قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ترامب وملالي إيران وتقييد سلطة الحرب

×

على خلاف رغبة الرئيس دونالد ترامب ودعوته المباشرة لمجلسالشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريين لرفض مشروع قانون أعده مجلس النواب (الديمقراطي)لتقييد سلطة الرئيس في شن الحرب ضد إيران، وتحذيره في ذلك من "إظهار الضعف"في توقيت خاطئ، حيث غرد على "تويتر" قائلًا "إذا ما قيدت يدي، سيكون لدى إيران فرصةللنجاح. يبعث هذا بإشارة سيئة للغاية… نؤدي عملًا جيدًا للغاية بشأن إيران وهذاليس الوقت المناسب لإظهار الضعف"، ورغم ذلك وافق مجلس الشيوخ على مشروعالقرار الذي يقيد صلاحيات الرئيس ترامب على اللجوء للعمل العسكري ضد إيران دونالحصول على موافقة الكونجرس.



مشروع القرار يعني ببساطة أن الكونجرس قد استغل قانون سلطاتالحرب لعام 1973 لكبح ما يراه اندفاعًا في سلوك البيت الأبيض تجاه إيران، وأحدالعوامل الأساسية التي دفعت في هذا الاتجاه أن عدد الجنود الأمريكيين الذين يعانونمن إصابات رضية في الدماغ جراء الهجوم الإيراني على قاعدة عسكرية أمريكية فيالعراق قد وصل إلى 109 حالات رغم نفي الرئيس ترامب في البداية وقوع إصابات في صفوفالقوات الأمريكية جراء الرد الايراني على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدسالتابع للحرس الثوري في يناير الماضي.



احصاءات
البنتاجون الأمريكي تقول أن 70% من المصابين قد عادوا إلى الخدمة، ولكن الارقام
نفسها يبدو أنها ازعجت النواب الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، ومع ذلك لا
يمكن القول أن التشريع الخاص بالحد من قدرة الرئيس على شن حرب ضد إيران دون موافقةالكونجرس يعكس اجماعًا حزبيًا، حيث يلاحظ أن مجلس الشيوخ قد صدّق على التشريع بدعم55 عضوًا من بينهم 8 فقط من الحزب الجمهوري خرجوا عن الإجماعالحزبي.



الواقع أنالرئيس ترامب قد يلجأ لاستخدام حقه في نقض القانون عندما يعرض عليه في البيتالأبيض، لاسيما أن التشريع يطلب من الرئيس سحب القوات الأمريكية من أي عمليات عدائيةضد إيران إلا إذا أعلن الكونجرس الحرب أو أقر قانونًا يتيح استخدام القوة ضدإيران، وهذا يعني إضعاف قدرة المناورة والحد من فرص ممارسة المزيد من الضغوطالمحسوبة أمريكيًا ضد النظام الإيراني.



ورغم أنالنص القانوني لا يمنع الولايات المتحدة من الدفاع عن نفسها أمامهجوم وشيك، فإنهذا النص ذاته يمثل قيدًا لأنه يلزم الرئيس بإثباتبراهين ودلائل الهجوم الوشيك أوالمحتمل الذي يمكن أن تتعرض له القوات الامريكية ويجعلها في حالة دفاع عن النفس،بمعنى أن الرئيس بات ملزمًا ـ في هذه الحالة ـ بالحد من قدرة المناورة السياسية واستخدام
سلطاته كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية ـ في توجيه ضربات مشرطية ضد الأذرعوالمصالح الإيرانية في العراق وسوريا، لأنه بات مطالب باثبات حجم الخطر أو التهديدقبل اتخاذ القرار، وهنا يجب الاشارة إلى أن الجنرالات والقادة الميدانيين قديخذلون الرئيس في حال استدعائهم للشهادة أمام الكونجرس لإثباتمستوى التهديد.



السؤالالبديهي الذي يطرح نفسه هنا: هل يعني هذا القرار تقييدًا فعليًا لهامش المناورةالمتاح أمام الرئيس في الضغط على نظام الملالي الايراني؟ في الإجابة على هذاالسؤال يمكن الاشارة إلى أنه حتى لو استخدم الرئيس حق الفيتو الرئاسي على قرارالكونجرس فإن هذا الأمر لا يعيد الأمور إلى حالتها الأولى، ولا يلغي تمامًا دورالكونجرس في الرقابة على سلطة الرئيس في شن حرب ضد النظام الايراني، حيث يبقىالدور الرقابي للسلطة التشريعية مسألة راسخة بحسب الدستور الأمريكي، وهذه قاعدة لاتلغيها أي سلطة أخرى، ومن ثم فإن سلطة الكونجرس في محاسبة الرئيس على أي قراريتخذه في هذا الشأن تبقى قائمة، الا في حال وجود تهديد وشيك وقائم بالدلائلوالبراهين بناء على تقديرات العسكريين في الجيش الأمريكي، حيث يمكن للبيت الأبيضوقتذاك اللجوء إلى استخدام الاستثناء المتاح له في القرار الأخير.



الحقيقةأن الموضوع برمته لا يخلو من تأثير الصراع السياسي المحتدم بين الديمقراطيينوالرئيس ترامب بشكل عام، فقد اتهمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكيرئيس البلاد دونالد ترامب، بخداع المواطنين في تسويغه اغتيال قائد فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني، وقال رئيس اللجنة إليوت أنغيل في بيان رسمي "بعثتالإدارة للكونغرس تقريرا مطلوبا تعرض فيه مبرراتها القانونية والسياسية للغارةالتي قتل بها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وبعد دراسة التقرير خلصت اللجنة إلىأن مضمونه يتعارض بصورة مباشرة مع مزاعم الرئيس الكاذبة بأنه هاجم إيران لمنع وقوعهجوم وشيك وحتمي ضد الكوادر الأمريكية وموظفي البعثات الأمريكية في العراق". وأضافتاللجنة أن هذا التوضيح من الإدارة "لا يتضمن أي ذكر لخطر محدق (من جانب إيران)،الأمر الذي يدل على أن المبرر الذي قدمه الرئيس للشعب الأمريكي كان ببساطة كاذباوفجا وسطحيا".



المسألة
في هذا السياق تبدو واضحة، فمجلس النواب الديمقراطي يسعى للتشكيك في فاعلية قرارات
الرئيس ومدى ارتباطها بالمصالح الأمريكية، وهو تشكيك يدور في دائرة داخلية وخارجية
واسعة ولا يقتصر على الملف الايراني، ولكنه يعكس أمور عدة أهمها رغبة الديمقراطيين
في تفادي الصراع مع إيران وميلهم لمهادنة النظام الايراني من دون الأخذ بالاعتبار
أخطار ممارسات هذا النظام وتبعاتها وتأثيراتها السلبية على المصالح الاستراتيجية
الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.



صحيح أن
عزل الكونجرس عن مساري العراق وإيران في الآونة الأخيرة لا يدعم السياسة والمصالح
الأمريكية، ولكن الضرر الأخطر يأتي من تباين المواقف والسياسات بين البيت الابيض
والكونجرس حول الملف الايراني تحديدًا، حيث تستغل إيران هذا الأمر في تسويق
مواقفها وأرائها وشحن اللوبي الموالي لها في الاعلام الامريكي لتشويه سمعة الرئيس
ترامب ومحاولة التأثير في فرص اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية في نوفمبر المقبل.



والأرجحأن قرار الكونجرس بتقييد سلطة الرئيس يمثل في أحد جوانبه تشكيكًا في صواب سياساتهوأهليته السياسية للتحكم بقرار الحرب، وهو أمر يصب في مصلحة النظام الايرانيبالدرجة الأولى، و لا يخدم مصلحة الولايات المتحدة في هذا الملف تحديدًا، وربمايهدر قدرًا مما تحقق من ردع في الصراع مع النظام الإيراني الذي استشعر كثيرًا منالخوف والقلق عقب مقتل سليماني، في حادثة بعثت برسالة تحذير قوية أتت أكلها فيحينها، رغم كل الدعاية الايرانية، ولكن قرار الكونجرس قد جاء برسالة تعكس انقسامالنخبة السياسية الامريكية حول ضرورة ردع ايران عسكريًا، الأمر الذي يصب في سلةالنظام الايراني ويخدم مصالحه في الوقت الراهن.