مصير الحيوانات يوم القيامة.. سؤال يتردد على أذهان البعض، وأجابت عنه دار الإفتاء المصرية، عبر فيديو البث المباشر على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعى «فيسبوك».
وقال الدكتور محمد عبد السميع، إنه ورد في بعض الآثار أن الله – سبحانه وتعالى- يحيي الحيوانات يوم القيامة ويقتص للجماء من القرناء.
وأضاف « عبد السميع» أن الله – سبحانه وتعالى- يحاسب من يعدى من الحيوانات على الآخر؛ فيحاسب شاة قرناء ضربت أختها التى دون قرون على سبيل المثال.
واستشهد أمين الفتوى بما روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : « يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ »، رواه أحمد.
واستدل أيضاً بقوله – تعالى-: «وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ»، ( سورة الأنعام: الآية 38).
وذكر أيضاً أن من الأدلة التي تصدق على ذلك قوله - تعالى-: «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا»، ( سورة الإسراء: الآية 44).
وفي ذات السياق، أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الإيمان بالحشر هو المرحلة التي تلي مرحلة البعث من مراحل يوم القيامة، والحشر هو«سوق الخلائق» جميعاً إلى الموقف أو إلى المكان الذي يقفون فيه؛ انتظارا للحكم عليهم والقضاء بينهم.
وأوضح « الطيب»، خلال برنامج "الإمام الطيب"أنه جاء ذكره في القرآن الكريم: {يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير}، وأيضا قوله تعالى: {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}، وقوله سبحانه: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}، وكذلك قول النبي ﷺ: «إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا: {كما بدأنا أول خلقٍ نعيده}، وإن أول الخلائق يكتسى يوم القيامة إبراهيم الخليل».
وواصل: أن الأدلة التي ذكرتفي الحلقات السابقة للبرنامج تثبت البعث بشكل عام كلها يمكن كذلك أن تنطبق على المراحل التي نذكرها اليوم، وبقية المراحل التي تسبق دخول الناس الجنة أو النار، لأن هذه المرحلة كلها مرحلة واحدة من إحياء الناس في قبورهم إلى دخول الناس الجنة أو النار.
واستكمل: وكلها دلائل سمعية تدل على الحساب بشكل عام، وإثبات حقائق هذا اليوم الآخر بكل أحداثه ومراحله، وأن العقل في هذه المسألة يعتمد على ما جاء في النقل حيث لا يملك هنا الأدوات التي تمكنه من الحكم في هذه المسائل، لا إثباتا ولا نفيا، والعقل يعمل هنا في نطاق مبدأين هما عدم اجتماع النقيضين، والثاني لابد لكل معلول من علة أو ما يسمى بمبدأ «السببية».
وأفاد أن الحشر يعني «سوق الخلائق» إلى الحساب، حيث يحشر الله الخلائق جميعا ويسوقهم إلى الجنة أو إلى النار: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}، ولا يعلم أحد من الناس مكان الحشر؛ ولكن هناك من قالوا إنهم اعتمدوا على أحاديث آحاد وقالوا إن أرض المحشر ستكون في الشام، وأحاديث الآحاد في باب العقائد تفيد الظن فقط ولا تفيد العلم اليقيني.
وأبان شيخ الأزهر أنه من هول هذا اليوم سيكون الناس في كرب شديد، يقول الحق تبارك وتعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ عما أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارىٰ وما هم بسكارىٰ ولٰكن عذاب الله شديد}، ويقال لكل إنسان {اقرأ كتابك كفىٰ بنفسك اليوم عليك حسيبا}، وليس معنى ذلك أن يقنط الناس من رحمة الله فالله رحيم بعباده.
وأردف: وكذا فإن هناك الشفاعة الكبرى وهي شفاعته ﷺ في الحشر يوم القيامة، حيث يشتد البلاء على الناس، ويشق عليهم الانتظار، ويذهبون إلى الأنبياء يستشفعون بهم عند الله لكي يصرفهم عن هذا الموقف الصعب، ويقضي بينهم ليستريحوا من الكرب ومن العناء، وكل نبي من الأنبياء يعتذر ويتراجع حياء وخجلا من الله، ثم يذهبون إلى النبي ﷺ؛ فيشفع لهم، ويقبل الله شفاعته في الخلق، ويصرفهم عن هذا الموقف، هذه الشفاعة ليست خاصة بأمة النبي ﷺ وحدها، وإنما هي شفاعة عامة يصرف الله بها الكرب عن أهل الموقف جميعا، لا فرق بين مؤمنهم وكافرهم؛ ولذا سميت: الشفاعة الكبرى.
