يستكمل "صدى البلد" نشر سلسلة حلقات "لكل اسم حكاية"، ونلقى الضوء على أحد الأماكن الجمالية بمحافظة أسوان عاصمة الشباب الأفريقى والإقتصاد والثقافة بالقارة السمراء وهي جزيرة سهيل بمدينة أسوان .

جزيرة سهيل يوجد لها عدة أسماء منها جزيرة الخلق وهى تتمثل في قرية نوبية قديمة حيث تعتبر أقدم ثانى الجزر التى أنشئت بمدينة أسوان عام 1902 بعد جزيرة ألفنتين ، وهى حالياً تعد قرية سياحية ، ومتحف مفتوح عند الشلال الأول وتقوم بتحديدها من الغرب قرية تسمى بغرب سهيل ، أما من الشرق تحدها قريه تسمى قرية نجع المحطة ، ويحدها من الشمال محمية سالوجا وغزال ، ومن الجنوب قرية الكرور وخزان أسوان .

وتتميز جزيرة سهيل بأنها تشتهر بآثار متنوعة منها لوحة المجاعة فهذه اللوحة تم عمل كتاب عنها وسمى هذا الكتاب بكتاب الغرب ، وقد شق الفرعون سنوسرت الثالث وهو كان من أحد ملوك الدولة الوسطى قناة في صخور الجندل الأول او الشلال الأول وتمت هذه العملية خلال فتره حكمه لمصر وكانت هذه العمليه في جزيرة سهيل والهدف منها هو تسهيل الملاحة النهرية للسفن التجارية وهي العمليه التي تتم ما بين جزيرة سهيل ونجع المحطة حالياً .

كما تعتبر جزيرة سهيل أهم ثانى محمية طبيعية تكون فى مدينة أسوان وذلك بعد محميات سالوجة وغزال ونتيجة لنقص فيضان النيل فى مصر وفى عهد الملك زوسر تم حدوث مجاعة وإستمرت ما يعادل سبع سنوات فأشار عليه الكهنة أنه يقوم بتقديم قرابين للإله خنوم والذى هو معبود الشلال ، وعندما قام بفعل ذلك فاض النيل ، وتم تسجيل أحداث هذه القصة على أحد أحجار الجزيرة وسميت هذه القصة بلوحة المجاعة وتم تسجيل اللوحه في العصر البطلمي وقد حاول الكثيرين القيام بعمليه الربط بين هذه القصة وما ورد في قصة سيدنا يوسف .

ولوحة المجاعة عبارة عن نص أسطورى أدبى مصرى قديم ، مكتوب بالخط الهيروغليفي، ومنحوت على إحدى صخور جزيرة سهيل منذ العصر البطلمي ، وقد جاء فيه حديث طويلاً عن زمن القحط والجفاف والمجاعة التي أصابت القوم نتيجة عدم فيضان نهر النيل خلال فترة حكم الملك زوسر ووزيره إمحوتب، فيما تبين لاحقاً أن السبب وراء ذلك هو غضب الآلهة المصرية خنوم، والتي منعت النيل من التدفق.

وفي الجزء العلوي من اللوحة يظهر الملك زوسر وهو يقدم القرابين للآلهة خنوم إسترضاءً لها، بحيث تنتهي الكارثة بعد رضا الآلهة خنوم وسماحها بفيضان النيل وتدفقه بما ينهى القحط والجوع، وقد تبين لاحقاً أن هذه أسطورة مشتركة بين جميع ثقافات الشرق الأدنى يظهر منها أن الشرقيين متدينون بطبعهم ، يسعون دايماً لطاعة الآلهة، ومن الجدير بالذكر أن اللوحة قد كشف عنها عالم فرنسي يدعى بول بارجيه عام 1953م خلال حفرية تنقيبيّة إلى الجزيرة.

كذلك اعتبر المصريون الجزيرة هى بيت للإله سانت والتى هى تكون زوجة لخنوم وبلغ من تقديسها أن كل الملوك كانوا يتقربون للإله فيها وحرصوا على القيام بالنقش على جدران أحجارها وظلو ينقشو حتى وصلت عدد النقوش إلى 297 نقش ، وتم تسميتها بإسم جزيرة الجبال المنقوشة وكان يقوم كل حاكم بإرسال نائبه للجزيرة لكى يقوم بإعتماد أوراقه وينقش على صخورها أعماله والسيرة الذاتية له ، لذا أعتبرت أول شهر عقارى أو دار وثائق فى التاريخ ويرجع ذلك إلى كثرة هذه النقوش .

وكانت قديماً طريق تجارى بين مصر وأفريقيا وذكرت فى كتاب وصف مصر من أيام الحملة الفرنسية ، وقد حباها الله بكل مقومات الجمال الطبيعى من صحراء وخضرة ونيل ورمال وأشجار وتحولت بيوتها بطريقة بنائها بطريقة القبو وألوانها الزاهية لأماكن سياحية جذابة وتحولت البيوت لورش صغيرة ومطاعم تقدم للسائح كل ما يريده من هدايا تراثية وملابس نوبية وطعام نوبى وحناء .

أما الأنشطة التى يقوم بها الزائر لجزيره سهيل تتمثل فى الإستمتاع بما فى الجزيرة من مقومات متنوعة ، كما يمكنه أيضاً الإسترخاء بداخلها ، ويمكنه بجانب ذلك قضاء وقت ممتع ورائع والقيام بإلتقاط الصور ، فضلاً عن مناظرها الخلابة والرائعة ، كما يمكن للزائر فى نفس الوقت القيام بمعرفة تاريخ الجزيرة .

ولهذا فجزيرة سهيل تعد جزيرة مصرية سياحية تجمع معالمها ما بين عبق الماضى وجمال الحاضر ، كما أنها كانت محجراً يُستخرج منه الحجر الأسود أو ما يعرف بالجرانيت ، كما أن للجزيرة قيمة تجارية حيث يوجد بها فنادق صغيرة متنوعة منها فندق أناكوتا هو أشهر فنادق النوبة، ومعنى أنكوتا بالنوبي بيتنا عنوان البساطة والجمال ، فبالرغم من بساطته إلا أن بناءه على الطراز القديم وإطلالته الخلابة على نهر النيل عوامل مميّزة جعلته يحظى بجائزة Travellers choice 2016 .