مشاهدات من القاهرة السينمائي

من الأفلام الجيدة القليلة التي عرضها المهرجان في دورته الاخيرة lunana فيلم بسيط يثير مشاعر لدى المشاهد بسبب وجود أطفال ضمن أبطال الفيلم، وعلاقتهم بمدرس الفصل الذي يأتي إليهم "مضطرا" حيث يتم تكليفه بالخدمة الإلزامية في منطقة نائية في جبال الهيمالايا يصفها عندما يصل إليها بعد رحلة شاقة سيرا على الاقدام او "ركوب البغال" انها أبعد مكان في العالم، فأهل البلدة محرومون من مظاهر الحياة المدنية حيث لا توجد لديهم كهرباء ويعتمدون على مصادر الطاقة الشمسية وروث "الياك" للوقود.
مدرس تحمل شخصيته الكثير من الرومانسية حيث حلمه ان يهاجر ليعمل "مغنيا" في استراليا ولذلك مهنة التدريس ليست هوايته المحببه ولكن المفاجأة تحوله بسبب صدق مشاعر الأطفال واهتمامهم بالتعلم لمساعدتهم على التعلم بل ويبدع في إستخدام الأدوات المدرسية التي يفاجأ انها غير موجودة في الفصل! واعتبر نفسه كأنه سجين في ذلك المكان البعيد!
وتبدأ العلاقة بينه وبين الأطفال تزداد ارتباطا وكذلك بأهل تلك البلدة البسطاء، ويبدأ في التأقلم معهم.
السيناريو جيد ويسلط الضوء على تحولات المشاعر الإنسانية وحتى النهاية والتي توحي بعد هذا التقارب الوجداني بين المدرس والأطفال إلى بقائه وعدم مغادرته البلدة إلا أنه يحدث العكس! رغم تأثره بخطاب الوداع الذي كتبه الأطفال إليه.
وبالطبع وجود الأطفال اعطى الأداء كثيرا من المصداقية وايضا المناظر الطبيعية الخلابة في تلك المنطقة من خلال الهيمالايا جعلت التصوير يبدو رائعا، مع أداء تمثيلي جيد وبالذات للأطفال وجميع أبطال الفيلم غير محترفين يمثلوا للمرة الأولى.
الفيلم من مملكة "بوتان" في قارة أسيا لم يسمع عنها الكثيرين ولذلك كان لدي فضول لاكتشاف سينما هذا المكان.
أبناء الدنمارك ..صناعة الإرهابيين العرب
مؤخرا أصبحت الدنمارك محط أنظار أجهزة المخابرات الدولية بعد عدة حوادث إرهابية في قلب أوروبا بعدما كانت حتى عام 2016 أسعد دول أوروبا حين أطلقت رئيس الوزراء وقتها تصريحا قلب الأمور حيث قالت إن بلادها تحتل المرتبة الثانية بعد بلجيكا من حيث عدد المواطنين الذين انضموا إلى القتال في صفوف داعش!
فيلم son's of denmark والذي عرض في مسابقة مهرجان القاهرة مؤخرا هو من صناعة أبناء المهاجرين العرب هناك والذين أصبحوا يعانون من سياسة اليمين المتطرف منذ تعمدوا نشر الرسوم المسيئة للرسول مما تسبب في حساسية بين الدنماركيين وأبناء الأقليات هناك.
يبني صناع الفيلم قصتهم على خطاب العنف والكراهية المتصاعد الأن هناك، فالاحداث تدور في المستقبل القريب بعد سنوات عام 2025 "كأنه تحذير" حيث تغرق العاصمة كوبنهاجن في حوادث إرهابية بالتزامن مع انتخابات جديدة وزعيم حزب دنماركي سياسي "متطرف" يقوم برنامجه الإنتخابي على ضرورة سحب الجنسية من اللذين جاءوا من دول العالم الثالث حيث يقول في خطابه بعد فوزه " مُنحت لهم الجنسية ويجب أن نسحبها هم جاءوا بسبب حروب والان إنتهت فيعودوا".
أظهر مخرج الفيلم مدينة "كوبناهجن" غارقة في الظلام والإرهاب ومخططاته معظم الوقت ما بين اليمين المتطرف "النازيين الجدد " وما بين "الإسلاميين المتشددين" الطرفين يتربصان لبعضهما ويخططان لهجمات ضد بعضهما! وربما أضاع السيناريو "الضعيف" فرصة جيدة لرؤية "أوضح وأعمق" داخل المجتمع الدنماركي واقتصاره على المتطرفين في الجانبين وحتى النهاية كانت دموية للطرفين! ولذلك سيطر خطاب العنف والكراهية على أحداث الفيلم ويبدو أن الهدف هو توجيه الإدانة للطرفين والتحذير من القادم "السيء"، وستجد الفيلم ناطق بالعربية والدنماركية وهو سيناريو وإخراج علا سليم وهو دنماركي من أصول عراقية ومعه ممثلين من أصول عربية "مصرية، عراقية، فلسطينية" زكي يوسف ومحمد إسماعيل وعماد ابوفول ولدوا في الدنمارك لأبناء مهاجرين عرب، وقدموا أداءا جيدا خاصة زكي يوسف في شخصية "مالك".
في النهاية دورة هذا العام كانت واحدة من أقل الدورات في مستوى أفلام المسابقة الرسمية في السنوات الأخيرة! لا تتذكر سوى القليل جدا منها.