وما زال العالم مشغول بحكاية الانتهاء من داعش منذ مارس من العام المنصرم والتي كانت مدينة الباغوز تُعد آخر جيوبه التياختبأ فيها واستسلم بعد أن لم يبق لهم أي حيلة للاستسلام لقوات سورياالديمقراطية، التي أبدت تضحية منقطعة النظير في تصديها لهذا الميكروب والجرثوموالذي أصاب الكثير ممن كانت بنيتهم الفكرية هشَّة وضعيفة والآن يتم اعتقالفيروسات داعش ضمن معتقلات وسجون وعديدهم بالآلاف هم وعوائلهم ومن الكثير منالجنسيات التي توجهت لسوريا بمعية ودعم مباشر من أردوغان.
ونحن لم نزل ننفض عنا غبار فيروس داعش طلَّعلينا فيروس آخر من أقاصي المشرق من الصين لتعلن عن تفشي فيروس آخر تم تسميتهكورونا، ليقضي على المئات من الناس ويصيب الآلاف في الكثير من الدول حول العالم. ملفتللانتباه ظهور مثل هذه الفيروسات بهذه السرعة وانتشارها على بقعة جغرافية ليستبصغيرة لتنشر الرعب والهلع بين عموم البشر أينما كانوا.
كورونا الذي قيل عنه الكثير في وقت قصير وعنأساليب انتشاره بهذه السرعة ويصيب كل من كانت بنيته الجسدية ضعيفة، وليحول مدنابأكملها لمدن أشباح تُجبر الجميع اتخاذ التدابير منه، وحتى أنه تم فرض الكثير من
حالات الامتثال والبقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورات القصوى، منعًالانتقال أو انتشار العدوى بين الناس. وما زال العالم يحارب هذا الفيروس الخبيثللقضاء عليه. والكل يدعوا للشعب الصيني بالصبر للشفاء العاجل منه. والقضاء عليه فينفس الجغرافيا التي ظهر فيها لعدم انتشاره أكثر.
عدم انتشاره أكثر لأن شعوب مشرق المتوسط قدابتلت بفيروس أخطر بعشرات المرات من فيروس كورونا الذي يمكن احتوائه وإن كان بقليلمن القرابين له. الفيروس الذي ابتلي به مشرق المتوسط والشمال الأفريقيلعُمري هوأكثر فتكًا من الكثير من الفيروسات التي ظهرت واختفت فجأة. إنه فيروس اسمه أردوغانالذي منذ أكثر من عقدين انتشر كالنار في الهشيم في الكثير ممن لديهم بنية فكرية هشَّةوجسدية وضعيفةمتأسلمة. العامل الوحيد الذي يجمعهم هو البنية غير الأخلاقيةللإخوانالمسلمين الذين كانوا وما زالوا يُعتبرون الأرضية الخصبة لظهور مثل هكذا فيروساتبعيدًا عن الزمكان، ويتشاركون نفس المنطق الثورجعية لخداع البسطاء (القطيع) منالناس على أنهم من سيرسلهم للفردوس المفقود غير الموجود سوى في أوهامهم.
ثمة الكثير من أتهم جهات بعينها لصناعة فيروسداعش ونشره في مشرق وجنوب المتوسط ليقتل البشر ويحرق الشجر ويهدم الحجر وفيالنهاية خلق مجتمع مسخ كوجوههم عفى الزمن عليها وأكل. يسعون استجلاب الماضي بلغةوكلمات المستقبل بعد تزيينها بألف مصطلح ومصطلح، لتبقى نيتهم في أحسن مستواها هيأن يكون أردوغان خليفتهم، فما بالك بالقطيع الذي يسير أو سيسير خلفهم. نعم ربماتكون ثمة جهة عملت على صناعة داعش كي تستخدمها من أجل مطامعها ومصالحها لزيادةسلطتها وسيطرتها على المنطقة.
كذلك ثمة البعض يتهم نفس الجهة على أنها منقامت بصناعة فيروس كورونا في المختبرات لتنشره في أقصى المشرق لإشغاله به وتهديدهبوباء داخلي، بعد إضفاء الصيغة الربانية عليه ليردد أصحاب اللُحى والعمائم أنه
عقاب رباني على ما صنعت أيدي الصينيينبحق المسلمين.
هي هي العقلية لا تختلف البتة إن انتشر فيروسداعش نرى هذا القطيع يسير وراء أردوغان ويدعون له بالنصر ويقرأون سورة الفتح في كلغزوة يقوم بها. وكذلك يصفون كورونا بأنه من جنود الله الذي سلطهم على الظالمين.
يعني أنهم نفس القطيع يسيرون خلف سراب وأوهام من العيش الماضوي العفن للوصولللفردوس المفقود والمجهول.
داعش وكورونا وأردوغان هم فيروسات أصابتمنطقة المشرقين المتوسط والأقصى وما زالت الحرب على هذه الفيروسات مستمرة رغم أنهتم القضاء على أحد هذه الفيروسات وهو داعش. إلا أن ما بقي من الفيروسات هم أخطروهم أصلاء بعد أن تم القضاء على الوكلاء. وكلنا أمل وثقة في أنه كيف أن قوات سورياالديمقراطية قد قضت على داعش والآن الشعب السوري برمته يحارب الجيش التركيومرتزقته على الجغرافيا السورية إن كان في إدلب أو الشهباء أو سري كانيه/ رأسالعين، كذلك نثق بالشعب الصيني أنه قادر على القضاء على فيروس كورونا في أقرب وقتوبذلك تتخلص المجتمعات في هذه الفيروسات الخطيرة على البشرية.
طبعًا لا يمكن أن ننسى تضحيات الشعب الليبيومن يقدمون الدعم لهم الذين يسطرون ملاحم البطولة والشجاعة أمام مرتزقة أردوغان منالفيروسات التي تم جلبها من سوريا ليزج بها في المستنقع الليبي.
القاسم المشترك الوحيد بين هذه الفيروسات ومنصنعها هي نشر حالة من اليأس من الحياة والتخبط بأولوياتها وهي بالمحصلة من نتائجالقوى المهيمنة غير الأخلاقية التي تسعى للربح الأعظمي ولو كان على حساب الشعوبوالمجتمعات. والحل البديل لذلك هو الإصرار على بناء المجتمع الأخلاقي الذي تكوندعامته أخوة الشعوب والتعايش المشترك وبناء الأمة الديمقراطية. حتى يكون بالمستطاعالقضاء على البنية الفكرية والأرضية الخصبة الهشَّة لظهور مثل هذه الفيروسات التيتعتمد التفرقة الأثنية والطائفية لانتشارها.