حكم الجلوس مع شارب الخمر؟، ورد العديد الآيات والأحاديث النبوية التي تحرم شرب الخمر وتتوعد شارب الخمر بالنار في الآخرة، لأن شرب الخمر كبيرة من الكبائر التي حرمها الإسلام.
قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الخمر حرمت بجميع أنواعها بنص قرآني، مُستشهدًا بقوله تعالى: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، مطالبًا المسلمين بعدم الجلوس مع من يشربون الخمر، حيث إن هذا الأمر تم إقراره بالآية الكريمة.
وأضاف «الجندي»، خلال حلقة برنامجه «لعلهم يفقهون»، المذاع على فضائية «dmc»، اليوم السبت، أنه يجوز اختلاط الشخص بأصحاب المعاصي الأخرى والتي من بينها «الزاني»، وتارك الصلاة وغيرهم"، لافتًا إلى أن الأمر باجتناب شارب الخمر واجب في الآية فلابد من البعد عنه.
وأشار إلى أن الاجتناب في الشرع أعلى من التحريم، حيث إن التحريم يجوز معه الاختلاط، وذلك بعكس الاجتناب فشرب الخمر حرام واجتنابه واجب شرعي بنص القرآن.
وأوضح أن السنة وردت فيها روايات كثيرة لعنت ما يقرب من 17 شخصًا في قضية الخمر، من بينهم «حاملها وشاربها والعاملون فيها، وفي أي فعل يرتبط بها».
حكم الجلوس مع شارب الخمر
أكدت دار الإفتاء الأردنية، أنه يحرم على المسلم أن يجلس في مجلس يشرب فيه الخمر، وذلك لقوله تعالى «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا» (النساء:140).
واستدلت بما روي وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رواه أحمد، وحسنه بعض أهل العلم.
واستندت إلى الإمام السرخسي رحمه الله في كتاب "شرح السير" (1/57): «ينبغي للمسلم أن لا يقعد على مثل هذه المائدة، ولكنه يمنع من شرب الخمر على وجه النهي عن المنكر إن أمكن من ذلك، وأن لا يجوز من ذلك الموضع، فإن اللعنة تنزل عليهم».
حكم شرب الخمر
نوهت دار الإفتاء، بأن شرب الخمر حرام شرعًا؛ ودليل حرمتها: قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [المائدة: 90].
وأوضحت الإفتاء، لما كان شربها معصية كان الأصل في مجلس شربها أنه معصية أيضًا، وكانت مجالسة شارب الخمر حال شربه محرمة ولو لم يشربها المُجالِس؛ وذلك لقوله تعالى: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا» [النساء: 140].
وأضافت ومن السنة ما ورد عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ"، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ". رواهما الإمام أحمد وغيره. قال المناوي في [فيض القدير 6/ 211، ط. المكتبة التجارية]: "وإن لم يشرب معهم؛ لأنه تقرير على المنكر".
وألمحت إلى أن حكمة ذلك: أن الإنسان يوشك على الوقوع في المحظور ما دام يحوم حوله ويألفه قلبه وتنحسر حرمته وهيبة اقتحامه في قلبه ما دام ملابسًا لأهله مشاهدًا لاقترافه.
وتابعت: أما بخصوص التشبه بشرَبة الخمر في طقوس شربهم لها ومشاركتهم فيها وإن لم يشربها الشخص نفسه، فهو كذلك غير جائز؛ لما أخرجه أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
وواصلت: ونص علماء الإسلام على ذلك صراحة؛ فنقل العراقي في طرح التثريب [2/ 19، ط. دار إحياء الكتب العربية] أنه: "لو تعاطى شرب الماء وهو يعلم أنه ماء، ولكن على صورة استعمال الحرام -كشربه في آنية الخمر في صورة مجلس الشراب- صار حرامًا؛ لتشبهه بالشرَبة" .
واستطدرت: وجعل النووي من موجبات العقوبة التعزيرية: "إدارة كأس الماء على الشرب تشبيهًا بشاربي الخمر" اهـ. [روضة الطالبين 10/ 174، ط. المكتب الإسلامي].
وعرضت قول البهوتي في كشاف القناع [6/ 121، ط. دار الكتب العلمية]: "يحرم التشبه بشُرَّاب الخمر، ويعزر فاعله وإن كان المشروب مباحا في نفسه؛ فلو اجتمع جماعة ورتبوا مجلسًا وأحضروا آلات الشراب وأقداحه وصبوا فيها السكنجبين ونصبوا ساقيا يدور عليهم ويسقيهم، فيأخذون من الساقي ويشربون ويجيء بعضهم بعضا بكلماتهم المعتادة بينهم؛ حرم ذلك وإن كان المشروب مباحًا في نفسه؛ لأن في ذلك تشبها بأهل الفساد".
اقرأ أيضًا: