فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ ، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج نهر الكوثر الذي خصّه الله به وأكرمه به، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ)
اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج على بعض أحوال الذين يعذّبون في نار جهنم، ورأى أصناف كثيرة منها الصنف الأول: الذين يخوضون في أعراض المسلمين، ويقعون في الغيبة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ)
الصنف الثاني: الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ) الصنف الثالث: الذين يأكلون الربا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الرِّبا)
ورأى النبي شجرة الزَّقوم التي وصفها الله تعالى بقوله: ﴿ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ﴾ [الإسراء: 60]، ورأى مالكًا خازن النار، ورأى المرأة المؤمنة التي كانت تمشط شعر ابنة فرعون، ورفضت أن تكفر بالله، فأحرقها فرعون بالنار، ورأى الدجّال على صورته، أجعد الشعر، أعور العين، عظيم الجثَّة، أحمر البشرة، مكتوب بين عينيه كافر.
اقرأ أيضًا: