وفجأة وبدون سابق إنذار، تضخم خطر فيروس كورونا الجديد، حتى سماه بعض الخبراء العالميين بطاعون العصر .. فيما دار جدل علمى سياسى حول احتمالية أن يكون الكورونا وانتشاره السريع ، جزء من حرب بيولوجية تشنها أمريكا وحلفاؤها ضد الصين ومعسكرها، بعد فشل الحرب الاقتصادية الأمريكية ضد الصين ، وبالذات بعد تزايد المعلومات القادمة من أبحاث علمية هندية وروسية حول إن الكورونا فيروس مخلق ، وليس تطور طبيعى لكورونات سابقة ، ووصل هذا الجدل للطبقات التحتية بالشارع المصري نفسه !
ووسط كل ذلك ، اشتعلت متلازمة جلد الذات ، حول فكرة هل مصر قادرة على مواجهة طاعون العصر ؟! ، والتى لا تستطيع الصين مواجهته ، حيث ينتشر بضراوة عكس كل الدول ، التى وصل لها بالفعل .. فالصين التى لجأت إلى العودة لآلية مواجهتها لضربة السارس ، والتى كانت منذ ١٧ عاما ، ببناء مستشفي كبيرة في عشرة أيام فقط تواجه من خلالها الكورونا ، لاتزال لا تستطيع السيطرة عليه ، بكل أموالها وتكنولوجيتها ، فماذا لو وصل لنا ؟!
هناك بالطبع أمور مبشرة جدا وأخرى مقلقة جدا ، فحتى الآن ، إدارة الدولة جيدة بشكل ما في سيناريوهات مواجهة الكورونا ، بداية من إجلاء وحماية أبنائها العائدين من المدينة الموبوءة ووهان ، ولن ننسي أن الدولة تركت أبناءها يعانون في أزمة السارس ، وبالتالى هذا الأمر ومواجهة توابعه ، أمر إيجابي جدا .
ومن الأمور المهمة كان إعلان حالة الطوارئ في المطارات والموانئ ، وإعداد المستشفيات المتخصصة لأي سيناريو ، لكن طبعا هناك سلبيات ، فالأهم والأخطر القادم ، خاصة إن الدول الواقفة على قدميها حولنا يعترفون بصعوبة مواجهة الكورونا لو وصل لهم ، بما فيهم الكيان الإسرائيلي الذي يدعى تقدمه وتطوره الطبي ، فلا يزال هناك آلاف الإسرائيليين الموجودين في الصين ، ويعودون مع الوقت ، وما بالكم بالدول والمناطق ، التى تضربها فيها الفوضى ، والأخرى المنهارة فيها المنظومات الطبية ، في ليبيا والسودان وغزة ، وبالتبعية الخطر كبير .
وأتمنى أن ننحى اتهاماتنا للوزيرة جانبا ، ونركز على المنظومة الصحية والاجتماعية والإعلامية الوقائية ، حتى نتحد ضد أى سيناريو ، خاصة إنه لنا خبرات سابقة في سياق هذه الضربات الوبائية ، وكانت أشدها ضربة إنفلونزا الخنازير ، وحققنا فيها نجاحا ما .
وتتضمن إجراءات الوقاية ، الإطمئنان على مصير بداية التيرم الثانى من العام الدراسي ، خاصة إن اختلاط التلاميذ والطلبة يكون بيئة خصبة لأية عدوى ، وكان هناك قلق كبير من انتشار حالات مصابة بالإلتهاب السحائي ، مما يزيد القلق ، في هذا الإطار ، لكن ما لدى من معلومات أن وزير التعليم بالتنسيق مع رئيس الوزراء لا يميلان لتأجيل العودة للمدارس ، فقط سيركزان على التشديدات المعتادة في هذا السياق ، على نفس شاكلة مواجهة الضربات السابقة ، ومنها التأكيد على توفير غرفة للعزل والتنبيهات على النظافة العامة وإبعاد التلاميذ المرضي حتى لو بأمراض أخرى .
وللأسف ، المجتمع المصري على خبراته وقيمه ، لا تتبلور لديه ثقافة الوقاية بشكل كبير ، لهذا ، سيناريو وصول الكورونا مصر ، أمر مفجع ، ويزيد من ذلك جشع التجار ، الذين بدأوا بالفعل المتاجرة في كل ما يتعلق بالوقاية من الكمامات والأدوية المقوية والملابس الوقائية ، ولذلك يجب أن ننتبه جيدا لهذا .
ومن جانب آخر ، لو وصلنا لسيناريو أسوأ ، فلن نستطيع أن نواجه خطر هذا المرض لعدم توفير التجهيزات الخاصة له في كل المستشفيات لعدد كبير من الإصابات ، مع معاناتنا من أمراض العدوى في المستشفيات ، وبالتالى سنكون أمام تحدى حقيقي ، يجب أن نكون كلنا جاهزين له .
وبالطبع الإعلام والصحافة لهما دور كبير في هذه الأجواء ، ونتمنى على السادة العاملين في هذه القطاعات أن يعوا مدى خطورة الكلمة في هذه الحالات ، فعلينا أن نكون مصدر الحقيقة ومحاربة الشائعات ، لا أن نكون مصدر لها ، بحجة السبق الكاذب ، الذي يسئ لصاحبه وناشره ، قبل أى أحد .
أعان الله مصر على هذا التحدي ذى الإسقاطات المعقدة ، عسكريا وصحيا وإجتماعيا ودينيا وإعلاميا !