8 فوائد عظيمة لصلاة قيام الليل.. وهذا أفضل وقت لإدائها
صلاة قيام الليل..لا شكّ أنّ صلاة قيام اللّيلِ من أعظمِ الطّاعات عند الله - سبحانه وتعالى-، وهي كنزٌ عظيمٌ لمن أدركها؛ تتحصَّلُ فيها الطُّمأنينة والرِّضا، ويحصل فيها العبد على الأجر الوفير والخير الكثير، حيث تشهدها الملائكة وتكتبها السَّفرة الكِرام البررة..
-فضل قيام اللّيل:
عدّ العُلماءُ بضعة َفضائل لقيام اللّيل، منها:
1- عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بقيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهاداً عظيماً.
2- قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.
3- قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.
4- المحافظونَ على قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته، فقد مدح الله أهل قيام اللّيل، وعدَّهم في جملة عباده الأبرار.
5-مدح الله أهل قيام اللّيل في جملة عباده الأبرار، فقال - عزَّ وَجَل -: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).
6- قيام اللّيل أفضَلُ الصّلاة بعد الفريضة.
7-قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ ومنهاةٌ للآثام.
8-شرفُ المُؤمن قيام اللّيل.
9-قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.
-كيفيّة قيام اللّيل:
1- قيامُ اللّيل بالصّلاة: يُستحبُ أن تُبدأَ صلاة قيام اللّيل بركعتين خفيفتين ثم تُكمَّل الصّلاة ركعتين ركعتين لما ورد عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: (صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِرْ بواحدةٍ، فقيل لابنِ عمرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قال: أن تُسلِّمَ في كلِّ ركعتَينِ).
ولحديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: (لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام - اللَّيْلَةَ، فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ (البيت من الشَعْر) فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام - رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً).
وبذلك تُصلى صلاة القيام رَكعتين رَكعتين، ويجوز أن تُصلّى أربعاً أربعاً كالظّهر، ولكن الأفضل أن تُصلّى ركعتين ركعتين لفعله - عليه الصّلاة والسّلام- ذلك، أمّا عن هيئتها، فهي صلاة كغيرها من الصّلوات؛ تُفتَتَح بتكبيرة الإحرام، ثمّ دُعاء الاستفتاح، وقراءة سورة الفاتحة، وما تبع ذلك من ركوع وسجود، وعند الانتهاء من صلاة القيام يَختتمها بركعة وِتر.
2- قِيامُ اللّيل بالذِّكر: من أراد أن يُقيم ليلهُ بذكر الله وتحميده، وتسبيحه، والصَّلاة على رسوله، وقراءة القرآن، ومُذاكرة أحاديث المُصطفى - عليه الصّلاة والسّلام- فله ذلك، ويُحسب من الذّاكرين، ويُؤجر على قِيامه وذكره وقراءته.
وذلك لقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخر سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)، قِيلَ: كَفَتَاهُ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ، قال الحافظ: (وقيل: معناه أجزأتاه فيما تعلّق بالاعتقاد، لِما اشتملتا عليه من الإِيمان والأعمال إجمالاً)، ثم ذكر أقوالاً أخرى، قال: (ويجوز أن يُراد جميع ما تقدّم والله أعلم)، وعن أبي مسعود قوله: (من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة).
-أفضل أوقاتُ قيام اللّيل:
قيام اللّيل جائزٌ في أول اللّيل ووسطه وآخره، وذلك لفعل رسول الله عليه الصّلاة والسّلام؛ فعن أنس بن مالك قال: (ما كنّا نشاء أن نرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في اللّيل مُصليّاً إلا رأيناه، ولا نشاء أن نراه نائماً إلا رأيناه).
يبدأ وقت قيام اللّيل بعدَ الانتهاء من أداء صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثّاني، أما أفضل أوقاته فالثّلث الأخير من اللّيل وذلك لما يأتي:
1- قول النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-: (أحَبُّ الصّلاة إلى الله صلاة داود عليه السّلام، وأحَبُّ الصّيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف اللّيل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويُفطر يوماً)، يعني ذلك أنّه كان يُصلّي السُّدس الرّابع والسُّدس الخامس، وإذا قام ففي الثُّلُث الأخير لما في ذلك من فضلٍ عظيم؛ لأنّ الله تعالى يَنزل إلى السّماء الدّنيا في هذا الجزء من اللّيل.
٢- روى النَّسائي من حَديث أَبي ذرّ - رضي الله عنه - قوله: (سَألتُ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَيُّ اللَّيل خَير؟ قَال: خَير اللَّيلِ جَوفُه)، روى ابن المُلقن عن أَبِي مُسلِمٍ أنه قَالَ: (قلتُ لأبي ذَر: أَيُّ قيام اللَّيل أَفضَل؟ قَال: سَألتُ النّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كما سَأَلتَنِي، فقَال: جَوْفُ اللَّيلِ الغَابِرُ أَو نِصفُ اللَّيل، وقَليلٌ فاعِلُهُ).
-تعريف قيامُ الليل:
القيام لُغةً: مصدر قَوَمَ، قام الشَّخْصُ: وقف ونَهَض، انتصب، وعكسُه قَعَد، كان قاعدًا فقام، قام الأمرُ: ظهر واستقرَّ، وقام اللَّيل: صَلّى.
قيام الليل اصطلاحاً: الصّلاة تَطَوُّعاً والذِّكرُ ليلاً، وصلاة قيامُ اللّيل: هي ما يُصَلّى من النّوافل بعد صلاة العشاء قبلَ النَّوم، وقيل: هو قَضاءُ اللّيل كلّه أو ساعةً منه بالصّلاة أو الدّعاء أو غير ذلك، فلا يُشترط أن يكون القيام طوال اللّيل أو أكثره، بل يصحّ أن كان لساعة أو ساعتين أو حتّى لجزءٍ قليلٍ منه، ويرى ابن عباس رضي الله عنهما أنّه يحصل بصلاة العشاء جماعةً، والعزم على صلاة الصّبح جماعةً، لقول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: (من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام نصف اللّيل، ومن صلّى الصُّبحَ في جَماعة فكأنَّما صَلّى الليل كُلَّه).
وقيل: معنى القيام أن يكون مُشتغلاً معظم اللّيل بطاعة، وقيل: ساعةٌ منه، يَقرأ القرآن، أو يُسبِّح، أو يذكر الله، أو يسمع الحديث.
- حُكم صلاة قيام اللّيل :
اختلف الفقهاءُ في حكم قيام اللّيل على عدّة أقوال منها:
1-ذهب فريق إلى استحباب قِيام اللّيل عُموماً، وبذلك قال مالك وباقي الفُقهاءِ من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة.
2- ذهب بعض التّابعين - مثل الحسن البصريّ وابن سيرين - إلى وُجوبِ قيام اللّيل ولو بقدر حَلبِ شاة، وهو قولٌ ليس عليه دليلٌ ولا وجهٌ مقبول. اختلف الفُقهاء في حكم قيام اللّيل بحقّ رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - فقال فريقٌ أنه عليه واجبٌ، وذلك لما رواه البُيهقيّ من حديث رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - حيث ثبت أنّه قال: (ثلاث هُنَّ عليّ فرائض ولكم تطوّع: التهجّد وهو قيام اللّيل، والوتر، والضّحى)، والواجب عليه - عليه الصّلاة والسّلام - أقلّه أيّ ركعتين، وذهب آخرون إلى أنّه بحق سُنّة كغيره من المُسلمين، واحتجّ أصحاب هذا الفريق بقوله تعالى: (ومن اللّيل فتهجّد به نافلة لك)، قالوا: فهذا صريح في عدم الوجوب.
3- قال أصحاب الفريق الأول: أمَرهُ بالتهجّد في هذه السّورة كما أمره في قوله تعالى: (يا أيّها المُزّمل * قم اللّيل إلا قليلا)، ولم يجيء ما ينسخه عنه، قال مُجاهد: إنّما كان نافلةً للنّبي عليه الصّلاة والسّلام؛ لأنّه قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فكانت طاعته نافلة، أي: زيادة في الثّواب، ولغيره كفّارة لذنوبه .
4- ومع هذا الاختلافِ في حكم قيام اللّيل بحقِّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- إلا أنّ أصحاب هذين الفريقين اتّفقوا على كونه سُنّةً على غيره من المُسلمين، فقد قال القحطانيّ في شرح أصول الأحكام: (وقيام اللّيل سُنّة مُؤكّدة بالكتاب والسُنّة وإجماع الأُمّة).
- الحكمة من قيام اللّيل:
كلّما زاد إيمانُ المُسلم ازداد إقبالاً على مُناجاة الله - عزَّ وجلَّ-، وازداد وقوفه بين يديه في قيام الليل أو غيره، وزاد حُباً في التلذذ بعبادته، ولذلك كله شَرَعَ الله الصّلاة، وجعلها من الفرائض التي تجب على كلّ مُكلَّف، وقد شرع الله -عز وجل- أيضاً صلاة التّطوع لمن أراد الازدياد في القرب من الله وجعلها دليلاً على الصلاح والقرب من الله وسبباً لتحصيل النفع في الدنيا والآخرة، ومن فوائد وفضائل قيام الليل ما يلي:
١- قيام اللّيل دليلٌ على صدق المُسلم، ودليلٌ على مَحبّته لله عزَّ وجلَّ، فكلما زاد المُحبُّ حباً لحبيبه زاد قربه منه، وكذلك من ازداد حباً لله عزَّ وجل ازداد قربه منه، وأفضل طريق للقرب من الله هي الصلاة.
٢- صلاة قيام اللّيل تزيد من نشاط المُسلم وتحفزه على القيام بأعماله على أتمِّ وجه، وتجعله صافي الذهن، وقريباً مما يرضي الله بعيداً عما يسخطه، يقول تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا).
٣- أثبت الطبُّ أنّ السّهر غير المُبالغ به يُساعد على الشّفاء من كثير من الأمراض؛ فالدّماغ يُفرز مادّةً لتسكين الآلام في وقت السّهر أكثر من غيره، فكيف إذا كان السَّهرُ في طاعة الله عزّ وجلّ صلاةً وتهجّداً، وانكساراً وتضرُّعاً، وذكراً واستغفاراً، وتلاوةً لكتاب الله.
-آداب قيام اللّيل:
من أراد قيام اللّيل فعليه أن لا يُكثر من الأكل والشُّرب ولا يُتعِب أعضاءه في النّهار بالكَدِّ ولا يعمل مَعصية، وعليه أن يستعين بالقيلولة ليتقوّى عليه.