تحمل بين جدرانها الكثير من الأحداث التاريخية ، بنيت على أنقاض مكان يقال انه احتمت فيه العائلة المقدسة (السيدة مريم العذراء، المسيح الطفل، والقديس يوسف النجار)، أثناء الثلاث سنوات التي قضوها في مصر هربا من هيرودس حاكم فلسطين الذي كان قد أمر بقتل الأطفال تخوفا من نبوءة وردته، وتعد مقصدا لكثير من السياح، ومن أجمل الأماكن الأثرية القبطية في مصر، إنها الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة بمجمع الأديان.
الكنيسة تم تشييدها على أعلى بوابة الحصن الروماني بابليون ، ويرجع توقيت بناؤها إلى أواخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادى.
على بعد خطوات من الكنيسة المعلقة تجد جامع عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودي، وكنيسة القديس مينا بجوار حصن بابليون، وكنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وكنائس عديدة أخرى ، بما يجل المكان من أروع أماكن العالم التي تتسم بالتسامح الديني.
أما عن سبب التسمية ، فسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني(حصن بابليون)، ذلك الذي كان قد بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي، وتعتبر المعلقة هي أقدم الكنائس التي لا تزال باقية في مصر.
شهدت الكنيسة عدة ترميمات خلال العصر الإسلامي مرة في خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالي الإذن بتجديد الكنيسة ومرة في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي سمح للبطريرك افرام السرياني بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم ومرة ثالثة في عهد الظاهر لإعزاز دين الله.
كان البطريرك خريستودولوس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرا لبابا الإسكندرية، وقد دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ولا تزال توجد لهم صور وأيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع.
شهدت الكنيسة محاكمات الكهنة، والأساقفة، ومحاكمات المهرطقين فيها أيضا، وتعتبر مزارا هاما للأقباط، نظرا لقدمها التاريخي.
تتكون الكنيسة من طابقين وتوجد أمامها نافورة، وقد بنيت بالطابع البازيليكي الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء، وهي مستطيلة الشكل، وصغيرة نسبيا في أبعادها حوالي 23.5 متر طولا و18.5 مترا عرضا و9.5 مترا ارتفاعا.
أما عن مكوناتها فتضم صحن رئيسي وجناحين صغيرين، وبينهما ثمانية أعمدة على كل جانب، وما بين الصحن والجناح الشمالي صف من ثلاثة أعمدة عليها عقود كبيرة ذات شكل مدبب، والأعمدة التي تفصل بين الأجنحة هي من الرخام فيما عدا واحدا من البازلت الأسود، والملاحظ أن بها عدد من تيجان الأعمدة "كورنثية" الطراز.
في الجهة الشرقية من الكنيسة توجد ثلاثة هياكل هي: الأوسط يحمل اسم القديسة العذراء مريم، والأيمن باسم القديس يوحنا المعمدان، والأيسر باسم القديس ماري جرجس.
أما الأحجبة الخشبية فهي تواجه هذه الهياكل وأهمهم الحجاب الأوسط المصنوع من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف، ويرجع إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، وتعلوه أيقونات تصور السيد المسيح على عرش، وعن يمينه مريم العذراء والملاك جبرائيل والقديس بطرس، وعلى يساره يوحنا المعمدان والملاك ميخائيل والقديس بولس، وبأعلى المذبح بداخل هذا الهيكل توجد مظلة خشبية مرتكزة على أربعة أعمدة، ومن خلفه منصة جلوس رجال الكهنوت في الجناح الأيمن من الكنيسة.