هل يجوز الصلاة خلف إمام يصلي جالسا.. تعرف على اختلاف الفقهاء
قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن القيام ركن من أركان الصلاة المفروضة، إلا إذا كان الإنسان عاجزا عن الوقوف.
وأضاف وسام، فى إجابته عن سؤال «ما حكم من يصلى جالسًا مع قدرته على القيام؟»، أنه لا مانع من أن يصلي الشخص وهو جالس ولكن فى حال إذا كان مريضا أو لا يستطيع القيام فله أن يصلى وهو جالس، فتصح الصلاة ولا تكون باطلة مع كون الوقوف ركن فى الفريضة.
وأشار إلى أنه إذا كان الإنسان معافى وليس مريض ولكنه مُجهد ولا يستطيع القيام فمن الممكن أن يرتاح قليلًا ثم يقوم ليصلى، فالأصل أن الإنسان إذا كان مستطيعًا القيام فلا يجوز أن يصلى الفريضة وهو جالس إلا إن كان مريضًا.
هل يجوز الصلاة خلف إمام يصلي جالسا
صلاة القائم خلف الجالس في صلاة النافلة جائزة اتفاقًا عند الفقهاء، أما في صلاة الفريضة فهي جائزة عند الحنفية والشافعية؛ لأنَّه صلى الله عليه وآله وسلم صلى آخر صلاته قاعدًا والناس قيام، وأبو بكر رضي الله عنه يأتمُّ بالنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، والناس بصلاة أبي بكر وهي صلاة الظُّهر.
وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم الجواز، غير أن الحنابلة يستثنون الإمام الراتب إذا رُجِي زوال مرضه، فيجيزون الصلاة خلفه وهو جالس.
هذا كله إذا كان الإمام يصلي جالسًا ويركع ويسجد، أما إذا كان يومئ ركوعًا وسجودًا فيجوز الائتمام به عند زفر من الحنفية وعند الشافعية.
وفيما يلي ذكر نصوصهم في ذلك:
قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 59، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومئ)؛ لأن حال المقتدي أقوى] اهـ.
وقال الإمام العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (2/ 363، ط. دار الكتب العلمية): [(وفيه خلاف زفر) يعني يجوز عند زفر إمامة المومئ للذي يركع ويسجد؛ لأن صاحب الخلف كصاحب الأصل، ولهذا جازت إمامة المتيمم المتوضئ، وبه قال الشافعي، وقال الماوردي: عجز الإمام عن الأركان لا يمنع من الاقتداء به؛ كالقائم، وفي "المغني": (لا يؤم المضطجع والعاجز عن الركوع والسجود لمن يقدر عليهما في قول مالك وأحمد، خلافًا لزفر والشافعي)] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 198-199، ط. دار المعرفة): أمْرُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أنس رضي الله عنه ومن حدث معه في صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَمَنْ خَلْفَهُ جُلُوسًا منسوخٌ بحديث عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَالِسًا وَصَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا، فهذا -مع أنه سنة ناسخة- معقولٌ، ألا ترى أن الإمام إذا لم يُطقِ القيامَ صلى جالسًا وكان ذلك فرضه، وصلاة المأمومين غيره قيامًا إذا أطاقوه وعلى كل واحد منهم فرضُه، فكان الإمام يصلي فرضه قائمًا إذا أطاق وجالسًا إذا لم يُطق، وكذلك يصلي مضطجعًا وموميًا إن لم يطقِ الركوع والسجود، ويصلي المأمومون كما يطيقون فيصلي كلٌّ فرضه فتجزي كلًّا صلاته] اهـ.
وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 185، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز للراكع والساجد أن يصلي خلف المومي إلى الركوع والسجود؛ لأنه ركن من أركان الصلاة فجاز للقادر عليه أن يأتم بالعاجز عنه؛ كالقيام] اهـ.
وبناءً على ذلك: فلا مانع شرعًا من الصلاة خلف الإمام إذا صلى جالسًا؛ للعذر، أخذًا بقول مَن أجاز ذلك مِن الفقهاء.