أوردت السنة النبوية دعاء انتهاء المطر فكان منهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا انتهى المطرأن يقول:«مُطرنا بفضل الله ورحمته»، ويستحب للمسلم أن يردد تلك الكلمات البسيطة لينال الأجر على ذلك حرصًا على اتباعًا سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وروي عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضي الله عنه- أنه قَالَ: «صلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-صَلاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ في إِثْرِ سَمَاءٍ كَانتْ مِنَ اللَّيْل، فَلَمَّا انْصرَفَ أَقْبَلَ عَلى النَّاسِ فَقَال: هَلْ تَدْرُون مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ، قَالَ: قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فأَمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمتِهِ، فَذلِكَ مُؤمِنٌ بي، كَافِرٌ بالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا وَكذا، فَذلكَ كَافِرٌ بِي، مُؤمِنٌ بالْكَوْكَبِ» حديث متفقٌ عليه.
ويدل الحديث على شرعية أن يقول المؤمن بعد نزول المطر: «مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته»، ولهذا أخبرهم النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-لما نزل عليهم المطر وهم في الحُديبية وصلَّى بهم الصبح قال: «ألا أُخبركم بما قال ربُّكم هذه الليلة؟ إنه قال جل وعلا: مَن قال: مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي، كافرٌ بالكوكب، وأما مَن قال: مُطِرْنَا بنَوْءِ كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي، مؤمنٌ بالكوكب».
وينبه الحديث على ضرورة أن تُنْسَب النّعم إلى الله تعالىعند نزول الأمطار؛ لأنه هو الذي أنزل المطر ويسَّره، فيقول المؤمن: «مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته، اللهم اجعله صيِّبًا نافعًا"، فكان النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-يقول إذا نزل المطر: «اللهم صيِّبًا نافعًا، الصّيب: النازل، يعني: اللهم اجعله نازلًا نافعًا للمسلمين»، وكان إذا نزل مطرٌ حسر ثوبَه حتى يُصيبه المطر.
ولا يجوز أن يُقال: «مُطِرْنَا بنَجْم كذا»، لأنَّ هذا نسبة إلى النّجوم، والنّجوم ليس لها تأثيرٌ، وليس لها عملٌ، إنما هي زينة للسماء، ورجوم للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، فليس لها تصرُّفٌ في شيءٍ.
ورأى كثير من العلماء، أن المُراد بالكفر الوارد في الحديث هو كفر نعمة الله، لاقتصاره على إضافة الغيث إلى الكوكب، وهذا فيمن لا يعتقد تدبير الكوكب، ويؤيد هذا التأويل الرواية الأخرى في صحيح مسلم: «أصبح من الناس شاكر وكافر».
سنن النبي عند نزول المطر
أولًا: عند نزول المطر، كانالنبي -صلى الله عليه وسلم- يردددعاء المطر، الوراد في الحديث الذي رويعن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري (1032)،وفي لفظ لأبي داود (5099) أنه كان يقول: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
ثانيًا:يستحب التعرض للمطر، فيصيب المطر شيئًا من بدن الإنسان لما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال: «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: «فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا:يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ:
«لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» رواه مسلم (898).
ثالثًا: عند اشتداد المطركان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد المطر قال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رواه البخاري (1014).
رابعًا: بعد نزول المطريقول بعد المطر:«مُطرنا بفضل الله ورحمته»لحديث زيد بن خالد الجهني المتفق عليه وفيه: «وأمَّا من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب».
خامسًا: عند سماع صوت الرعد،ثبت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ:سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ» (رواه البخاري في "الأدب المفرد" (723).
سادسًا: إذا عصفت الريحعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا عصفت الريح، قال: «اللهم إنِّي أسالك خيرَها وخيرَ ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شَرِّها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به». متفق عليه.
سابعًا: الدعاء عند نزول المطر، وقت نزول الغيث هو وقت فضل ورحمة الله من الله على عباده، وتوسعة عليهم بأسباب الخير، وهو مظنة لإجابة الدعاء عنده، وجاء في حديثسهْلِ بنِ سعد -رضي الله عنه- أن رسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-،قَالَ: «اثِنَتانِ لاَ تُرَدَّانِ، أوْ قَلَّمَا تُردَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْد النِّدَاءِ وعِند البأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضًا» (رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح).