أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن صلاة المنفرد إمَّا أن ترِد مطلقة أو مقيدة، فإن وردت مطلقة فإنها تكون في مقابلة صلاة الجماعة كما قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم-: «صَلاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الْفَذِّ -أي: المنفرد- بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»، متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، والمقيدة هى: صلاة المنفرد خلف الصف.
وقالت دار الإفتاء المصرية، فى إجابتها عن سؤال: «هل تصح صلاة المنفرد خلف الصف فى صلاة الجماعة وهل يجوز له اجتذاب أحد المصلين ليصلى بجواره؟»، أن صلاة المنفرد خلف الصف إذا كانت لعذر -كأن لم يجد من يصف معه- صحيحة، فإذا انتفى العذر، فإنها تكون صحيحة مع الكراهة.
واستدلت فى فتواها بما رواه الإمام البخاري عن أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- «أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ -وَهْوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «زَادَكَ اللهُ حِرْصًا، وَلا تَعُدْ»؛ فأخذ الفقهاء من ذلك عدم لزوم الإعاد.
وأضافت أن الأمر الذي ورد في حديث وَابِصَةَ بن معبد- رضي الله عنه- عند الطبراني من «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم- رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ»، إنما هو على سبيل الاستحباب؛ جمعًا بين الدليلين.
وذكرت أن الحنابلة أبطلوا صلاة من صلى خلف الصف وحده ركعة كاملة دون عذرٍ، حملًا للأمر في حديث وابصة - رضي الله عنه- على الوجوب.
وأفادت بأن من لم يجد فرجة ولا سعة في الصف فللفقهاء فيه مذاهب: فيرأى المالكية وأحد قولي الشافعية - وهو ما نصَّ عليه الإمام الشافعي في "البويطي" واختاره القاضي أبو الطيب- أنه يقف منفردًا خلف الصف، ولا يجذب أحدًا لئلا يحرم غيره فضيلة الصف السابق، بل زاد المالكية أنه إن جذب أحدًا فلا يطعه المجذوب، وهذا رأي الكمال بن الهمام من الحنفية.
وواصلت: "أما عند الحنفية والصحيح عند الشافعية فإنه يستحب أن يجذب إليه شخصًا من الصف ليصطف معه، لكن مع مراعاة أن المجرور سيوافقه، وإلا فلا يجر أحدًا منعًا للفتنة".
وتابعت: "عند الحنابلة يقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك؛ لأنه موقف الواحد، فإن لم يمكنه ذلك فله أن ينبه رجلًا من الصف ليقف معه، وإلا صلى وحده خلف الصف، ويكره تنبيهه بجذبه، واستقبحه أحمد وإسحاق؛ لما فيه من التصرف بغير إذنه".
وأكدت أن صلاة المنفرد خلف الصف إن لم يمكنه إلا ذلك صحيحة باتفاق الفقهاء، ومن أجاز منهم له أن يجذب رجلًا من الصف أمامه فإنما اشترط معرفة موافقة المجرور على ذلك مسبقًا.
واختتمت أنه لذلك أيدت قصر صلاة المنفرد خلف الصف فى صلاة الجماعة على هذه الحالة فقط، أمَّا إن لم يعلم المنفرد خلف الصف هل يوافقه المجذوب أو لا، أو علم عدم موافقته على ذلك فليس له أن يجذب أحدًا؛ وذلك تأدُّبًا مع مذهب المخالف ودرءًا للفتنة.