- أنور إبراهيم الكاتب والصحفى الإثيوبي لـ "صدى البلد":
- الشعوب هي الباقية مهما تغيرت الظروف السياسية
- النيل حلقة وصل وشريان حياة تشرب منه الشعوب الأفريقية
- تصعيد ملف سد النهضة ساهم في تسليط الضوء على إثيوبيا وقضاياها
- إثيوبيا فيها 9 قوميات وكل قومية تضم أكثر من 70 قبيلة
- المواطن الأفريقي ينقصه إيمانه بمنتجاته
علاقات تمتد منذ أبد الدهر، مواقف تاريخية ثبتت عمق العلاقات بين البلدين، فعلى الرغم من التحديات التى واجهتها مصر وإثيوبيا، إلا أن الدولتين أثبتتا للعالم كله روابط الأخوة بينهما، وأن هناك شعبين تصل بينهما علاقات ممتدة بطول نهر النيل الذى يعد الشريان الرئيسي لكلا الدولتين.
وعليه، حاور موقع "صدى البلد"، أنور إبراهيم، الكاتب والصحفى الإثيوبي، خصوصا في ظل حرصه على إطلاق كتابه "إفادات حول التراث الإثيوبي" من القاهرة ليصل إلى العالم كله.
وإلى نص الحوار..
ماذا عن تدشين كتاب "إفادات حول التراث الإثيوبي"؟
هذا الكتاب عبارة عن حصيلة جولات قمت بإجرائها في العديد من المناطق الإثيوبية، من أجل التعريف بالتراث الإثيوبي، وتقديم الثقافات المتعددة داخل إثيوبيا، فمنذ عام 2005 أقوم بالإعداد لهذا الكتاب ضمن برنامج الخرطوم عاصمة للثقافة العربية والمشاركة بعدة ندوات عن إثيوبيا، من هنا جاءتني الفكرة، وتم طبع الكتاب فى مصر عام 2016 ولكن تم تدشينه خلال الأيام القليلة الماضية بشكل رسمي.
أقوم حاليا بكتابة عدد من الكتب البعيدة عن السياسة، وتركز على الجانب التراثي والثقافى، وذلك لأنه مهما تغيرت الظروف السياسية فالشعوب هى الباقية، فإذا تعاونت الشعوب فالعلاقة ستكون أفضل، فليست علاقتنا فقط هى قضايا سياسية أو قضايا النيل ولكن هناك الكثير، فالنيل عندما خلقه الله فإنه كان حلقة وصل، أو شريانا تشرب منه هذه الشعوب.
حدثنا عن الجائزة التى حصلت عليها من وزارة الثقافة وما مناسبتها؟
حصلت على جائزة من وزارة الثقافة المصرية ضمن مهرجان أدب الطفل الأفريقي، وكان تكريمى مصادفا لتدشين الكتاب، وكنت من ضمن الكتاب المكرمين فى المهرجان حتى أننى كرمت فى مصر ولم أكرم فى إثيوبيا.
لماذا هناك بُعد بين الدول الأفريقية وبعضها البعض؟
أحمل الإعلام السبب الرئيسي لأننا جزء من هذا الغطاء على الرغم من وجود جهود فردية لتوطيد العلاقات بين الدول، ولكن الإعلام العربي مقصر فى حق إثيوبيا، فقبل سد النهضة أتحدى أن يكون هناك مواطن عربي يعرف عن إثيوبيا، فبعد ملف سد النهضة هناك بعض الكتاب الصحفيين المهتمين بهذا الملف، والذين يحاولون التواصل مع الجانب الإثيوبي للحصول على المعلومات، إلا أن هناك تخبطا فى بعض المعلومات التى ينشرونها لأنها لا ترتكز على مصدر.
أما التحديات الأخرى التى كانت سببا فى هذا البعد، فهى مسألة اللغة، فاللغة الأساسية فى إثيوبيا مثلا الأمهرية، وبالتالى ليس هناك كثيرون على دراية بتلك اللغة، وبعض الإثيوبيين فقط يعرف الإنجليزية، ولكن الاهتمام الإعلامى بعد سد النهضة، فى الفترة الأخيرة أصبح يركز على السد، وليس إثيوبيا، فلو لم يحدث تصعيد لملف السد؛ لم يكن لأحد أن يعرف عن اثيوبيا.
أما السبب الآخر، فهو أن الحكومات لم تهتم بجانب الدبلوماسية الشعبية، حيث بدأ الاهتمام بالاتفاقيات والتواصل التجاري والاقتصادى بغض النظر عن الجانب الثقافى.
أما الإعلام المصري، فيقدم معلومات عن مصر، فالعالم أصبح يعرف عن مصر وهو الأمر الذى نجح فيه الإعلام بصورة كبيرة.
لماذا تم اختيار القاهرة لتدشين كتاب إفادات عن التراث الإثيوبي"؟
الكتاب تجربة طويلة بدأت منذ عام 2005، وكانت محاولات للتعريف بإثيوبيا، وتطرقت لأهم العناصر من التاريخ والثقافة والموسيقى، وبدأت بتعريف العلاقات المصرية الإثيوبية، فضلا عن عكس جميع الأحداث عن إثيوبيا، بالإضافة إلى الجانب الثقافى، فإثيوبيا عبارة عن قارة مصغرة، فيها 9 قوميات وكل قومية فيها أكثر من 70 قبيلة وهى إرث ثقافى متعدد، وهناك تداخل قبلى مع الكثير من الدول المجاورة وقضايا مشتركة بينها، فعمل كتاب واحد عن الثقافة الاثيوبية ككل كذب وافتراء فمن الصعب من وضعها فى كتاب واحد، ولكن كتابى عبارة عن مقطفات من الموسيقى والقهوة الإثيوبية والمرأة الإثيوبية التى تعد الأساس والأهم فى الثقافة الإثيوبية.
فالمرأة بزيها التقليدي هى أساس وربان جلسة القهوة والتى تقوم بجميع الطقوس الإثيوبية، ولكن اخترت القاهرة لتدشين الكتاب لأنه من هنا تسطع الشمس، فجميع المتعلمين بأفريقيا لديهم علاقات مع مصر وبالتالي تدشينه من هنا يجعل الكتاب سريع الانتشار.
حدثنا عن مدونة القهوة الإثيوبية؟
عام 2002 أطلقت مدونة مكتوبة استمرت لثلاث سنوات تستعرض كل شيء عن إثيوبيا وركزت على الجانب الثقافي، والقهوة الإثيوبية، ولكني سأسعى لعمل كتاب خاص، فهي ليست مشروبا فقط، ولا داعى لشربها ما لم تعد من الجلسة التراثية، وعلينا أن نجلس عند احتساء القهوة، حيث تبدأ الطقوس من إعدادها وصولا إلى طريقة قلي البن، فنحن ندمن القهوة من رائحتها.
أما الطاولة الخاصة بالقهوة، فهى تسمى "عدة الجبل"، وهي ثقافة فى حد ذاتها ولها إرث يعكس الثقافة الإثيوبية، حيث تنحت مجموعة من الأشكال على الطاولة كأنك ترى كتابا فى هذا الطاولة المرسومة، والفناجين نفسها تعكس المورثات الإثيوبية.
وعن طريقة احتسائها، فإما أن تكون جلسة القهوة فى الأماكن المفتوحة وتكون وسط الأشجار والخضر، وإن كانت فى الأماكن المغلقة يتم وضع أوراق خضراء فى عدة القهوة، وذلك تيمنا بالطبيعة.
كيف ترى فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي؟
مصر فى فترة من الزمن كانت بعيد كل البعد عن القارة، وحضورها كان يقتصر على مشاركة شرفية، خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وهذا ما ترك فراغا كبيرا، وجعل الزيارات تقتصر على الوفود شبه الرسمية فقط، بينما خلال الفترة الحالية هناك عودة قوية جدا لمصر إلى أفريقيا، ولكن علينا توسيع دائرة التواصل.
وعلى سبيل المثال هناك كتاب فى إثيوبيا يسمى "أضواء على الحبشة"، وهو من تأليف كتاب مصريين، حيث كلف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ثلاثة كتاب وقتها بتأليف كتاب عن إثيوبيا، فكون رئيس دولة يكلف مجموعة من الكتاب باللحديث عن إثيوبيا يعبر عن تواصل كبير جدا، وهذا الكتاب يعد جولة فى تاريخ إثيوبيا.
وفى العدوان الثلاثي على مصر، كان هيلا سيلاسي، إمبراطور إثيوبيا، اعترض على تواجد إسرائيل ووصل الأمر وقتها للاحتكاك بـ إسرائيل وطرد سفيرها من البلاد، هذا كله تواصل كبير.
وفى الفترة الحالية عادت مصر بقوة للقارة الأفريقية، حيث ترأست خلال القمة الماضية للاتحاد الأفريقي التغيير المناخي، ثم تولت رئاسة الاتحاد الأفريقي، والذى برزت خلاله الجهود الواضحة فى السودان وملفات محاربة الإرهاب، فما تعانى منه مصر تعانى منه جميع الدولة الأفريقية من شرقها إلى غربها وجنوبها.
كيف يمكن استغلال ثروات القارة الأفريقية وتحقيق التكامل بين الدول؟
معظم الدول الأفريقية تصدر مواردها الخام للدول الخارجية ثم تستوردها فى صورة منتجات وسلع بأسعار مرتفعة، مثل الفول، حيث إن إثيوبيا تصدر الفول إلى الصين ولكن تستورده مصر معلب بسعر غالى، فنحن كشعوب نقوم بشراء الأشياء المعلبة بسعر غالى على الرغم من أن قيمتها الغذائية ضعيفة، لذلك ينقص المواطن الافريقي إيمانه بمنتجاته وطريقة تصنيعها، وتغليفها.
وعلينا القيام بتصنيع منتجاتنا، حيث إن إثيوبيا بدأت فى تطبيق ذلك الأمر من خلال تصنيع البن والقهوة الإثيوبية، ولكن نحتاج إلى أكثر من ذلك، لأن هناك بعض الدول الأجنبية التى تقوم بشراء المواد الخام وتقوم بإعادة تصنيعها وتغليفها ووضع اسمها عليها، فلابد أن يكون هناك وقفة لذلك.