قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هناك فرقًا بين الآداب والواجبات عند أداء الطاعات والعبادات مثل تلاوة القرآن الكريم.
وأوضح « وسام» عبر البث المباشر بالصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: « هل ينبغي استقبال القبلة عند قراءة القرآن ؟» ، أنه ليس من واجبات تلاوة القرآن الكريم أن يتوجه القارئ إلى القبلة، ولا أن يكون على وضوء طالما سيقرأ من شاشة إلكترونية كالتابلت أو الموبايل ، كما أنه ليس واجبًا على المرأة أن تُغطي شعرها أثناء التلاوة ، وإنما هذه الأشياء كلها إنما هي من الآداب .
وأضاف أن الآداب هي التي إذا التزم بها المسلم ، فإنه يُثاب على أدائها والالتزام بها ومراعاتها، لأنه يكون في مجلس يتلو فيه كلام الله سبحانه وتعالى ، فإن من الآداب أن يكون في هيئة معينة من الوضوء والتوجه للقبلة أو ارتداء الحجاب بالنسبة للمرأة، مؤكدًا أن هذا لا يكون على سبيل الوجوب.
هل الصلاة في السيارة يشترط فيها استقبال القبلة
قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للمسلم أن يؤدى سنن الصلاة «النافلة»، أثناء ركوبه الدابة -السيارة-، ولا يشترط استقبال القبلة.
وأوضح «عثمان»، خلال البث المباشر عبر صفحة دار الافتاء ، أنه ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى نافلة على راحلته في السفر حيثما توجهت به، فسقط شرط الاتجاه للقبلة، وسقط ركن القيام، لكنَّ ذلك مشروط بأن تكون صلاة نافلة، وأن يكون ذلك في السفر.
واستشهد بما روي عَن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وَهُوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ» رواه البخاري، وبما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِى السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاَةَ اللَّيْلِ، إِلاَّ الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ».
الانحراف مسموح به فى استقبال القبلة
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما هي درجة الانحراف المسموح بها في القبلة؟ حيث إن الاتجاه الحالي للقبلة في المسجد الذي نصلي فيه تنحرف عن الاتجاه الدقيق لها بمقدار 13 درجةً جهة اليسار، والمسجد به أعمدةٌ تتناسب مع هذا الانحراف، وسيؤدي تصحيح الانحراف إلى إهدارِ مساحاتٍ كبيرة مِن المسجد.
وأجابت الإفتاء، إن استقبال القِبلة حال الصلاة واجبٌ مأمورٌ به في قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾.
وأضاف، أن المقصود مِن استقبال القِبلة هو التوجه إلى عين الكعبة لمن كان في المسجد الحرام، والتوجه إلى المسجد الحرام لمن كان في مكة، والتوجه إلى مكة لمن كان خارجها، كما روى البيهقي في السنن الكبرى (2/ 9، ط. مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: «البيت قِبلةٌ لأهل المسجد، والمسجد قِبلةٌ لأهل الحرم، والحرم قِبلةٌ لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها مِن أُمَّتي».
وتابع: أما الشافعية فيُحكَى عنهم في هذه المسألة قولان: القول الأول: أنه يلزم الاجتهاد في إصابة عين القبلة، وهذا هو الأظهر عندهم، ويُنسَب أيضًا لابن القَصَّار من المالكية، والقول الثاني: أن التوجه إلى جهة القبلة كافٍ في استقبالها.
وكلام إمام الحرمين في "نهاية المطلب" (2/ 103-105، ط. دار المنهاج) -واعتمده حجة الإسلام الغزالي- يشير إلى أن الخلاف لا يتحقق في البعيد عن الكعبة؛ ولذلك قطع الإمام البيضاوي الشافعي في "تفسيره" بالرواية التي توافق مذهب الجمهور فقال (1/ 420، ط. دار الفكر): [وإنما ذكر المسجد دون الكعبة لأن عليه الصلاة والسلام كان في المدينة، والبعيدُ يكفيه مراعاةُ الجهةِ؛ فإن استقبالَ عينِها حرجٌ عليه، بِخلاف القريب] اهـ.
وأوضح أن البصير بأدلة القبلة يجعل التفات البعيد وانحرافه على درجتين: (أحدهما) الانحراف السالب لاسم الاستقبال وهو الكثير منه وأن يولي الكعبة يمينه أو يساره. (والثاني) الانحراف الذي لا يسلب اسم الاستقبال] اهـ.
وأضاف أن العلماء اتفقوا على صحة صلاة الصف الطويل المستقيم الذي لا انحناء فيه ولا تَقَوُّسَ، حتى وإن زاد طولُه على طول الكعبة أضعافًا مضاعفة، وهذا يقتضي أن ثمرة الخلاف لا تظهر إلا في نية التوجه؛ هل تكون للجهة أو للعين؟
وإنما كان ما بين المشرق والمغرب هو القبلة في حق أهل المدينة لأنهم شمال مكة وحقهم أن يتوجهوا جنوبًا والانحراف الكثير عنها أن يُشَرِّقوا أو يُغَرِّبُوا، والجهات أربعٌ؛ تمثل كلُّ جهة ربعَ الدائرة الكاملة وهي 90 درجة، وهذا يعني أن جهة القبلة هي ربع الدائرة، وما دام المصلي في حدوده فإنه مستقبلٌ للقبلة، وعلى ذلك فيصير الانحراف المسموح به عن سمت الكعبة هو 45 درجة يمينًا ومثلُها شمالًا.