وأشار إلى أن الإنس سيحشر مع الجن ويرون بعضهم، بدليل قول الله تعالى: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}، فكل المخلوقات ستحشر معا في هذا اليوم، وفي هذا اليوم يقتص الخلق من بعضهم حيث يقول رسولنا الكريم ﷺ: «يقتص الخلق بعضهم من بعضٍ، حتى الجماء من القرناء»، والجماء هي الشاة التي لا قرون لها، أما القرناء فهي التي لها قرون، وهذا أمر لو تعلمون عجيب، فحتى الحيوانات التي ينظر إليها الناس على أنها ليست مكلفة سيحاسبها الله يوم القيامة، فما بالنا بالظلم والظالمين الذين ينسون هذا اليوم، سوف يحشر الجميع ويصير هذا العالم ترابا، ولن يفلت في هذا الكون شيء من الرصد الإلهي {إن ربك لبالمرصاد}، ولن يفلت أحد من المحاكمة بين يدي العدل الحكيم.
وجدير بالذكر أن القرآنالكريم احتوى على كثير من الأخبار والأذكار منها ما كان عن الماضي أي قبل البعثة وبالتحديد عن الأقوام السابقة ومنها ما ذكر في وقت البعثة الشريفة ومنها ما سوف يحدث وهو علم الغيبيات سواء كان يخص البشر أو الظواهر الكونية.
وعندما كان يسأل الرسول الكريم عن تفسير لهذا الجزء من التنزيل يقول -صلى الله عليه وسلم-: سيأتي تأويلها فيما بعد أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتحدث القرآن الكريم البشر صالحهم وسيئهم، كماذكر الحيوانات بما فيها الحشرات صالحها و(طالحها)، وذكرت الحيوانات في القرآن الكريم لارتباطها الوثيق بالإنسان صاحب الأهلية بحمل الأمانة وهذه الأمانة هي خلافة الله و رسله في الأرض بإقامة العدل الذي جاء به شرعه -عز وجل-.
وذكرت الحيوانات في القرآن الكريم في مواضع عدة إما تبياناً لتحريم (كالخنزير) أو لوصف خلق ذميم لبعض البشر (كالحمار والكلب والغراب) أو للتفكر في آيات الخلق (كالإبل والبعوض و الذباب والعنكبوت) أو لتشريف هذه الحيوانات (كالخيل).
وهناك سور سميت بأسماء بعض الحيوانات التي ذكرت فيها وهي: البقرة والنمل والعنكبوت والنحل والفيل والأنعام، حيث الأخيرة هي السورة الوحيدة التي فصلت الأزواج الثمانية للأنعام وذكرتها بالإسم وهي (الإبل والبقروالضأن والماعزذكرهاوأنثاها).
وذكر القرآن الكريم حيوانات على سبيل العموم مثل الدابة(14 مرة) والدواب(4 مرات) (سواء يعني بها جميع المخلوقات بما فيها الإنسان لأنه مما يدب على هذه الأرض أو فقط الحيوانات أو دابة الأرض ويقصد بها الأرضة وهي حشرات مشهورة بقضم الأشجار والخشب وأيضاً دابة آخر الزمان التي تظهر كعلامة من علامات يوم القيامة) والطير(34 مرة ) وطائر (5 مرات) (بما فيها طيور الأبابيل وطير إبراهيم وطير عيسى وما يطير من الملائكة) والجوارح (مرة واحدة) (سواء حيوانات دابة مثل الكلاب أو طيور مثل الصقور).
وورد ذكر كلمة (السبع ) في القرآن لتدل على الجوارح من الحيوانات مثل الأسد والنمر والذئب والكلب الضال(السلق) والضبع وغيرها، والأنعام(التي تشمل الإبل والبقر والضان والمعز) وذكر لفظ (أنعام)32 مرة وتكرر لفظ أنعام في سورة الأنعام 4 مرات للتذكير أن الأنعام من الحيوانات أربعة وأكثر السور ذكراً للحيوانات هي الأعراف فقد تحدثت عن عشرة أصناف محددة من الحيوانات وهي :الإبل والبقر و الثعبان والجراد والسمك و طائر السلوى والضفادع والقمل والقردة والكلب وذكر القرآن بعض أجزاء من الحيوانات في آيات مختلفة من القرآن الكريم مثل: الخرطوم (للفيل) والحوايا(الأمعاء) والفرث(الكرش) والجناحين (للطائر) وأربع(الأرجل الرباعية للحيوانات) والبطن (وسيلة الحركة للزواحف) وذكر بعض المنتجات الحيوانية المهمة للغذاء البشري مثل: البيض المكنون( أي المرقود عليه) والعسل واللبن والأوبار والجلود والأصواف واللحوم والشحوم.
كما ذكر القرآن الكريم 27 صنفاً من الحيوانات وكانت الثدييات أكثر ذكراً وتضم 12 نوعاً: أربعة من الأنعام المجترة وثلاثة من الجوارح (الأسد والكلب والذئب) واثنين من المسخ (القرد والخنزير) وأربعة من الركوبة (وهي الخيل والبغال والحمير والفيلة) تلاها الحشرات وتضمنت 8 أنواع ثم الطيور (3 أنواع) ثم نوع واحد لكل من الأسماك والزواحف والبرمائيات.