الأحق بالإمامة في الصلاة بالترتيب ..اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ هُوَ الأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ أَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَفْضَلُهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أفقههم إِذَا كَانَتْ لَهُ حَالٌ حَسَنَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ قَارِئًا.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَقَالَ أَصْحَابُ الظَّاهِرِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَكْبَرُهُمْ وَمَعْنَى الْخِلَافِ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَقِيهًا عَالِمًا وَيَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُقِيمُ بِهِ صَلَاتَهُ وَلَا يَقْرَؤُهُ كُلَّهُ وَيَكُونُ الْآخَرُ قَارِئًا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ حَسَنَ التِّلَاوَةِ وَيَعْلَمُ إقَامَةَ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِهَا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَفْقَهُ فِي أَحْكَامِهَا وَلَا يَعْلَمُ دَقَائِقَ أَحْكَامِ السَّهْوِ فِيهَا فَيَكُونُ أَحَقُّهُمَا الْفَقِيهَ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَالٌ حَسَنَةٌ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ لَمَّا كَانَ أَعْلَمَ الصَّحَابَةِ وَأَفْضَلَهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ أُبَيُّ أَقْرَؤُنَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي تَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ وَالصَّلَاةُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطْرَأَ فِيهَا عَلَى الْإِمَامِ مَا لَا يَعْلَمُ حُكْمَهُ الْقَارِئُ فَيُفْسِدُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ الْفَقِيهُ.
قال ابن قدامة في المغنى: ويؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى لا خلاف في التقديم بالقراءة والفقه على غيرهما، واختلف في أيهما يقدم على صاحبه؟ فمذهب الإمام أحمد بن حنبل تقديم القارئ، وبهذا قال ابن سيرين، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة، لأنه قد ينوبه في الصلاة ما لا يدري ما يفعل فيه إلا بالفقه، فيكون أولى، كالإمامة الكبرى والحكم. ولنا ما روى أوس بن ضمرة، عن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا. أو قال: "سلما"، وروى أبو سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اجتمع ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم. رواهما مسلم.
وفي المهذب للشيرازي الشافعي: وإن زاد أحدهما في الفقه وزاد الآخر في القراءة فالأفقه أولى،لأنه ربما حدث في الصلاة حادثة يحتاج إلى الاجتهاد.
من الأحق بالإمامة؟
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية،أن حفظ القرآن الكريم كاملًا ليس شرطًا لإمامة المصلين، وإنما يُشترط فيمن يؤم الناس أن يكون حافظًا لقدر من القرآن لصحة الصلاة، وأن يُحسن قراءة ذلك المقدار من القرآن وعنده ما يلزم معرفته من الأحكام الفقهية المتعلقة بالصَّلاة، فإن توفر ذلك فيمن وكَّله الإمام بالصلاة فلا حرج في ذلك حتى وإن لم يكن حافظًا للقرآن كله، وإن لم تتوفر فيؤم المصلين أقرؤهم لكتاب الله تعالى كما ورد في الحديث المذكور.
واستدل بما روي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» (أخرجه مسلم).
اقرأ أيضًا:
https://www.elbalad.news/2363891