وجدت لها حياة بعد موت، التقطتأنفاسها مرة أخرى واستجمعت قواها لتبنى وتنسي الماضي الأليم، هى روانداالتى ضربت خير مثال للسلام فى القارة الأفريقية بل والعالم أجمع، فشعبها ألهم العالم كله، لتكون قصته هى الأكبر فى تحقيق السلام والتنمية بعد التعرض إلى إبادة جماعية أودت بحياة ما يقرب من مليون شخص.
كان عام1994 عاما مُلئ بالدم فبالتأكيد مر على الروانديينكأنه عام الجحيم، حيث تعرضت الدولة الأفريقية الصغيرة في رواندا إلى أكثر الإبادات الجماعية في التاريخ في القرن العشرين، وقامت تلك الإبادة على أساس العنصرية القبلية بين قبيلتى الهوتو "الأغلبية" والتوتسيي "الأقلية"، اندلعت تلك الإبادة نتيجة أحداث سابقة بدأت بغزو الجبهة الوطنية الرواندية فىأكتوبر 1990 شمال شرق رواندا.
وبعد شد وجذب بين الجانبينقامت بعض الاحتجاجات التى مثلت ضغطا على الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا وعليه بدأت مفاوضات سلام مع الجبهة الوطنية الرواندية وأحزاب المعارضة المحلية، ولكن تلك المصالحة غير المستقرة لم تجدِ نفعا فوضعتحركة هوتو خطة تمثل "حلًا نهائيًا" لإبادة التوتسي، وتم تنفيذها بعد اغتيال الرئيس هابياريمانا في السادس من أبريل عام 1994، والتى راح ضحيتها ما يقرب من مليون شخص.
ولكن بعد تلك الإبادة الجماعية سعت الجبهة الوطنية الرواندية بزعامة بول كاجامى، إلى السيطرة على البلاد وإعادة تنميتها وتخطى سنوات الحرب وعليه تم اختيار كاجامىكرئيس بداية من عام 2000، واتخذ على عاتقه برنامجًا لإعادة بناء البنية التحتية واقتصاد البلاد، وجلب مرتكبي الإبادة الجماعية إلى المحاكمة، وكذلك تعزيز المصالحة بين الهوتو والتوتسي.
وهكذا تصالح الشعب الرونداى مع الواقع واتخذ من التنمية طريقا له، وتقدم البلاد هدفا أسمي لهم، فنجحوا فى خطتهم وعبروا ببلدهم إلى بر الأمان وسبقوا دولا عظمى فى مجالات عدة، فأصبحت روندا الأعلى تمثيلا للنساء فى البرلمان فى العالم كله بما يقرب من 64% من المقاعد، ليس ذلك وفقط كما أن روندا أصبحت عاصمة السياحةبالقارة الإفريقية.
وفى مجال الاستثمار قدمت روندا نموذجا يحتذى به فى تسهيل الفرص الاستثمارية لديها وتقديم العون وكافة المساعدات للمستثمرين من أجل إقامة مشروعاتهم، كما أنالنمو الاقتصادىلهايتسارع إلى أكثر من 10% العام الحالى وذلك وفقا للبنك الدولى والذى أكد زيادةتقديراته لنمو الاقتصاد الرواندى فى 2019، كما أنه من المرجح أن يبلغ النمو 8.5% فى العام الماضى أى أكثر من 7.8% التى توقعها البنك الذى يتخذ من واشنطن مقرًا له فى البداية.
جدير بالذكر أن رونداأرض يطلق عليها بلد "الألف هضبة"، وتضم العديد من المرتفعات البركانية، حيث الحافة الشرقية للأخدود الأفريقي، فتوجد جبال فيرنجا وبها أعلى قسم البلاد، في شمال غربي رواندا، والقسم الغربي منها جزء من الأخدود الأفريقي، ويسودة نطاق منخفض تتوسطة بحيرة كيفو، ويصرفها نهر روبزي نحو الجنوب نحو بحيرة تنجانيقا.