لا يمكن تعليم الأطفال دون العاشرة قضايا الديمقراطية والحفاظ على البيئة وثقافة السلام والاهتمام بالاسرة ووقف التسلح ومقاومة سيطرة رجال الأعمال على الساسة والشعوب ؟
- سيرك متنقل عائلى من أربعة أفراد وصديق ، درس الأب المسرح وعزف البيانو والساكسفون ، واصطحبهما معه فى عربتين خشبيتين ، بنتهما الزوجة وطرزت الأقمشة والستائر، العربتان تجرهما الخيول ، ويضيئهما مولد يستخدم الطاقة الشمسية السيرك مر بارياف عدة دول اوربية ، يتحرك كل عدة أيام ، وتمنح البلديات أصحابه المأوى فى فصل الشتاء القارس أما الجمهور فهم أطفال ريفيون يجيئون فى صحبة الأهل ، ويشارك بعضهم فى العرض الذى فاز فيلم تسجيلى عنه بجائزة فى مهرجان دولى ، وصدر بشأنه كتاب أنيق مصور
- يبدأ المسرح برجل يسير فوق عصيان خشبية ، يتعالى ويظهر سطوته وذاته المتضخمة ويحرك طفلا متبلدآ كدمية بخيوط ، يتحكم فى توجيهها ، ليحول الطفل الى آلة لاتحس ولا تنفعل ، تعيش دون روح لتنفذ ما يراد لها ، حتى يجىء طفل آخر فى غيبة الديكتاتور ، يحدث الضحية ، ويبث فيه الأمل والانتعاش ، الا أن السلطة العائدة تخمد الصحوة فى مهدها وتتمالك الموقف حتى يتحول المحكوم الى عالة على الحاكم ، ويكون البؤس والفشل مصير الاثنين
- نفس الذات المتضخمة هى من تدفع شابا فى فصل لاحق ليتفنن فى مغازلة شابة ، ويستعرض عضلاته وملكاته وحيله لينال اعجابها بأى شكل ، ليرضى غروره ، ويحبط الشك فى نفسه بفريسة مخدوعة ولو الى حين ، ولكن الأمر ينتهى به بجسد أنهكته الرياضة ، وعقل انشغل بالمظاهر والتآمر ، وطاقة مهدرة ، ونفس وحيدة خائبة ، تسكنها الظنون ، وتفتقر للصدق ، وكرامة أهدرها بهلوان عاجز عن تحقيق قناعة نفس وسكينة ، تتطلب رجولة حقة نظيفة وتناغمآ مع الذات والحياة وعلاقات صادقة مستقرة
يستمر العرض ليصبح الشاب رجلا بالغآ يسعى للسيطرة على الطبيعة باقتلاع الأشجاروقتل الحيوان وتلويث البيئة بالمصانع والمخلفات ، لتنقلب عليه الطبيعة بالفيضانات والزلازل والكوارث ، تعاقبه على تغليب مصالحه الضيقة وقصر النظر ، وتفسد عليه أمنه واستقراره ، وليدفع ثمن جبروته وجشعه وجهله
انه نفس البالغ المتهافت على المادة المكتسب من صناعة السلاح والتربح السهل والوجبات السريعة المفسدة للصحة ، والذى يحتج عليه الأطفال و الأبرياء بملأ العالم بالورود والأشجار والتعايش مع الحيوان والرفق به والحفاظ على البيئة وحب الحياة وخلق الجمال والابداع واشاعة الحب والفرح والتلقائية
- ينتقل العرض ليظهر البالغ المعاصر فى أسرته مشغولا طول الوقت بهواتفه ومصالحه وعلاقاته والآلة الحاسبة والتلفاز ، فيبدو كمؤدى لايعيش اللحظة ، ولا يدرك المشاعر العميقة ، ولايمتلك نظرة شاملة ، لايتمتع بحق ، ولا يهتم بأسرته وباطفاله المشغولين بدورهم بالعاب اليكترونية تعلم القتل والقسوة ،انه لاهث هالك ، ووحيد مضطرب ، وقلق بلا نهاية ،فيمضى به العمر وكأنه لم يعشه حتى تنفذ موارده ويمرض جسمه
- تأملت العرض بعد نهايته فوجدته القى فى وعى أو لاوعى الطفل كيفية التعامل مع أهم ماسيواجهه فى حياته, طفلا وشابا وبالغا مع النفس والآخر و الطبيعة والاسرة والمال ونظام الحكم وتذكرت ان بطله أعلن فى المقدمة أنه وزوجته جابا بقاع الأرض ، وتركا حياة المدينة والرفاهية ، ليبلغا الدروس للاطفال ، فتلقوها بمرح وتسلية لقاء مبلغ زهيد
- الزوجان يعيشان حياة متقشفة لنقل رسالة عجز اغلب البالغين المعاصرين عن فهمها كاملة فى الوقت المناسب ، فاعادوا انتاج الاخطاء ، وشاعت الحروب والكوارث والانانية والخديعة والشقاء والامراض النفسية والجسدية والوحدة والمخاوف فى عالم مضطرب وغير عادل الأبوان حرصا على تعليم أبنائهما بنفسهما وبنظام الانتساب والمراسلة ، فتخرج احدهم طبيبآ ، والتحق ثان بالتعليم الجامعى ، ويشارك طفلاهما الآخران فى العرض مع الأبوين الزوجة ابنة رجل أعمال واسرة ثرية ، هجرت الرفاهية والحياة المصطنعة لتخدم البشرية بدءآ باطفال الريف
ويتمتع الزوجان بصداقات قلبية وباحترام صادق أينما حلا ، فالتقدير للرسالة يفتح القلوب والعقول ، ويحيطهما بالعرفان والتعاون
- تذكرت فى بلدنا حكايات الأراجوز التى تنتهى برجل يتحكم فى زوجته الثائرة بالعصا ،
وببعض ماتقدمه برامج أطفال ، تتعامل معهم كما لو كانوا عاجزين عن الادراك لصغر السن ، شعرت أنه بالامكان تعليم الأطفال بأكثر مما نتصور ، وأن المهارة الحقة تتجلى فى احترام الطفل والايمان بقدراته وتبسيط العرض لا المغزى