أنواع الصبر وجزاء الصابرين على البلاء والشدائد.. الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى « فيسبوك» إن الصبر يكون على أربعة أوجه أو أنواع.
وأوضحت « الإفتاء» أن النوع الأول هو الصبر على البلاء ويعني: منع النفس عن التسخط والهلع والجزع.
وأضافت أن الصبر على النعم هو النوع الثانى من أوجه الصبر ويقصد به: تقيديها بالشكر وعدم الطغيان والتكبر بها.
وواصلت أن النوع الثالث هو الصبر على الطاعة بمعنى المحافظة والدوام عليها، مختتمًا أن الصبر على المعصية هو النوع الرابع والمقصود منه هو كف النفس عنها.
-فضل الصبر على البلاء والشدائد:
أمر الله تعالى بالصبر، وحثّ عليه، وبيّن ما فيه من الأجر الكبير، وفيما يأتي بيانٌ لما في الصبر من الجزاءات بشكلٍ مفصّلٍ:
١- لم يحدّد الله جزاءً محدّدًا للصابرين، وإنّما قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ولو لم يكن للصبر إلّا هذا الفضل لكفى، ووصف الله الصابرين بالمتقين، وهم كذلك في معيّة الله وحبّه ونصره.
٢- يعدّ الصبر سببًا من أكبر أسباب الخوض في معترك الحياة، والقدرة على السير فيها؛ فالصبر هو المغزى والوسيلة لكلّ من أراد أن يصل إلى هدفه في الحياة الدنيا؛ فمن باب أولى أنّ الوصول إلى الجنّة والفوز برضا الله يحتاج إلى تعبٍ وصبرٍ، ولا يتحقّق ذلك بالكسل والراحة؛ فرسول الله لم ينل الراحة في دعوة الناس إلى الخير ونشر الإسلام بينهم، حتى وصفه الله بأنّه ذو خُلقٍ عظيمٍ.
٣- تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، ومحو الخطايا، ودخول الجنّة، وهذا من أعظم ما يجنيه العبد من الصبر، دلّ على ذلك قوله - تعالى-: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
-فضل الصبر على الابتلاءات والمصائب:
١- الصبر: أساس الأخلاق وسيدها وقوامها.
٢- ضياء للحائرين، يهديهم به الله إلى الصراط المستقيم.
٣- عون على لزوم العبادة، ودوام الطاعة، والاستقامة.
٤- عزاء للمسلم وعدة له في الكروب والبلايا، وهي عونه في مجاهدة النفس لترك الخطايا والذنوب.
٥- أمْرُ الله لرسله ولأنبيائه - عليهم السلام-، وللمؤمنين، وهو سبب لمحبة الله لأهله.
٦- جزاء الصبر مما تكفل الله تعالى جزاء للصابرين جعل الإمامة لهم، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)، والنصر على أعدائهم، كما انتصر بنو اسرائيل على فرعون وجنده، وحصول الصابر على المدد والعون من الله تعالى، والمساندة من ملائكته، والحظوة بما تورثه معية الله، من الطمأنينة والانشراح.
-نماذج من صبر الأنبياء:
من أعظم وأجلّ ما جاء في الصبر؛ صبر أولي العزم من الرسل على مشاقّ الدعوة إلى الله، وما تحمّلوه من الأذى في سبيل ذلك، فقد صبر نوح -عليه السّلام- ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا وهو يدعو قومه، وصبر إبراهيم -عليه السّلام- على أبيه وقومه، وتحمّل منهم صنوف الأذى، فقد جُمع له الحطب الكثير وأوقد وألقي في النار، فجعلها الله بردًا وسلامًا، وصبر موسى -عليه السّلام- على أذى فرعون له وجبروته عليه، أمّا عيسى -عليه السّلام- فقد كان له من الصبر على ما لقيه من أذى بني إسرائيل وتكذيبهم له، فقد أرادوا أن يقتلوه ويصلبوه، لكنّ الله نجّاه منهم ورفعه إليه، ونزلت الوصيّة لمحمدٍ -عليه الصّلاة والسّلام- من الله تعالى، فقال له: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).
-كيف تعلم نفسك الصبر:
يتعرّض الإنسان في حياته إلى ابتلاءاتٍ ومحنٍ عليه أن يكون صابرًا فيها، وقد يؤدّي طاعةً بعد جهدٍ كبيرٍ فيصبر على ذلك، وقد يحاول ترك معصيةً، أو ذنبٍ، فيستعين بالصبر ليحقّق ذلك، فالصبر مهمٌّ في حياة الإنسان في كلّ الأحوال والأوقات، وفيما يأتي بيان بعض الوسائل والطرق التي تُعين على التخلّق بالصبر:
١- استشعار الإنسان الثواب الجزيل، والأجر العظيم الذي أعدّه الله -تعالى- لأداء الطاعات والعبادات.
٢- أن يتذكّر دائمًا أنّ للمعاصي والذنوب عقابٌ شديدٌ عند الله تعالى.
٣- القراءة في أحوال الأنبياء عليهم السلام، وأولو العزم من الرّسل كيف أنّهم صبروا على كلّ ما حلّ بهم في حياتهم.
٤- الاستمرار بدعاء الله تعالى، مع الإلحاح فيه بأن يرزقه الله الصبر، ويُعينه على ذلك.
٥- الاستعانة بالصلاة، والإكثار منها، فالصلاة تُعين العبد على أن يكون صبورًا. أن يستحضر في نفسه الثواب والفضل العظيم، الذي أعدّه الله تعالى للصابرين.
٦- أن يكون الإنسان على علمٍ دائمٍ، وثقةٍ بالله أنّه الذي خلق الكون كلّه، وكتب كلّ شيءٍ عنده في اللوح المحفوظ، وقدرّه قبل الخلق، فيبقى على إيمانٍ بالقضاء والقدر خيره وشرّه.
٧- أن يكون العبد دائم التذكّر أنّ الدنيا زائلةٌ فانيةٌ، وما هي إلّا امتحانٌ، واختبارٌ من الله -تعالى- لعباده ليختبر عباده. أن يستحضر العبد النعم التي أنعمها الله تعالى عليه، وأنّ كلّ المصائب والابتلاءات التي تحلّ وتقع، ويحمد الله -تعالى- على أنّ ما حصل لم يكن أكثر من ذلك. أن يعلم الإنسان بأنّ بعد كلّ ما يحصل من ابتلاءاتٍ ومصائبٍ له سيأتي بعده فرجٌ من عند الله تعالى، فبعد كلّ عُسرٍ يُسرٍ.