قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

الجنازة الأسطورية لقاسم سليماني.. دلالات ورؤى

×

عشرات الآلاف، الذين ودعوا الجنرال الإيراني الإرهابي قاسم سليماني إلى مثواه الأخير في مدنية كرمان الإيرانية، شيعوا في نفس اليوم المشروع الإيراني الذي يقوم على التمدد والهيمنة إلى مثواه الأخير أيضا..

والتحليل ليس عشوائيا أو ضربة حظ، بل كشفه الإيرانيون أنفسهم، والذين انتظروا الرد الإيراني الرسمي من جانب حكومتهم، على الضربة الأمريكية المدوية باغتيال سليماني الأشهر وسط الجنرالات الإيرانيين، فإذا هى صواريخ جوفاء تسقط على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية في العراق دون خسائر تذكر، وبيان باهت من إيران بأن ما أرسلته من صواريخ تجاه قاعدة عين الأسد هو للرد على مقتل سليماني وإن هذا هو حق الرد ولو زادت إدارة ترامب لزادوا!

الصواريخ الجوفاء، كشفت خواء نظام خامنئي وعجزه عن التهمل ودراسة الأمر للرد على ضربة ترامب. بل إنه عندما وصل التفكير إلى استهداف القاعدة الأمريكية الشهيرة بالعراق، فإن الصواريخ الإيرانية تكاد من فرط حنوها علي القاعدة، لم تحقق خسائر تذكر وفق الإعلام الإيراني نفسه.

والحاصل أن هناك فراغا في الرأس، أحدثه غياب قاسم سليماني عن المشهد. فقادة إيران وهذه هى الحقيقة بارعون في قمع الإيرانيين في الداخل وفي السيطرة والسحق. أما خارج إيران فقد كان هذا هو ملعب قاسم سليماني، الداهية بحق، والذي أخضع خلال 30 سنة قضاها في فيلق القدس دولا عدة مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن وبعض أجزاء من افغانستان تحت العباءة الإيرانية. وغيابه بالموت وكما قلت في المقال السابق هزيمة كبرى للمشروع الإيراني في التمدد والهيمنة داخل المنطقة..

لكن اليوم، أقف أمام زوايا أخرى للجنازة الأسطورية التي تمت "للحاج قاسم" حسبما كان يحلوا للايرانيين والعراقيين أن ينادونه:-

الأولى: أن خروج عشرات الآلاف من الإيرانيين في جنازة قاسم سليماني، يزفونه إلى مثواه الأخير يؤكد على شعبيته الهادرة داخل إيران ومعرفة الايرانيين البسطاء بدوره، وسعادتهم بشكل شخصي بعيدًا عن أية رؤى إيديولويجة أو إرهابية ببروز قائد عسكري إيراني وسط المشهد العالمي، وتحديه الرئيس الأمريكي ترامب شخصيا قبل عدة شهور في اليمن.

الثانية: أنه لا يجب على احد من المتابعين أن يحولوا الجنازة الشعبية الأسطورية لسيلماني، على أن هؤلاء وحتى وفق المعتقدات الشيعية المأثورة، سيخرجون للمطالبة بدم سليماني أو أنهم سيتحولون إلى قنابل بشرية وانتحاريين في دول العالم ضد المصالح الأمريكية وضد الرئيس ترامب.

فبكاء وصراخ الآلاف على سليماني، ليس معناه انهم تحولوا غلى مشاريع تفجيرية تطالب بدمه.

الثالثة: وأقولها من واقع رؤيتى للمشهد الإيراني أن جنازة سليماني الأسطورية والتي لم ير مثلها منذ الاستقبال المشهود للخميني وقت عودته من باريس قبل 40 عامًا، هى إعلان موت كذلك لفيلق القدس الايراني الشهي،ر ليس فقط في الخارج ولكن في الداخل الإيراني من جانب الحرس الثوري، الذي سيسعى قائده لتحجيم كيان هذا الفيلق وضمه تحت رئاسته من جديد بعد وفاة قائده الإرهابي الأسطوري قاسم سليماني.

ومن المعروف أن سليماني، ورغم خضوع فيلق القدس بشكل نظري الى الحرس الثوري الإيراني الا أنه كان قد حوله إلى "إقطاعية سلطوية" خاصة به، بموافقة خامنئي. فسليماني لم يكن هناك رئيس له إلا خامنئي نفسه، المرشد الأعلى لإيران، وكانت للفيلق الذي نفذ عشرات الأعمال الاجرامية في العالم العربي موارد وشركات وإمكانيات اقتصادية خاصة به وميزانية مستقلة. وبعد وفاته وهو من المؤكد فإن ميراث فيلق القدس سيعود حتما الى الحرس الثوري الذي فرح بغياب الجنرال الأشهر والذى كان يغطي ببريقه وظهوره على كل قادة إيران الباقيين.

الرابعة: أنه في ظل المتابعة الحامية، لعملية اغتيال قاسم سليماني ومراسم الدفن والجنازة وتصريحات الأمريكان والإيرانيين بشان مقتله تناسى الجميع أن سليماني هذا، هو واضع جذوة الميليشيات الإرهابية في الشرق الاوسط، وهو مؤسس ميليشيا حزب الله ومؤسس ميليشيات الحشد الشعبي العراقي، وصاحب فكرة المجازر السورية في الغوطة وخان شيخون ضد أطفال سوريا، ومجازر "حلب" المدوية خلال الحرب الأهلية السورية ومؤسس نظرية تفتيت العراق ونهب موارده وتقسيمه بين شمال وجنوب ووسط، وإذكاء الاقتتال الطائفي فيه أثناء الحرب الكبرى 2006-2008

إنه كان باختصار إرهابي عتيد، استطاع أن يعبر بإيران ومشروعه التمددى الإرهابي عبر عدة دول ثم جاءت نهايته، التي كانت واجبة قبل نحو 15 عاما منذ سقوط بغداد 2003، على يد الرئيس الأمريكي ترامب الذي اتخذ القرار بمفرده ليضرب مركز الإرهاب الإيراني في مقتل ويضع الملالي في حيرة بعد موته.