من بلاد الأندلس إلى تونس ومنها إلى مصر، هكذا كانت رحلة القطب الصوفي الشهير المرسي أبو العباس في القرن الثالث عشر الميلادي، رحلة مليئة بالإيمان تعرف خلالها على الشيخ الحسن الشاذلي شيخ الطريقة الشاذلية لينهل من معين علمه وإيمانه، ويصبح وريث الطريقة الشاذلية عقب وفاته.
رحلته من الأندلس إلى مصر
ولد أبو العباس في مدينة مرسية في الأندلس عام 616 هـ الموافق 1219م ومنها حصل على لقبه المرسي، وكان تاجرًا يتصدق بأمواله على الفقراء والمساكين، قصد تونس وهناك قابل الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وانتقل معه إلى مصر عام 1244.
الإسكندرية في حياة المرسي أبو العباس
جاء أبو العباس من تونس قاصدًا مدينة الإسكندرية، نزل عند منطقة عمود السواري، ثم استقر به الحال في كوم الدكة، وأخذ ينشر فيها الدروس العلمية والمجالس الصوفية، وساعده على ذلك أن الإسكندرية كانت في هذا العصر مدينةً متميزة ذات مكانة علمية خاصة فقد حفلت من قبل الشاذلي، والمرسي برجالٍ كبار، حطُّوا رحالهم فيها وأقاموا المدارس العلمية؛ أمثال الطرطوشي، ابن الخطاب الرازي، الحافظ أبو طاهر السَّلَفي وكان صلاح الدين الأيوبي يحرص على قضاء شهر رمضان من كل عام بالإسكندرية.
وقد تم بناء مسجد المرسي أبو العباس في مدينة الإسكندرية تيمنًا به، فيعد المسجد أحد أقدم وأشهر المساجد التي بنيت في الإسكندرية، حيث يتميز بقبابه المميزة الشكل، وهو من أهم ما يميز منطقة أبو العباس في منطقة بحري بالمدينة.
بطل الأغنية الشعبية
أصبح مسجد المرسي أبو العباس مكانًا أثريًا في المدينة الساحلية، يقصده كل من جاء حاجًا إلى المدينة، ونظرًا لمكانة أبو العباس في الإسكندرية وقدسية سيرته العطرة، فقد أصبح الرجل يُقسم باسمه حين يختلف اثنان بعبارة " والمرسي أبو العباس"، ومن يقصد النجدة أو الاستغاثة يقول " الحقني يا مرسي يا أبو العباس".
دفعت مكانة الرجل إلى أن يكون بطلًا للأغنية الشعبية ومكونًا من مكوناتها، ولا ننسى هنا الأغنية الشهيرة بين الراحلة شادية والراحل عبد المنعم مدبولي في مسرحية ريا وسكينة " حبك جننا يا اسمك ايه.. الحقني يا مرسي يا أبو العباس"، وكذلك الأغنية الشعبية للمطرب السكندري إبراهيم عبد الشفيع " شى الله يا مرسى يا ابو العباس .. مدد يا سيدى القباري الله يصونك يا بلدنا ... يا غالية وترابك غالى، دى اسكندرية أم الخفة .. على البحر الأبيض تتباهى".