اطلبوا العلم ولو في الصين.. تنتشر بين الناس هذه الرواية معتقدين أنها حديث صحيح، ولكنها غير ثابتة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويجب الحذر من الترويج لأن «اطلبوا العلم ولو في الصين» حديثٌ بل هو رواية باطلة،رواها العقيلي وابن عدي عن أنس مرفوعًا، قال ابن حبان: "وهو باطل لا أصل له".
ويتداول البعض عبر صفحات التواصل الاجتماعي، روايةاطلبوا العلم ولو في الصين، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا.
وتخطتوفيات كورونا 1400 حالة، وأصيب نحو 44 ألفا بالصين، وهناك قلق أممي من عدوى الفيروس خارج الصين، وحذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من نشر الأحاديث غير الصحيحة ونسبتها إليه،وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ حَـدّث عنّي بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» (رواه مسلم).
أكدت الدكتور سهير طلب، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، أن من الأقوال التى لا أصل لها في السنة النبوية: «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وينتشر على ألسنة الناس على أنه منسوب للرسول (صلى الله عليه وسلم).
وأوضحت «طلب» لـ«صدى البلد»، أن العلماء قالوا عليه إنه باطل، وقد رواه ابن عدى وأبو نعيم فى أخبار أصبهان والخطيب فى التاريخ عن أنس مرفوعًا.
وقالت إن هناك حديثا صحيحا آخر يدل على فضل طلب العلم فعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: «منْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ». أخرجه أحمد.
وأضافت أن هذا هو الحديث الصحيح الذى يدلل على فضل العلماء وأنهم ورثة الأنبياء وأن طريق الجنة مفتوح لملتمس العلم وأن فضل العالم يفوق فضل العالم لجلال مهمته، وشرفها.
1- أنَّه إرث الأنبياء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سلَك طريقًا يَطلب فيه علمًا، سلَك الله به طريقًا من طرق الجنَّة، وإنَّ الملائكة لَتضعُ أجنحتَها لطالب العلم رضًا بما يَصنع، وإنَّ العالِم ليَستغفر له مَن في السموات ومَن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإنَّ فضل العالِم على العابِد كفضل القمر ليلة البَدر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماء ورثَة الأنبياء، وإنَّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنَّما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذه، أخذ بحظٍّ وافِر».
2- أنه يبقى والمال يَفنى: روى أبو هريرة رضي الله عنه مِن فقراء الصَّحابة، حتى إنَّه يَسقط من الجوع كالمغمى عليه، وأسألكم بالله: هل يَجري لأبي هريرة ذِكرٌ بين الناس في عصرنا أم لا؟ نَعم يَجري كثيرًا؛ فيكون لأبي هريرة أجرُ مَن انتفع بأحاديثه؛ إذ العلمُ يبقى والمال يَفنى.
3- أنه لا يُتعب صاحبه في الحراسة: لأنَّه إذا رزقك الله علمًا فمحله القلب، لا يَحتاج إلى صناديق أو مفاتيح أو غيرها، هو في القلب مَحروس، وفي النفس محروس، وفي الوقت نفسه هو حارِس لك؛ لأنَّه يحميك من الخطر بإذن الله عزَّ وجل، فالعلم يَحرسك، ولكنَّ المال أنت تَحرسه، تجعله في صناديق وراء الأغلاق، ومع ذلك تكون غير مطمئنٍّ عليه.
4- أن الإنسان يتوصل به إلى أن يكون من الشهداء على الحق: والدليل قوله تعالى: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ » [آل عمران: 18]، فهل قال: أولو المال؟ لا، بل قال: «وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ»، فيكفيك فخرًا يا طالب العلم أن تكون ممَّن شهِد لله أنَّه لا إله إلَّا هو مع الملائكة الذين يَشهدون بوحدانيَّة الله عزَّ وجلَّ.
5- أن أهل العلم هم القائمون على أمر الله تعالى حتى تقوم الساعة: ويستدلُّ لذلك بحديث معاوية رضي الله عنه يقول: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهه في الدين، وإنَّما أنا قاسِمٌ والله يُعطي، ولن تَزال هذه الأمَّة قائمة على أمر الله لا يضرُّهم من خالَفَهم حتى يأتي الله بأمره»؛ رواه البخاري، وقد قال الإمام أحمد عن هذه الطَّائفة: "إن لَم يَكونوا أهل الحديث، فلا أدري مَن هم"، وقال القاضي عياض رحمه الله: "أراد أحمد أهلَ السنَّة، ومَن يَعتقد مذهبَ أهل الحديث".
6- أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يرغب أحدًا أن يغبط أحدًا على شيء من النعم التي أنعم الله بها إلا على نعمتين، هما:1- طلب العلم والعمل به،2- التاجر الذي جعلَ مالَه خدمةً للإسلام،فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حسَد إلَّا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلَّطه على هلَكته في الحقِّ، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يَقضي بها ويعلِّمها».
7- نفع الناس في الدنيا والآخرة: كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاريُّ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَل ما بَعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيثٍ أصاب أرضًا؛ فكان منها طائفة طيِّبة قبلَت الماءَ، فأنبتَت الكلأَ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكَت الماءَ فنفع الله بها الناسَ، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنَّما هي قِيعان؛ لا تُمسك ماءً ولا تنبتُ كلأً؛ فذلك مثل من فَقُهَ في الدين ونفعَه ما بعثني اللهُ به فعلِم وعلَّم، ومثل مَن لَم يَرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هُدى الله الذي أُرسلتُ به».
8- إن العلم طريق الجنة؛ كما دلَّ على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ومَن سلَك طريقًا يَلتمس فيه علمًا، سهَّل الله به طريقًا إلى الجنَّة» رواه مسلم.
9- هم أهل الفقه؛ كما جاء في حديث مُعاوية رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَن يُرِد الله به خيرًا، يُفقِّهه في الدين»، أي: يجعله فقيهًا في دين الله عزَّ وجلَّ، والفِقه في الدِّين ليس المقصود به فِقه الأحكام العمليَّة المخصوصة عند أهل العلم بعِلم الفقه فقط؛ ولكن المقصود به هو علم التوحيد وأصول الدين وما يتعلَّق بشريعة الله عزَّ وجل، ولو لم يكن من نُصوص الكتاب والسنَّة إلَّا هذا الحديث في فضل العلم، لكان كافيًا في الحثِّ على طلب علم الشريعة والفقه فيها.
10- إنَّ العالِم نور يَهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم: ولا يَخفى على كثير منا قصَّةُ الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلمِ أهل الأرض، فدُلَّ على رجلٍ عابد، فسأله: هل له من توبة؟ فكأنَّ العابد استعظم الأمرَ فقال: لا، فقتله فأتمَّ به المائة، ثمَّ ذهب إلى عالِمٍ فسألَه، فأخبره أنَّ له توبةً، وأنَّه لا شيء يَحول بينه وبين التَّوبة، ثمَّ دلَّه على بلدٍ أهلُه صالحون ليَخرج إليها، فخرج فأتاه الموتُ في أثناء الطريق...، والقصَّة مَشهورة، فانظر الفرقَ بين العالِم والجاهل.
11- يعلم كيفية التحقق من صحَّة الخبرِ: إذا نُقِل عن شخصٍ ما شيء ترى أنَّه خطأ، فاسلُك طرقًا ثلاثة على الترتيب:الأول: التثبُّت من صحَّة الخبر،الثاني: النَّظر في صواب الحكم؛ فإن كان صوابًا فأيِّده ودافِع عنه، وإن رأيتَه خطأ، فاسلُك الطريقَ الثالِث، وهو: الاتصال بمَن نُسب إليه لمناقشتِه فيه، وليكن ذلك بهدوء واحترام.
12- أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا؛ أمَّا في الآخرة: فإنَّ الله يَرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدَّعوة إلى الله عزَّ وجلَّ والعمل بما عملوا، وفي الدنيا: يَرفعهم اللهُ بين عباده بحسب ما قاموا به، قال الله تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» (المجادلة: 11).
اقرأ أيضًا:الإفتاء: لا يجوز قتل النمل إلا في هذه الحالة