على الرغم من التوترات والخلافات السياسية المشتعلة بين مصر وتركيا، إلا أننا على مستوى المنفعة الاقتصادية نجد أن الطرفين متلزمان بتطبيق اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بينهما، وهذا يأتي استثناء للقاعدة المتعارف عليها ان الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة ، عندما تتوتر أحدهما يكون بسبب الأخرى.
التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة:
في عام 2018، سجلت مصر وتركيا رقما قياسيا للتجارة الثنائية بينهما، حيث بلغ إجمالي الصادرات التركية إلى مصر 3.05 مليار دولار، بزيادة 29.4 ٪ مقارنة بالعام 2017، والصادرات المصرية إلى تركيا بلغت 2.19 مليار دولار، بزيادة قدرها 9.68 ٪ عن نفس الفترة الزمنية للعام السابق ، ومع ذلك، فإن اتفاقية التجارة الحرة المصرية التركية، الموقعة في ديسمبر 2005 ودخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 1 مارس 2007، تواجه تعليقا محتملا وسط العلاقات السياسية السائدة حاليا بين أنقرة والقاهرة.
واكدت بعض المصادر انه ترتبط مسألة تجديد أو تجميد اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا بعدة مؤشرات سياسية، أبرزها بقاء أردوغان وحزب العدالة والتنمية في السلطة، مشيرين ان تركيا استفادت من اتفاقية التجارة الحرة أكثر من مصر، حيث ظل الميزان التجاري في صالح تركيا ، نظرا ان تركيا تتمتع بمزايا التصدير على مصر ، حيث تدعم تركيا مصدريها من خلال منحهم إعفاءات ضريبية وجمركية، واقتصادها أكثر تنوعا، بما في ذلك الصناعات المتقدمة والزراعة والسياحة والخدمات، مثل الشحن البحري والجوي.
وفى ظل ارتفاع التبادل التجارى بين مصر وتركيا ، نجد انة جاءت تركيا فى المرتبة الثالثة من الدول المستوردة من مصر خلال 2019 بقيمة استيرادية مليار و706 ملايين دولار، وسجلت واردات مصر من تركيا ارتفاعا إلى حدود 2.2 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019 مقابل 1.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2018، بزيادة بلغت نسبتها 24.9% ، وشملت أبرز السلع التى استوردتها تركيا من مصر " اللدائن ومصنوعاتها، والأسمدة، والوقود، والزيوت المعدنية، والمنتجات الكيماوية، والقطن، والأجهزة الكهربائية، وشعيرات تركيبية أو اصطناعية ، الرمال ، الملح ، الملابس الجاهزة " ، وتشمل الصادرات التركية لمصر سلع "حديد التسليح، الأسمنت، الكيماويات، المنسوجات، السيارات، السلع الكهربائية" ، وسجلت حجم الاستثمارات التركية في مصر يبلغ نحو 5 مليارات دولار.
علاقات تجارية قوية وتوترها بسبب السياسة:
ظهرت قوة العلاقات الاقتصادية التركية المصرية من خلال اتفاقية التجارة الحرة عام 1976، وإلغاء الضرائب بين الطرفين عام 1993، واتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني عام 1994، وتجديد اتفاقية التجارة الحرة عام 1996والتي تم بمقتضاها إلغاء تأشيرات الدخول بين مصر وتركيا بالإضافة إلى السماح بفتح فروع للبنوك التركية في مصر وكذلك فتح فروع للبنوك المصرية في تركيا فضلا عن زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين. كما عقدت اتفاقية الخط الملاحي "الرورو" بين البلدين في أبريل 2012 لمدة ثلاث سنوات ، الا انه تراجعت العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا بعد سجن المعزول محمد مرسي وتولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقاليد البلاد.
ووفقا للأرقام الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة، فإن أهم الأرقام في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتركيا من عام 2009 حتى النصف الأول من 2015، ، ححيث يقدر حجم الصادرات المصرية لتركيا، نحو 1،5 مليار دولار، بينما بلغ عام 2010 حوالي مليار دولار أي بزيادة قدرها 500 مليون دولار، والتي تتمثل في السماد والرمال والكيماويات والملابس الجاهزة والملح والبولي إثيلين.
بلغت الواردات المصرية من تركيا خلال عام 2011 حوالي 2.6 مليار دولار، في حين كانت عام 2010 حوالي 1.9 مليار دولار، قرابة ٢٪ من إجمالي الصادرات التركية٬ وتأتي على رأسها السيارات والحديد والخضر والفواكه والمنسوجات، وهو ما يعني تفوق تركيا في الميزان التجاري بين البلدين.
وعلى صعيد المساعدات الاقتصادية٬ قدمت تركيا حزمة من المساعدات لمصر في أكتوبر ٢٠١٢ بلغت ٢ مليار دولار٬ مليار دولار منحة لا ترد من أجل تمويل الواردات المصرية من تركيا، ومليار دولار قرضا من أجل تحسين أوضاع الاحتياطي من النقد الأجنبي.
قدرت الأرقام الواردة من وزارة التجارة والصناعة المصرية حجم الاستثمارات التركية في مصر بنحو5 مليار دولار، تحتل بها تركيا المرتبة رقم 47 ضمن قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر، من خلال المصانع التركية في المناطق الصناعية بمدن 6 أكتوبر وبرج العرب.
عدد العاملين المصريين في المنشآت الصناعية التركية الموجودة بالمناطق الصناعية بمدن 6 أكتوبر وبرج العرب التي ترتكز فيها المصانع التركية، والتي يبلغ عددها ٤١٨ منشأة صناعية، ويعمل بها ٥٢ ألف عامل.
وحسب بيانات صادرة عن وزارة السياحة المصرية، فإن أعداد المصريين الذين يسافرون إلى تركيا سنويا يقدر بـنحو 60 ألف سائح مقابل عدد قليل لا يتجاوز الـ10 آلاف من السائحين من تركيا إلى مصر.
استبعاد الشركات التركية من المناقصات الحكومية:
وسعيا لتقْويضُ العلاقات الإقتصادية بين البلدين، تقدم النائب البرلماني إبراهيم عبد العزيز حجازى، بطلب إحاطة عاجل موجه إلى رئيس الوزراء الدكتور المهندس مصطفى مدبولى والمهندس طارق الملا وزير البترول لاستبعاد الشركات التركية من الدخول فى مناقصات حكومية فى القطاعات الحساسة بالدولة كالبترول حماية لأمن مصر القومى فى الوقت الحالي.