قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن ذكر الله سبحانه وتعالى بالاسم المفرد دون تكوين جملة مثل «الله الله» لا شيء فيه، ولا دليل على حرمته، بل جاء الدليل على مشروعيته.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: «هل يجوز أن نذكر الله باسم مفرد من أسمائه فقط، دون أن نكون جملـة بمعنى أن نقول: «الله الله» أو «الرحمن الرحمن»؟»، أن ذكر الله سبحانه وتعالى بالاسم المفرد لا شيء فيه، ولا دليل على حرمته، بل جاء الدليل على مشروعيته.
ونبّه إلى أن المخـالف قد يعترض على ذكر الله سبحانه وتعالى باسمه المفرد لأسباب منها، أن يقوله إنه غير مأثور عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، مشيرًا إلى جواز إنشاء الذكر حتى في الصلاة.
واستدل بما روى الحـافظ ابن حجر حديث رفاعة بن رافع الزرقي، قال : كنا يوما نصلى وراء النبي -صلي الله عليه وسلم- فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده »، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمـد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلمـا انصرف، قال: «من المتكلم؟ »،قال: أنا، قال: «رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها، أيهم يكتبها أول »، وعقبه بقوله : «واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور». فإن كان هذا الحال في إنشاء ذكر غير مأثور في الصلاة، فالأمر خارج الصلاة أوسع من باب أولى.
وأضاف أنه قد يكون الاعتراض أن ذكر الله باسمه المفرد ليس فيه معنى التعظيم، ولابد من إتمام جملة مفيدة حتى يفيد معنى التعظيم، والجواب أن ذكر اسم الله مفردًا فيه معنى التعظيم، وهذا ما فهمه العلماء، وهو ما قرره الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- في مسألة هل يحدث الشروع في الصلاة بمجرد ذكر اسم الله المفرد «الله».
وتابع: فقد ذكر صاحب البدائع ما نصه : «ولأبي حنيفة أن النص معلول بمعنى التعظيم, وأنه يحصل بالاسم المجرد, والدليل عليه أنه يصير شارعا بقوله : لا إله إلا الله, والشروع إنما يحصل بقوله : «الله» لا بالنفي»، فالإمام أبو حنيفة يرى أن اسم الله المجرد «الله» يحصل به التعظيم بغير اشتراط كونه في جملة مفيدة.
وأشار «المُفتي الأسبق» إلى أن هذا رد على المخالف إذا زعم أنه غير مأثور، أو زعم أنه لا يحصل منه معنى التعظيم، وبالإضافة إلى هذه الردود فقد وردت نصوص في القرآن والسنة تفيد جواز قول : «الله» هكذا مفردة، وذكر اسم الله، منها : قوله تعالى : «قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ »الآية 91 من سورة الأنعام، وقال سبحانه: «وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا» الآية 8 من سورة المزمل.
كما لفت إلى أن الأحاديث النبوية دلت على أن ذكر الله باسمه المفرد سيكون موجودًا ممدوحًا قبل قيام الساعة، وأن ذهابه من آخر الأشياء العلامات، فعن أنس أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال : «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله»، وفي رواية أخرى: « لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله».
وزاد: كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النبي -صلي الله عليه وسلم- فكفوا، فقال: ما كنتم تقولون ؟ قلنا نذكر الله الله، فقال: إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها، ثم قال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم».
ونوه بأن المسلم لا يحتاج لدليل حتى يقول «الله» هكذا مجردة، طالما أنه يشعر بمعاني التعظيم والأنس والذكر، وطالما أن الذكر باسم الله المجرد لا يتعارض مع أصول الاعتقاد ومبادئ الإسلام، وطالما أنه يقر بأن الذكر بالمأثور عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أفضل عامة.