قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

شرف الكلمة

×

مصطلح يثير التساؤل ، سمعناه منذ الصبا اشارة الى وعود نريدها أن تؤخذ على محمل الجد ، ونلقيها الى سامع متشكك لطمأنته ان أفلحنا ، بل ربما تظاهر السامع بتصديقها لقضاء مصلحة له فى حين ينصب الفخاخ امتحانا لما يسمعه قبل أن يحدث ، وربما كان بدوره – إذا تشكك في صدق القائل – يمنح كلمة هو أول من يعرف زيفها، ويبدو للطرفين كما لو كانت لعبة ذكاء ، يفوز فيها الأكثر خداعا وكذبا ، ليرضى بذلك الوحش بداخله الذى يملأ فراغه أو نقصه بكبرياء أو ثقة زائفة منبعها العدوان على الآخر إثباتا للذات.


هى ممارسة تكررت أنباؤها منذ الطفولة ، حينما رأينا رجل الشارع يتفاخر بذكائه حين صدقه سائح ، فاعتقد أن الأخير على تفوقه العلمى والثقافى والمعنوى أقل منه ذكاء لمجرد أنه كعادته فى التعامل مع بنى جلدته أخذ الحديث جدآ ، لايمانه بتمسكهم فى الغالب بجوهر الأخلاق ، وخاصة اذا ما تعلق الأمر بمعلومة بسيطة أو بتعامل لا ينتج عنه مكسب مادى يستحق عناء الكذب.


ولم يلفت نظر المواطن البسيط أن تصديق الآخر له احترام لكيانه وتكريم لانسانيته ، وان السائح الذى جاء صديقا محبا لبلده وحضارته فى الأساس ، لم يتعود الابتسام والترحيب نفاقا ، بل وربما فى حياته بين مواطنيه الصارمين المنصرمين الى أعمالهم ومصالحهم يتوق الى كرم وروحانية يتصورها فى أهل الشرق ، فجاء اليهم ليمارس تلقائيته ، وان سمحت الظروف له بالبقاء والعمل فى بلد يتصور أن الشمس أدفأت قلوب أهله فقد يجزل العطاء لفقرائه أو يعامل مرؤوسيه بأكرم مما يعاملهم مواطنوهم الأغنياء معنويا وماديا .


أتذكر فى أيام الطفولة أن تلاميذ المدارس حين كانوا يمارسون بعض ألعاب الخداع بغية المرح كانوا ينسبون أية منها لبلد معينة ، اشتهرت بتفوقها العلمى والاقتصادى والعسكرى والسينمائى .


وكأن التفوق لا يأتى الا بالخداع ، وكأن الثراء والقوة لم ينتجا عن عمل مضنٍ وابداع ونظام وقانون ، وبالتالى فليس علينا أن نجهد أنفسنا بأى من ذلك حتى وان أردنا لنا رفعة و لبلدنا نهضة.


هى اذن ممارسات تعودناها وكبرنا معها ، ظنناها شقاوة أو ذكاء أو مرحا أو شطارة وقوة ، ولكن ما هو الثمن ؟.

فى حين يكون التعامل سلسا فى دول اخرى ، يلتزم مواطنوها بالجدية والمصداقية والاحترام المتبادل ، نجهد عقولنا فى البحث عن النوايا الحقيقية والشكوك وفى نصب الشراك والانتقام والصراع فى مضيعة للوقت والطاقة ، يشعر المرء ـ ان صدق ـ بوحدة لا تلهيه عنها مظاهر خادعة أو مجاملات مصلحية ، ويتراجع الاحترام والتراحم فى مجتمع يضع القوة فوق الحق والمصلحة فوق المبدأ.


بذهنية كهذه اذا أراد الغرباء بنا خيرا بحثنا عن المؤامرة فيما يريدون ، واذا تحدثوا عن مثالبنا صراحة ظنناهم عنصريين كارهين ، واذا صمتوا عما يرونه متباعدين تنتابنا الشكوك أنهم نافرون باردون وربما يستهينون بنا فى قرارة أنفسهم.


ومع كل ذلك غالبا لايرى المخادع أكثر من مصلحته المباشرة المؤقتة ، ولا يحسب ما يعانيه اذا تبادل الأدوار مع ضحاياه ولا تعقيدات حياته فى مجتمع يتسامح مع الخداع أو يسميه شطارة ، وتضيع فيه مصالح الفرد بعيدة المدى بعد أن فقد مصداقيته.


ـ فهل هى اذن كلمة شرف ؟ أم أن الشرف كلمة قولا وفعلا ، وجسر يعبر عن الشعور ويصدقه العمل ؟