الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا)!


في القرآن الكريم نقرأ بعض القصص بدون تفاصيل، ليس فيها أسماء للأشخاص ولا تحديد للزمان أو المكان، فالهدف هو العبرة باعتبارها أحداث متكررة، وقصة صاحب الجنتين نموذج لذلك.

والقصة هى حوار بين رجلين: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ..) الكهف 34، ويتفاخر صاحب الجنتين على صاحبه: (..أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) الكهف 34، وهو مثال للغرور بالنعمة، فالمغرور لا يأخذ النعمة بالشكر بل بالغرور، ويتوهم أنه حصل عليها بذكائه، وأنها اغنته عن الله الذي أعطاه القدرة على التمتع بها، فقد تملك المال ولا تسعد به، وقد تأكل الطعام ولا تستمتع به، وقد تنجب أولادًا يكونون سببًا لشقائك. 

ثم وصل صاحب الجنتين لإنكار الآخرة: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا) الكهف 36-35، والظن هنا يعني الشك، وفرضًا لو كان هناك آخرة: (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا) الكهف 37، يتوهم أن الله يحبه لأنه أغناه، ولكن الله خيب ظنه وأهلك جنته: (.. وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا..) الكهف 42.

وأي شيء تملكه هو ابتلاء، فإذا وظفته في طاعة الله فهو نعمة، وإذا وظفته في المعصية فهو نقمة، وصاحب الجنتين أخذ بالأسباب وامتلك الجنتين، ولكن نسى أن الأسباب بأمر الله، ولذلك من أخذ بالأسباب واعتمد عليها وحدها فقد أشرك، ومن لم يأخذ بها فقد عصى، فيجب الأخذ بالأسباب، والتوكل على الله وشكره.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط