تشتعل الحراق هذه الأيام بشكل لافت للأنظار ، وكما هو معهود منذ زمن طويل ومتعارف عليه لدى العاملين بالمصانع والشركات الكبرى ما يطلق عليه موسم الحرائق ، فتاره يقال تهربًا من الجرد السنوى بالمصانع والشركات وتارة أخرى يرجع السبب لماس كهربائى ، وهذا ما نسمع عنه دائمًا فى اشتعال الحرائق بمصر.
ثم تسير الأيام والشهور وتعاد الكرة مرة أخرى ، نستيقظ على حريق فى المصنع الفلانى أو المخزن العلانى ، والسبب ماس كهربائى ، وأرتفاع عدد الضحايا والمصابين بالأختناق ونتابع الأعداد حتى تتوقف النار بعد أن أتت على كل شئ بالمكان ، ثم يأتى دور التعويضات للمتضررين والمتوفين والمصابين ، وهكذا الأمر.
وعندما أتفحص النظر وأمعن التفكير فى تلك الأمور ومجريات الأحداث ، أستعجب لوقائع الأمور والأشياء على أرض الواقع ، ونأخذ مثال حادث الرويعى الذى وقع منذ أيام بسيطة ، كيف ترك الأمر لأصحاب الورش أن تقيم ورش للتصنيع فى العمارات السكنية ، وكيف يتم تخزين أقمشة وأدوات قابلة للأشتعال فى وسط المساكن وفى أذقة وحارات من الصعب وصول عربات الدفاع المدنى اليها ، ومن المسئول عن إصدار تصاريح لإقامة ورش ومخازن بالعمارات السكنية وسط اماكن السكن وفى مناطق أثرية قديمة ، وهل هناك علم بكل ذلك من مسئولى الأحياء ومحافظة القاهرة ، وهل أكتفى هؤلاء المسؤلون بعمل المحاضر والإنذارات دون تدخل حازم بقوة القانون لمن أقام تلك الورش والمخازن وسط المساكن.
وهناك سؤال أخر للمسئولين هل منطقة الرويعى هى المنطقة المنوط بها إقامة ورش ومخازن وسط الكتلة السكانية وبمساحات ضيقة لاتتناسب مع طبيعة التخزين والتصنيع وعرض الشارع ومساحة الشقة ، أم أن هناك العديد من المناطق السكنية بها مخالفات أمن وسلامة بسبب إقامة مصانع أسفل بئر السلم وورش للتصنيع المخالفة للمواصفات وتضر بالبيئة المحيطة وبصحة المواطنين ، هل مناطق مثل الموسيكى والعتبة وشارع الأزهر ومجرى العيون والسبتية وعكرشه وغيرها من المناطق داخل محافظة القاهرة وباقى المحافظات المصرية هل لم يسمع عنها المسؤلين أم يتغاضوا الطرف عن تلك المخالفات الجسيمه التى تكلفنا أروحنا وأمولنا.
هل يترك الأمر للظروف والأحوال دون دراسة وتدخل ومحاسبة وجلسات عمل وتخطيط أستراتيجى ونظرة مستقبلية لعدم حدوث وتكرار تلك المخالفات أم يبقى الأمر على ما هو عليه ونقوم برفع الأنقاض ودفع مبلغ لأهالى المتوفى عوضًا عن أخطائنا ومبلغ لأسرة المصاب دية عن أصابته ، أم نوفر كل هذا ونطبق القانون بكل حزم وقوة ونسن القوانين والتشريعات التى تتناسب مع تراكم الأخطاء الماضية من أهمال مجالس المحليات ونوابهم.
أرى أنه لابد للدولة من تدخل قوى بمعنى الكلمة فى تطبيق القانون والقضاء على الفساد والمفسدين ، من خلال منظومه وحزمه من القوانين المفعلة ، حماية لارواح البشر وممتلكات الدولة ، عداله فى تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير ، على أصحاب المتاجر الكبيرة أولا ثم الباعة السريحة ، رقابة صارمة على كل من لم يلتزم بشروط الأمن والسلامه والمحافظه على الأرواح والممتلكات وتراث مصر القديم ، تفعيل الدوريات المنتظمة للتفتيش والمرور اليومى على المنشآت والمخازن والمصانع والورش والأماكن الصناعية ، مع تطبيق الثواب والعقاب بكل عدالة وشفافية حتى يشعر المواطن بهيبة الدولة ورعايتها للمواطن وممتلكاته.
مصر الجديدة تحتاج لوعى وفكر جديد من الدولة والقائمين على تنفيذ ومتابعة السياسات ووعى وفهم من المواطن بأهمية القانون وتنفيذه وجدية التطبيق ، نحتاج من الشباب الواعى نظيف اليد أن يستمد الخبرة ممن هم أكبر سنًا ويقوم بالتنفيذ والمتابعه على أرض الواقع حتى تحيا مصر وتأخذ مكانتها وسط دول العالم المتقدم