تحسست المياه بأطرافها الصغيرة منذ سن الخامسة فغمرتها قطرات الأمل وزرعت في روحها حياة التحدي، فاتخذت "جوليا" سبيلها في المياه عجبًا وغدت تشق من خلالها طريق الظلام الذي غشى عينيها منذ الولادة لتكسر بقوة الحواجز وتجمع شتى الميداليات حتى أصبحت بطلة يحتذى بها.
عانت «جوليا رامي» بطلةالسباحةالصغيرة
وابنة الـ11 عامًا من عدم اكتمال العصب البصري عند الولادة، تخبطت أسرتها
بينالأطباءمنذ اكتشاف
إصابتها في عمر الـ3 شهور، ودخلت الرضيعة في دوامة من العذاب بداية من العلاجات
القاسية والإشاعات المستمرة التي تحتاج تخديرًا كليًا في كل مرة.
لم يكن الأمر بالهين
أبدًا على والدتها «مارلين» التي عبرت عن حالتها في ذلك الوقت: "صعب على أي
أم تشوف طفلتها الرضيعة الغير مدركة لأي شئ بتعاني هذه المعاناة داخل
المراكزوالمستشفيات"،
وأخيرًا لم تثبت العلاجات فاعلية كبيرة سوى المحافظة على درجة رؤية طفيفة من درجة
اس12، فلا ترى جوليا إلا الأشياء القريبة جدًا وخيالات الأشخاص.
كسر الحواجز هو جين وراثي
يجري في دماء جوليا، فقد أورثها والدها شغف تخطيها بعدم استسلامه لإصابة ابنته،
فمنذ صغرها وفي أي مكان يزوره وكل شئ يظهر أمامه لم يبخل أبدًا على طفلته الصغيرة
بأن تتعرف عليه، فكان يتخطى الحواجز الأولى للأقفاص في حديقةالحيواناتلتشاهدها
الطفلة عن قرب وتتعرف عليها.
فرقت جوليا المياه
كـ"الجوار المنشآت في البحر" خلال البطولات المختلفة، بل وحصدت في 3
سنوات فقط 14 ميداليةذهبيةوكأسًا زينت
به قائمة إنجازاتها، وكانت لحظة تسلمها كأس مصر عام 2018 لا تنسى، فبعد تسلمها
الميدالية قفزت جوليا من هول المفاجأة عندما سمعت اسمها يردد في المايكرفون لإعلان
فوزها بكأس مصر لأصغر منافسة في البطولة تحصل على لقب "أقوى وأسرع
سباح"، وقد أضافت إلى مهاراتها سباحة "البريست" وحققت 3 ميداليات
ذهبية في بطولة الجمهورية للممكفوفين الأخيرة التي أقيمت في نادي 6 أكتوبر الرياضي
الشهر الماضي.
فشل إنقاذه.. فيروس كورونا يقتل مدير مستشفى ووهان ووتشانج
مذيعة
نشرة قناة العربية تدخل في نوبة ضحك هستيري على الهواء.. شاهد
وراء كل بطل عائلة دعمته
لم تشكل الإصابة عائقًا أمام عائلة البطلة الصغيرة طالبة الصف السادس الابتدائي في مدرسة الليسيه للغات بباب اللوق، فحرصت والدتها على ذهابها لجلسات التأهيل والإدراك البصري ومنها تحسست جوليا كل شئ من حولها، تعرفت على الحيوانات، الأشكال والألوان وغيرها من المدركات.
وإلى جانب ذلك لم يرد
والديها أن تشعر طفلتهما باختلافها عن غيرها فلم تدخل مدارسالمكفوفينبل تعلمت
في مدارس عادية، ولم تُعقها اللغات فتفوقت ببصيرتها على زملائها من ذوي البصر
الصحيح، وحصلت على أعلى العلامات بل ودائمًا تحتل مركزها في قائمة الأوائل.
عائق الرفض في دروس الباليه
لم تكتفِ
"جوليا" بكونها سباحة ماهرة نشأت في مركز شباب الجزيرة بقيادة ك. «أحمد
صلاح» المدرب العام، د. «إسلام كراكيري» المدير الفني، بإشراف د. «وائل مبارك»
رئيس جهاز القدرات الخاصة ود. «ابراهيم مكي» المدير الإداري.
عشقت جوليا الباليه ولم
تتردد والدتها في مساعدتها على البدء في دروسه، لكن عدم أهلية البعض للتعامل مع
الحالات الخاصة جعلهم يقابلونها بـ"الرفض القاسي"، تقول والدتها:
"جوليا ماتعودتش تخسر.. وده زود عندها روح التحدي.. طالما اتقالها لا أصرت
إنها تثبت نفسها في رقص الباليه فهي زيها زي أي حد عادي.. وبتتدرب دلوقتي عشان
تقدر تحقق حاجة".
تواجه جوليا صعوبات من
نفس العينة التي يقابلها كل شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو عدم الوعي من
المحيطين أو أهليتهم للتعامل مع الحالات الخاصة، فدائمًا ما تحبطها جمل مثل:
"مش هتقدري تعملي كدة.. مش هتشوفي.. وغيرها" لكن والدتها تذكرها
ببطولاتها وتفوقها وتخبرها: "انتي تقدري تعملي أي حاجة لو عندك إرادة.. اللي
بيتكلم على غيره دايمًا بيكون ضعيف.. انتي أقوى منه".