أبناء الرسول محمد .. أرسل الله عز وجل النبي محمد صلى الله عليه وسلم للدعوة الى الدين الإسلامي وإقناع الناس بأن الله وحده هو الاحق بالعبادة وانه لا يجوز إشراك احد معه في العبادة.. وممّا تميّز به رسول الله عن غيره من الرّسل أنّ الله -تعالى- أرسله للنّاس جميعًا، وليس إلى قومٍ معيّنين كباقي الرّسل، وأيّده الله تعالى بمعجزة القرآن الكريم لهداية الناس، تزوّج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من السّيدة خديجة في مكّة المكرّمة، وكان يبلغ حينها من العمر خمسًا وعشرين سنة، وقد رزقه الله -تعالى- بالأولاد من الذّكور والإناث، وتتمثّل الحكمة في رزق الله -تعالى- له بالأولاد حتّى تكتمل فطرته البشريّة، وتُقضى رغبة النّفس الإنسانيّة في حبّ الأولاد ووجودهم، أمّا الحكمة في فقد رسول الله لأولاده الذّكور في عمْرٍ باكرٍ؛ فكانت من أجل عدم فتنة النّاس بهم وادّعاء النبوّة لهم، وتعزية للنّاس الذين لم يرزقوا بأولادٍ ذكور، أو رزقوا بأولادٍ لكن توفّاهم الله، ومن الحِكم كذلك ابتلاء الرّسول، فالله -تعالى- يبتلي عباده، وأكثر النّاس ابتلاءً هم الأنبياء، ويكون بلاؤهم أشدّ من غيرهم.
أبناء الرسول محمد من الذكور
يبلغ عدد أبناء الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- سبعةٌ من الذّكور والإناث، فله من الذّكور ثلاثة، وله من الإناث أربعة، ومن المتّفق عليه أنّ جميع أولاده من السّيدة خديجة بنت خويلد، إلّا إبراهيم فإنّه ابن السّيدة ماريّة القبطيّة، وجميع أولاده توفّاهم الله في حياته، إلّا السّيدة فاطمة فإنها توفّيت بعده.
أبناء الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- من الذكور ثلاثة؛ وهم: القاسم: وهو أوّل أولاد رسول الله وذلك قبل نبوّته، وهو أيضًا أوّل أولاده انتقالًا إلى الرّفيق الأعلى، وكان يكنّى النبي بأبي القاسم نسبةً إليه. عبد الله: كان يلقبّ بلقبين: الطّيب والطّاهر، وورد اختلافٌ في ولادته، هل وُلد قبل النّبوة أم بعدها، والرّاجح من القول أنّه ولد بعد النّبوّة، وقد توفي وهو في عمرٍ صغيرٍ في مكّة المكرّمة. إبراهيم: كان مولده في شهر ذي الحجّة، في السّنة الثّامنة للهجرة، وكانت حياته قصيرة، حيث توفّي وهو صغير في مرحلة الرّضاعة، حيث قال في حينها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ إبراهيمَ ابني، و إنه مات في الثدْي، و إن له ظِئْرَيْنِ يُكْمِلَانِ رضاعَه في الجنةِ)، وفي اليوم الذي توفّي فيه إبراهيم وقعت حادثة كسوف الشّمس، فظنّ النّاس حينها أنّ الشّمس انكسفت لموته، وتداولوا الأقوال في ذلك، ثمّ كان ردّ رسول الله حينها أنّ أقوالهم خاطئة، وهذا بيّنٌ في الحديث الشّريف: (كَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ، فَقالَ النَّاسُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إبْرَاهِيمَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا، وادْعُوا اللَّهَ).
