الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العنف ضد المرأة عورة


دوت صرخاتها في أرجاء المنزل حتى فزع كل من فيه، وتوجهت مسرعة نحو أمها وصوتها يعلو بالبكاء تشكو لها ما حدث، نظرت الأم إلى وجهها فرأت آثار أصابع محفورة على خدها وكأنها نقش على حجر، إنه أخوها الأكبر مارس دوره المتسلط، وفهمه الخاطئ لمفهوم الأخ الأكبر وضربها بعنف لخلافه معها.

انتظرت الأم عودة الأب الحاكم في البيت، حامي الحقوق؛ لتخبره بما بدر من ابنه الأكبر تجاه أخته إلا أنها كانت الصدمة في رده عليها «أخوها الكبير وبيأدبها عادي»، نزلت الكلمات على الأم والفتاة كالصاعقة، حتى أدركت الفتاه أنها لا شيء، في حين ابتسم الأخ مدركا أنه كل شيء.

مرت فترة وجيزة من الزمن وتزوجت تلك الفتاة ولم يمر الوقت طويلا حتى دب الخلاف بينها وبين زوجها وما كان منه إلا أن كرر خطأ أخيها واعتدى عليها بالضرب أيضا، ضاقت الدنيا على الفتاة وذهبت مسرعة إلى أبيها وأمها لتشكو لهما فعلة زوجها، لكن كانت الصدمة مرة أخرى «ما كل الرجالة بيضربوا زوجاتهم».

بمثل هذه المواقف المتكررة في كل بيت مصري تأصل العنف ضد المرأة الذي نعاني منه الآن، دائما البداية من المجتمع الصغير وهو الأسرة فكل شاب وفتاة يتعامل في المجتمع الأكبر بناء على ما تربى عليه في أسرته وما زرعه فيه أبوه وأمه من قيم وأخلاق تجاه المرأة.

لن أقول كلاما متكررا في حق المرأة, فكلنا يعلم مكانتها وأهميتها في مجتمعنا، لكن أردت بكلماتي هذه الإشارة إلى التربية الخاطئة منذ البداية، التربية التي تؤصل لأفكار العنف ضد المرأة وتهميشها.

فالطفل حين يرى أباه يقدس أمه ويحترمها ولا يسلب حقها فلن يفعل إلا ما يفعل أبوه سواء مع أخته أو مع زوجته في المستقبل، والطفلة حين ترى أمها عزيزة مكرمة في بيتها مصونة من الإهانة والاعتداء فلن تقبل على نفسها إلا أن تكون كذلك، فلن تتهاون مع من يقلل منها أو يطمس شخصيتها.

هذه النشأة الخاطئة والتربية العقيمة كانت سببا في ازدياد الأفكار الغريبة ضد المرأة ليس فقط العنف إنما محاولات لهدمها وهدم كيانها على مر العصور، أفكار ليس الهدف منها إلا أن تكون المرأة خادمة في مجتمع الرجال .
 
الأفكار التي يعلو صوتها منادية بأن المرأة عورة وصوتها عورة وخروجها من بيتها عورة وعملها عورة ما هي إلا أفكار جاهلية وعوار يصيب المجتمع كله ليس فقط من ينادي بها، صمتنا نحو هؤلاء الجاهلين هو العورة ذاتها، هو العار الذي يلحق بالجميع.

عززوا فتياتكم في بيوت آبائهن وأمهاتهن، أكرموهن ولا تفرقوا بينهن وبين الإخوة الرجال لتخرج إلى المجتمع عزيزة نفسها مرفوعة رأسها رافضة كل ما يحاول هدمها.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط