فوائد صلاة الضحى.. صلاة الضّحى من النّوافل التي داوم الرّسول -صلى الله عليه وسلّم- عليها وحثّ بها الصّحابة - رضي الله عنهم-؛ فقد رُوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم -بِثَلاثٍ : صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ , وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى , وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ .
1-عندما يُقسِم رب العزة بشيء فذلك يدل على فضله وعظمته؛ وقد أقسم الله تعالى بالضحى في سورة الضحى، وهذا يدلّ على أهمية هذا الوقت من النهار، فهناك من فسّر أن المقصود هو النهار لأنّه ذكره بعد الليل، وهناك من فسّر الضحى بالفترة بعد طلوع الشمس وقبل الزوال، وفي كل الأحوال فإنه يقع في النهار، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلَّم يصلي في هذه الفترة صلاة الضحى.
2- تسد صلاة الضحى الصدقة عن جميع مفاصل الجسم، فالجسم يحتوي على ثلاثمائة وستون مفصلاً وكل مفصل يلزمه صدقة شكراً لله تعالى على هذه النعم، وصلاة الضحى تسد الصدقة عنها جميعاً.
3- من صلى اثني عشر ركعة من صلاة الضحى فإن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة، جاء حديث عن الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلَّم- قال: «من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة»، قال ابن حجر- رحمه الله –في كتابه الفتح: "وهذا الحديث له شواهد يتقوى بها".
1- نيل أجر الصّدقة؛ فقد رُوي عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: «يُصبح على كلّ سُلامى من أحدكم صدقة؛ فكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المُنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى».
2-كِفاية الله تعالى للمُحافظين على صَلاةِ الضُّحى: عن أبي الدّرداء وأبي ذر، عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- فيما رواه عن الله -عز وجل- أنّه قال: «ابن آدم، اركع لي من أول النّهار أربع ركعات أكفِك آخره».
3- وَصفُ المُحافظين على صلاةِ الضُّحى بالأوّابين: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: «لا يُحافظ على صلاة الضحى إلا أوّاب. قال: وهي صلاة الأوابين».
صلاة الضّحى سُنّة عند جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة، وذهب المالكيّة إلى أنّها مندوبةٌ ندباً أكيداً، أي أنّها أقل استحباباً من السّنة المُؤكّدة، وقد جاء في الحاوي الكبير من كتب الشافعيّة قولهم: "وأما صلاة الضّحى فسُنّة مُختارة قد فعلها رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وداوم عليها واقتدى به السّلف فيها"، وهي من السّنن الرّاتبة عندهم؛ ومعنى ذلك أنّها تُقضى إن نَسيها أو تركها عمداً أو سهواً؛ فقد قال الشيرازيّ بعد ذكر السّنن الرّاتبة وعقب صلاة الضّحى مُباشرة: "ومن فاته من هذه السّنن الرّاتبة شيء في وقتها ففيه قولان: أحدهما لا يقضي لأنّها صلاة نفلٍ فلم تُقضَ كصلاة الكسوف والاستسقاء، والثّاني يَقضي لقوله - صلّى الله عليه وسلم- «مَن نسي الصَّلاةَ أو نام عنها فلْيُصَلِّها إذا ذكَرها»؛ ولأنّها صلاة راتبة في وقتٍ مُحدّدٍ فلم تسقط بفوات الوقت، بخلاف الكسوف والاستسقاء لأنّها غير راتبة وإنما تُفعَل لعارض وقد زال العارض".
ويقول إمام الحرمين الجوينيّ: "وكان شيخي يؤثر أن يقدم صلاة الضحى-من حيث إنها مؤقتة بنفسها- على النوافل الراتبة. وليس الأمر على ما ذكره؛ فإن السلف ما كانوا يواظبون عليها، حسب مواظبتهم على النوافل الراتبة، فالذي أراه أنها مؤخرة عن جميع النوافل الراتبة التابعة للفرائض"، ورجَّح ابن عرفة من المالكيّة كونها نافلةً لا سُنّةً كما يقول الزرقانيّ: "وما شاع عند العوام من إصابة من لم يواظب عليها - أي صلاة الضّحى- بمكروه في نفسه وأولاده فباطل، بل هي كبقيّة النّوافل لا حرج في تركها".
أجمع العلماء على أنّ أقلّ صلاة الضّحى ركعتان، أمّا أكثرها فقد اختلفوا فيه؛ فقال بعضهم أكثرها ثمانية، وقال آخرون أكثرها اثنتا عشرة ركعة، وقال فريق لا حدّ لأكثرها، وفيما يأتي بيان ذلك:
1-ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ أقلّ صلاة الضّحى ركعتان وأكملها ثمانية، لما رُوِي من حديث أم هانىء - رضي الله عنها-: «أنَّهُ لَمَّا كانَ عَامُ الفَتْحِ أتَتْ رَسولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وهو بأَعْلَى مَكَّةَ قَامَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عليه فَاطِمَةُ ثُمَّ أخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ به، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى»؛ فإن زاد على ذلك عامداً عالماً بنيّة الضّحى لم ينعقد ما زاد على الثّمان، فإن كان ناسياً أو جاهلاً انعقد نَفلاً مُطلقاً عند الشافعيّة، والحنابلة.
2-ذهب الحنفيّة إلى أنّ أكثرها ستّة عشر ركعة وأما إذا زاد على ذلك؛ فإمّا أن يكون قد نواها كلّها بتسليمةٍ واحدةٍ، وفي هذه الحالة يُجزّئ ما صلّاه بنيّة الضّحى وينعقد الزّائد نفلاً مُطلقاً، إلا أنّه يُكره له أن يُصلّي في نفل النّهار زيادةً على أربع ركعات بتسليمةٍ واحدةٍ، وإمّا أن يُصلّيها مُفصّلةً اثنتين اثنتين، أو أربعاً، وفي هذه الحالة لا كراهة في الزّائد مُطلقاً.
3- ذهب أبو جعفر الطبريّ والمليميّ والرويانيّ من الشافعيّة وغيرهم إلى أنّه لا حدّ لأكثرها، وقال العراقيّ في شرح الترمذيّ: "لم أرَ عن أحدٍ من الصّحابة والتّابعين أنّه حصرها في اثنتي عشرة ركعة"، وذهب إليه السيوطي كذلك، وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنّه سُئِل: "هل كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُصلّونها؟ فقال: نعم، كان منهم من يُصلّي ركعتين، ومنهم من يُصلّي أربعاً، ومنهم من يمدّ إلى نصف النّهار"، وعن إبراهيم النخعيّ أنّ رجلاً سأل الأسود بن يزيد: "كم أُصلّي الضّحى؟ قال: كما شئت".
إذا أراد المسلم أن يُصلّي صلاة الضُحى، فلا بُدَّ أن يكون جاهزاً حسيّاً ومعنوياً، فيتوضّأ ثم يتوجَّه للمكان الذي سيُؤدّي فيه الصلاة، ويُصلّي الضُحى بالكيفية الآتية:
1- النيَّة؛ وذلك بأن ينوي أن يُصلي الضُحى.
2- يُكبّر تكبيرة الإحرام.
3- يَقرأُ دعاء الاستفتاح.
4- يَقرأُ سورة الفاتحة.
5-يَقرأُ آياتٍ أو سورة قصيرة بعد الفاتحة.
6-يُكَبر ويَركعُ ويَقولُ في رُكوعه: سبحان ربي العظيم.
7- يَرفعُ من الركوع حتى يستوي قائماً، قائلاً: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
8- يُكبر ويَسجدُ ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى.
9- يَرفع من السُجود ويَجلس جلسةً قصيرةً.
10-يَسجد سجدةً ثانيةً ويقول في سجوده كما قال في السجود الأول.
11- يرفع من السجود ويُصلّي باقي الركعات كما صلَّى الركعة الأولى؛ مع الأخذ بعين الاعتبار الجلوس للتشهد بعد صلاة الركعتين.
12- يجلس للتشهُّد الأخير، وقراءة التشهد والصلاة الإبراهيميّة.
13-يُسلّم عن يمينه، ويقول أثناء التسليم: السلام عليكم ورحمة الله.
14-يُسلّم عن شماله، ويقول أثناء التسليم: السلام عليكم ورحمة الله.
الضّحى لغةً مصدرها ضَحَوَ، والضَّحْوُ ارتفاعُ النّهار، والضُّحى فُوَيق ذلك، والضّحاء إذا امتدّ النّهار وكَرَب أن ينتصف، وضحا يضحو ضُحُوّاً وضَحِيَ يَضْحَى ضَحًى وضُحِيّاً، وضَحِّ الأُضْحِية، وأَضْحِ بصلاة الضُّحَى إضحاءً، أي أخّرها إلى ارتفاع الضُّحَى، وهَلُمَّ نتضحَّى، أي نتغدّى، وتَضَحَّتِ الإبِلُ: أخذت في الرّعي من أوّل النّهار.
لصلاة الضّحى أسماء أُخرى، منها: صَلاة الإشرَاق؛ وقد سُمّيت بصلاة الإشراق بسبب وقت صلاتها، كما سُميّت بصلاة الأوابين، والأوابون هم التّوابون، وقد جاء في الصّحيح من قول رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى».