قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ

×

بالأمس القريب تبادل المحبون رسائل التهاني بيوم الحب أو كما يسميه الغربيون Valentine's Day. وهذادفعني لعمل مسح لوسائل التواصل الإجتماعي لأرصد كيف عبر المستخدمون عن مشاعر الحبمن خلال منشوراتهم وتعليقاتهم.



لم أجد شيئًا لافتًا للنظر عن العام السابق، فلم تزل وسائل التعبير عن المشاعر السامية مجرد صورًا تحمل قلبًا تحته عبارات ذات صلة بالحدث؛ وهو شيء ألف المستخدمون القيام به عند كل مناسبة؛ حيث أصبح التعبير الإليكتروني عن مشاعرنا هو السائد، شئنا أم أبينا، وليس بالضرورة أن صاحبك –سواء كان تويتيًا أو فيسبوكيًا- يكن لك حُبًا جَمًا أو معزة ظاهرة.



ومن وسط مئات المنشورات التي تابعتها في صمت ظهرت لي صورة فلاحة مصرية بسيطة وقد رفعت يديها لزوجها الواقف أمام باب الدار مبتسمًا لها إبتسامة نابعة من القلب تعبر عن امتنانه وحبه لزوجته دون تكلف أو تصنع، ودون أن يقدم لها دبدوبًا أو وردًا وعطرًا.

لم تعرف تلك المرأة كيف ترسم القلب بيديها لزوجها، غير أنها أخذت تحاكي الآخرين بأن رفعت يديها مشكلة دائرة فارغة كما لو كانت قلبًا يحمل زوجها البدين طوال رحلة العمر دون كلل أو ملل.


والفريق الآخر الذي تابعت منشوراته فريق الندابين، الذين أخذوا يتحسرون على أفعال فريق المحبين المهللين للفالنتين داي. وأعضاء هذا الفريق غالبًا هم ممن لم يوفقوا في حيواتهم العاطفية أو من الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، وهن الأكثر تنكيتًا وتعقيبًا على يوم الحب؛ وكأن الحب تم اختصاره عندهن في الحبيب المجهول، أو في فارس الأحلام الذي فقد جواده في متاهة الأيام ولم يصل بعد.


لاشك أن الحب أعظم هبة منحها الله للإنسان، والإنسان الذي يملك قلبه قُدرة على الحب هو الأطول عمرًا في هذه الأرض؛ فالحب يتعامل مع سيكولوجية الإنسان، لتحل نعمته على بيولوجية الأبدان، ويصبح المرء ضيفًا خفيف الظل في قلوب المحبين والخلان.



لقد استحق الحب أن يكون له إلهًا عند الإغريق، كيوبيد الشقي الذي يرمي المحبين بسهامه؛ واستحق أن يذكر في الكتب المقدسة وفي وصايا الأنبياء لأممهم. ففي الكتاب المقدس ورد: "هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ وفيه أيضًا: "اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ"؛ و"لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ".



وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: هَلْ أَعْلَمْتَهُ ذَلِكَ، قَالَ: لا فَقَالَ قُمْ فَأَعْلِمْهُ، قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا هَذَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، قَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. وقال صلى الله عليه وسلم:"لا يُؤمنُ أَحَدُكم حَتى أَكون أَحبُ إِليهِ مِن وَالدهِ وَولدهِ وَالنَاسِ أَجْمعين".


وكان النبي يزيد في حبه لزوجته السيدة عائشة(رضي الله عنها) وفي هذا يقول: "اللهُم هَذه قِسمتي فِيما أَملكُ فَلا تَلُمني فِيما تَملكُ ولاَ أَملك."



والحب هنا هو الحب العفيف، الذي يغمر القلب، ولا يقوم على تبادل المنافع أو السعي لقضاء الشهوات وتحقيق الملذات؛ وفيه يتبع الحبيب محبوبه، ولا يجد منه إلا كل طيب في الرزق والعيش والألفة والإلاف بينهما؛ وهذا هو الحب النوراني الذي لا يخشى الناس، لكونه معلومًا للكافة، ولا يقوم على اقتناص الفرص أو انتهاك الأعراض والحرمات؛ فلا يكن حبُّك كلَفًا ولا بغضُك تلفًا.



وصدق ابن الرومي حين قال:



الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ
وراحه..... وإليه إنٍ شحطتْ نَواهُ طِمَاحُهُ



يغــدو المحـــب لشأنــه وفؤادُهُ......نحــــوَ
الحبـــيب غُــدُوُّهُ ورواحــهُ