أبناء النبي من الإناث
أبناء الرسول محمد من الإناث أربعة زينب: وهي الابنة الكبرى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان مولدها في السّنة الثّلاثين من مولد رسول الله، وكان زواجها من أبي العاص بن الرّبيع، فهو من أكثر رجال مكّة أمانةً، ومالًا، وبراعةً في التّجارة، وهو على قرابةٍ بالسّيدة خديجة، فهو ابن أختها، وقد تمّ الزّواج بناءً على رغبة السّيدة خديجة، حيث يعدّ أبو العاص بن الربيع عندها بمثابة ابنها، وبعد نبوّة رسول الله آمنت السّيدة خديجة مع بناتها، إلّا أنّ أبا العاص بقي مشركًا، وكان لهما من الأولاد: عليّ وأمامة.
وقد توفّي عليٌّ بعد وفاة السّيدة زينب التي كانت وفاتها في السّنة الثّامنة من الهجرة، أمّا أمامة في حين وفاة أمّها كانت لا تزال صغيرة، وكان رسول الله يعتني بها اعتناءً شديدًا، ويعطف عليها كثيرًا، وتزوّجها علي بن أبي طالب، وذلك بعد وفاة خالتها السّيدة فاطمة، ثمّ تزوّجت بعد استشهاده بالمغيرة بن نوفل الهاشميّ، أمّا أبوها أبو العاص فكانت وفاته في السّنة الثّانية عشرة بعد وفاة زوجته بأربع سنين، وقد أسلم قبل ذلك وعاد إلى السيدة زينب رضي الله عنها.
رقيّة: كان مولدها في السّنة الثّالثة والثّلاثين من ميلاد رسول الله، وكانت تُعرف بشدّة جمالها، وقد تمّ زواجها من الخليفة عثمان بن عفّان في مكّة المكرّمة، ورافقت زوجها في الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، وكان لهما من الأولاد عبد الله، وعمرو، وكانت كنية عثمان بن عفّان بابنه عبد الله، لكن بعدما توفّي حين بلغ من العمر ستّ سنوات، أصبح يكنّى بابنه عمرو، وتوفّيت السّيدة رقيّة إثر مرضٍ أحلّ بها، وكان ذلك تزامنًا مع وقوع معركة بدر، لكن عندها أمر رسول الله زوجها عثمان أن يبقى معها، ولا يذهب للمعركة، وبشّره أنّ له أجر حضور بدر.
أمّ كلثوم: وكان تعرف بكنيتها هكذا، ولم يرد اسمٌ لها، وتزوّجت من الخليفة عثمان بن عفّان وذلك بعد وفاة أختها رقيّة في السّنة الثّالثة من الهجرة، لذلك لقّب عثمان بن عفّان بذي النّورين؛ لزواجه من ابنتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكن لها من الأولاد أحد، وكانت وفاتها في السّنة التّاسعة من الهجرة، حيث صلّى عليها رسول الله ودموعه تتساقط من عينيه من شدّة الحزن.
فاطمة: هناك محلّ اختلافٍ في سنة ولادتها، فقد قيل إنّه قبل النّبوّة بخمس سنين، وقيل في السّنة الواحدة والأربعين من مولد رسول الله، وكان زواجها من عليّ بن أبي طالب في السّنة الثّانية من الهجرة، وكان لهما من الأولاد الذّكور: الحسن، والحسين، والمحسن، أمّا المحسن فقد مات صغيرًا، ومن الإناث: أمّ كلثوم، وزينب، وتزوّجت أم كلثوم من الخليفة عمر بن الخطّاب، وكان لهما من الأولاد: زيدًا، ورقيّة، في حين تزوّجت زينب من عبد الله بن جعفر، وأنجبت له عدّة الأولاد، وقد كان لفاطمة مكانةً عند رسول الله، فقد كان يحبّها حبًّا شديدًا، فيفرح إذا فرحت، ويرضى إذا رضيت، ويغضب إذا غضبت، وقد عدّها رسول الله بأنّها سيّدة نساء هذه الأمّة، وكانت وفاتها بعد انتقال رسول الله إلى جوار ربه بستّة أشهر.