الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المنتخب الأوليمبي .. يسعد المصريين


الرياضة ليست مجرد ألعاب لا هدف لها سوى تلك المتعة التي يستشعرها المشاهد، وليست هي تلك الحماسة التي تنتاب المشجعين لا لشي سوى لتفوق فريقهم، وليست كما يظن البعض هي نوع من بناء الجسم- الذي هو متحقق بمساعدة الرياضة- ولكنها أبعد من ذلك بكثير ومفهومها أعمق من كل هذا بمراحل.

فالرياضة هي تنافس بين اللاعبين، هذا التنافس الذي جبلت عليه النفس البشرية منذ أن خلقها الله سبحانه و تعالى، هذا التنافس الذي يأخذ العديد من الأشكال والكثير من الصور والمختلف من المجالات، هذا التنافس الذي لو لم ينبضط بأصول فإنه يتحول إلى عداوات وينقلب إلى أحقاد، ويصير نقمة على الجماعات البشرية، وكارثة على الإنسانية، فيبدأ الإنسان بالاعتداء على أخيه الإنسان، وتأخذ الجماعات البشرية في ظلم بعضها البعض، وتَغِير الدول على غيرها من الدول وتصبح الحروب القاعدة وليس الاستثناء، ويقتل في سبيل ذلك الآلاف بل عشرات الآلاف بل ربما الملايين من البشر.

إذًا فليس هناك جدال من أن للرياضة بعدا أعمق كثيرا وأخطر من تلك الحماسة التي تصيب المشجعين لهذا الفريق أو ذاك، تلك الحماسة التي هي الصورة الواضحة لانتماء المشجعين، ذلك الانتماء الذي يدور في عدد من الدوائر، تبدأ بدائرة صغيرة ربما تمثلت في فصل من فصول المدرسة الذي يشجع كل تلاميذه فريقهم الذي يتبارى مع فريق لفصل من نفس المدرسة، والتي تتصاعد إلى دوائر أخرى ليصبح التلاميذ المختلفي الانتماء لفصولهم في بوتقة واحدة مشجعين لمدرستهم في مواجهة مدرسة أخرى وهكذا إلى أن تنصهر جميع الانتماءات في الانتماء والولاء للوطن الذي ينافس غيره من الأوطان في مسابقة أو مباراة دولية.

هنا تصبح الرياضة هي البديل عن تلك المنافسات السابقة التي تتحول إلى عداوات قاتلة، فيلتف الجميع- أعني جميع الشعب- حول فريق بلادهم الذي لابد أن يحمل ويرتدي ألوان علم البلاد ليتحول الحدث "المباراة" إلى حدث وطني، ليأخذ -كما قلنا سابقا- ابعادا أعمق وأبعد كثيرا من مجرد مباراة رياضية.

من هنا أيضا نستطيع أن نتفهم تلك الفرحة العارمة التي تنتاب الجماهير، وتعم البلاد عند كل فوز رياضي، لأنه يمثل نصرا لهذا الوطن أو ذاك، ومن هنا أيضا يخيم الحزن ويضرب خيامه على الجماهير والوطن كله عموما حال وقوع خسارة، وهنا أيضا يكون لأعضاء الفريق المنتصر المكانة اللائقة الهائلة في نفوس أبناء الشعب، في ذات الوقت الذي تسقط فيه اللعنات على رؤوس المتخاذلين من أعضاء الفريق المنهزم لأنه لم يقدر حق التقدير قيمة ألوان العلم الذي يدافع عنه، ولم يقدم ما يليق من جهد وتعب لرفع راية البلاد خفاقة.

هذا الذي كان واضحا كل الوضوح وجليا بدرجة هائلة في تلك المقارنة التي فرضت نفسها، بين أعضاء فريقي منتخبي مصر: منتخب كرة القدم المصري للكبار، والمنتخب الأولمبي لكرة القدم، فالأول قدم أسوأ نموذج للأداء، وأقبح صورة للإعداد، وأقل قدر من الانتماء، فجاءت النتائج هزيلة غير مشرفة لمصر العظيمة فأحبطت الجماهير، التي صبت جام غضبها على اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني، وعلى النقيض من ذلك قدم المنتخب الأولمبي أداء رائعا، مشرفا؛ رفع به اسم مصر عاليا، وحقق طموح الجماهير المصرية في الوصول إلى أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠، هذا الأداء الذي عكس روح قتالية لدى اللاعبين، كما عكس تخطيطا مناسبا لتقديم مباريات تليق باسم مصر على أرض مصر، فاستحق أن تشيد به الجماهير التي أسعدها الأداء قبل النتائج، والتي سيطرت عليها الفرحة، فانطلقت حناجرها هاتفة باسم مصر عاليا، والتهبت الأيدي مصفقة لأبطال المنتخب الأولمبي الذي أسعد المصريين جميعا.

لقد كانت المقارنة كاشفة ما بين المخلص في أداء واجبه، وبين المتخاذل الذي لا يستحق إلا أن توجه له الإهانات، كما استحق المخلص أن توجه له الإشادات، فتحية للمنتخب الأوليمبي منتخب الرجال، والعار لكل من لا يقدر مصر حق تقدريها، والتي تصبح من خلاله في القمة.



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط