* صندوق النقد: الاقتصاد المصري يحافظ على نموه في 2019
* تحديات تواجه الاقتصاد المصري لمواصلة الإصلاح
* أزعور: الإصلاحات الهيكلية في مصر ستهدف إلى زيادة النمو وجعله أكثر ثراء بفرص العمل
أصدر صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي، اليوم الإثنين، والذي توقع أن يحافظ الاقتصاد المصري على قوة نموه خلال عام 2019، كما كشف جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، المحادثات المصرية مع الصندوق بشأن برنامج المرحلة المقبلة.
تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي
قال تقرير صندوق النقد إنه من المتوقع أن يحافظ نمو الناتج المحلي المصري الحقيقي على قوته خلال عام 2019، مدعوما بإنتاج الغاز الطبيعي وانتعاش السياحة.
وأضاف التقرير أنه وعلى الرغم من إحراز بعض التقدم في الإصلاحات الهيكلية اللازمة لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، فإن مناخ الأعمال في المنطقة لا يزال بحاجة إلى الكثير من العمل للوصول إلى ما هو عليه في شرق آسيا.
وأضاف التقرير أنه ومن أجل المحافظة على زخم النمو، تركز مصر بشكل متزايد على العوائق الهيكلية القائمة منذ زمن طويل أمام النمو في القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى بذل جهود متواصلة لتحسين مناخ الأعمال، ومكافحة الفساد، وتقليل دور الدولة.
وأوضح التقرير أن الإصلاحات في تخصيص الأراضي الصناعية والمنافسة والمشتريات العامة وتحسين الإدارة هي خطوات أولى مهمة ، لكن الانتقال إلى اقتصاد شفاف يحركه السوق سيتطلب إصلاحات موسعة وتعميقية لتهيئة بيئة مواتية لتنمية القطاع الخاص.
أولوية الاقتصاد المصري
أشار التقرير إلى أن خصخصة الشركات المملوكة للدولة تعد أولوية اقتصادية في مصر، التي من شأنها تخفيض الدين العام وتحسين حوكمة الشركات وإيجاد مساحة لنشاط القطاع الخاص الذي يمثل أيضًا أولوية بدوره في مصر.
وأضاف أن الحوكمة في القطاع العام على نطاق أوسع لا تزال متأخرة، مشيرًا بشكل عام إلى أن ضمان الديون قد يقيد خيارات السياسة في المستقبل في بعض البلدان.
وتابع أن مصر أجرت تعديلات مهمة في السياسات الاقتصادية ترتكز على تحرير سعر صرف العملات الأجنبية، وضبط أوضاع المالية العامة لضمان بقاء الدين العام عند مستوى يمكن الاستمرار في تحمله، والإلغاء المرحلي لدعم الوقود المكلف وغير الموجه للمستحقين، والذي كان يمثل مصدر استنزاف لموارد الموازنة العامة.
الاقتصاد المصري والمنطقة
رأى صندوق النقد الدولي، أن مستويات النمو القوية التي يحققها الاقتصاد المصري من المتوقع أن تدعم اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكد أن التعديلات التي أجرتها مصر على السياسات الاقتصادية التي أجرتها دول مثل مصر، تسببت في اجتذاب تدفقات أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDIs)، على الرغم من الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتنفيذ إصلاحات هيكلية لتحقيق نمو أعلى على المدى المتوسط.
وعلاوة على ذلك، تمثل المشاركة المنخفضة للقوة العاملة موردًا هائلًا غير مستغل، وعلاج ذلك سيتطلب استثمارات عامة مستمرة في الخدمات التعليمية والصحية عالية الجود، لا سيما في مصر وموريتانيا والمغرب وتونس.
وقال التقرير: "إن تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي شرط مسبق أساسي للنمو على المدى الطويل وخلق فرص العمل في مصر"، مشيرًا إلى أن البلاد بحاجة إلى توفير ما لا يقل عن 700 ألف وظيفة سنويًا لاستيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل المتوقع وفق سرعة النمو السكاني المرتفعة.
وذكر التقرير أن المدخرات المالية في مصر استخدمت جزئيًا لتخفيف عبء التكيف مع الأوضاع على الفئات الأكثر ضعفًا من خلال التوسع في برامج التحويلات النقدية من 200 ألف إلى 2.3 مليون أسرة تغطي حوالي 10 ملايين شخص.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ينخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بشكل طفيف في عام 2019 إلى 3.6٪ ، منخفضًا من 4.3٪ في عام 2018، مدفوعًا في الغالب بباكستان والسودان.
وقال التقرير إنه من المتوقع أن يكون النمو في معظم البلدان أقل من متوسط الفترة ما بين عامي 2000-2015 في عام 2019. وفي عام 2020، من المتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المنطقة عند حوالي 3.7 ٪ ولكن سيتعافى إلى 5 ٪ على المدى المتوسط، والذي ستدعمه باكستان إلى حد كبير، حيث من المتوقع أن تعزز الإصلاحات الجارية النمو.
وتابع التقرير أن مستويات الدين العام المرتفعة لدى الدول المستوردة للنفط ليست ناتجة عن زيادة مفاجئة في الديون باستثناء السودان، وأشار إلى أنه بدلًا من ذلك، شهدت معظم البلدان زيادات على مدار سنوات عديدة، ويعود ذلك أساسًا إلى مزيج من الانخفاضات المستمرة في النمو وارتفاع العجز الأولي، خاصة في أعقاب الثورات العربية في 2011 في مصر والأردن والمغرب وتونس.
وواصل أن المراكز المالية في البلدان التي تسترد فيها التكاليف على نحو شبه كامل أقل عرضة لزيادات أسعار النفط العالمية في مصر والأردن والمغرب.
وقال التقرير إنه يمكن للمجتمع الدولي دعم هذه الدول من خلال توفير تمويل بشروط ميسرة، على سبيل المثال، الأردن وموريتانيا، ودعم مباشر للميزانية، مثل برامج صندوق النقد الدولي في مصر والأردن وتونس، والمساعدة الفنية لتحسين الإدارة الاقتصادية.
مصر وصندوق النقد..المرحلة المقبلة
ذكرت صحيفة ناشيونال الإماراتية، أن صندوق النقد الدولي يجري محادثات مع مصر للتوصل إلى ترتيبات جديدة لمواصلة مساعدة القاهرة في إصلاحاتها الاقتصادية، حيث سينتهي برنامج المساعدات الحالي، الذي تبلغ قيمته 12 مليار دولار، الشهر المقبل.
وقال جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، لـ ناشونال، إن مصر وصندوق النقد يناقشان الجولة المقبلة من الإصلاحات الرئيسية التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي واستكشاف سبل مواصلة التعاون بمجرد انتهاء البرنامج الذي يمتد لثلاث سنوات في نوفمبر المقبل.
وأضاف: "'أعربت السلطات عن اهتمامها بإجراء ترتيبات جديدة.. في هذه المرحلة نناقش مع السلطات المصرية ما هي أولويات الإصلاح، وما هي الإصلاحات الرئيسية لديهم، وبناء على التقدم المحرز، سنحدد معًا ما سيكون نوع الترتيب".
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر وقعت على تسهيلات موسعة للتمويل مدتها 3 سنوات بقيمة 12 مليار دولار في نوفمبر 2016، لإنعاش اقتصادها من خلال تدابير إصلاح اقتصادي صارمة. حيث حررت الحكومة سعر صرف العملات الأجنبية، وخفضت الدعم، فضلا عن المزيد من التخفيضات في الإنفاق، ما ساعد في إنهاء النقص الكبير في الدولار، وإصلاح الموازنة المثقلة بالأعباؤ وإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية.
وتابع أزعور أنه:"من المهم للغاية بالنسبة لنا أن تعالج الموجة القادمة من الإصلاحات بعض العوائق التي تحول دون النمو، من خلال إصلاح بيئة الأعمال التجارية، والسماح للقطاع الخاص بالحصول على حصة أكبر من السوق".
وأوضح أن الإصلاحات الهيكلية ستهدف إلى زيادة النمو وجعله أكثر ثراء بفرص العمل.
وشدد أزعور على أنه يجب أن تستهدف الإصلاحات النمو الشامل، بمعنى إعادة النظر في مدى مشاركة الدولة في الاقتصاد وتوفير دور أكبر للقطاع الخاص. وقال إن مصر يجب أن تعالج "الاختناقات التاريخية"التي تواجه الاستثمار الخاص والاستثمار في التعليم من أجل استخراج المواهب الموجودة بالمجتمع.
ولفت أزعور إلى أنه لا يوجد إطار زمني لاختتام المناقشات، مؤكدا على أن هناك تقدما يجرى على قدم وساق.
ويتوقع صندوق النقد أن يتوسع الاقتصاد المصري بنسبة 5.5% هذا العام، مرتفعًا من 5.3% في عام 2018، وأن ينمو بنسبة 5.9 % في عام 2020. وأن يصل معدل التضخم في عام 2019 إلى 11.4% قبل أن ينخفض إلى 8.4% في عام 2020 ، وفقًا لتوقعاته الاقتصادية الإقليمية التي نشرت في وقت سابق من هذا الشهر.