لكل اسم حكاية.. قرية الشيخ عبادة بالمنيا ومارية القبطية زوجة الرسول

تعد قرية الشيخ عبادة بملوى جنوب المنيا من أعظم المناطق الأثرية وعروس الصعيد حيث تضم آثارا فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية كما اعتبرت مركزًا لنشر الحضارة الإغريقية بالصعيد فى العهد الرومانى.
ويرجع تاريخها إلي الملك رمسيس الثاني كما أن أصل المنطقة قرية تسمى " بسا " وهو إله فرعوني قديم، ثم أُقيمت عليها مدينة " هيبنو آتي’" الفرعونية ، والتي سُميت باسم الطبيب الخاص للملك لرمسيس الثاني، ويوجد بالبلدة معبد فرعوني على طراز معبد الأقصر و معبد للملك رمسيس الثاني وقد أقامه تكريمًا للإله تحوت الممثل على شكل قرد ومعبد قبطي ومعالم أثرية كبيرة ترجع لجميع العصور.
ويقال إن لها ممرا تحت الأرض يربط بين هذه القرية وقرية الأشمونين ويمر تحت نهر النيل بطول حوالي 7 كيلو مترات وهى بالقرب من أطلال المدينة القديمة ( لانتينوبوليس ) أو ( انتينوى ).
وكان الإمبراطور الرومانى هدريان عمل على توسعة وتجميل هذه المدينة تخليدًا لذكرى عشيقه ( أنتينوى ) حيث كان في رحلة نيلية لمشاهدة آثار مصر وما بها من معابد وعند عودته تنبأ العرافون بحدوث خسارة كبرى للإمبراطور عند ذلك ضحى ( أنتينوى ) غلامه وعشيقه بنفسه في النيل في هذا المكان فداءً لهادريان من تلك النبوءة وأطلق عليها الإمبراطور اسم (أنطيوبولس ).
قديما كان هناك اعتقاد مشترك بين المصريين والإغريق بأن غرق إنسان في النيل يرفعه إلى مرتبه القديسين وجاءت المدينة الجديدة تحقيقًا لأهداف السياسة الرومانية الخاصة بإنشاء مدن ذات طابع إغريقي ، وامتزجت فيها الديانتان المصرية والرومانية حيث امتزج الإله المصري "أوزورس "بانطونيوس وصار حامى المدينة الجديدة هو " أوزير أنطونيوس " وجلب لها الإمبراطور سكان بطلمية ونقراطيس واكسيرنخوس ( البهنسا ) أي من طبقة الإغريق هذا فضلا عن عدد من المصريين ومنح الإمبراطور حقوق المواطنة وامتيازات لم تحصل عليها المدن الإغريقية الأخرى ومنها الإسكندرية نفسها ومن ثم أصبحت مركزًا لنشر الحضارة الإغريقية بالصعيد وازدهرت بها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية الروحية فكانت المدينة مركزا تجاريًا كبيرًا طيلة العصر البيزنطى بعد الإسكندرية .
وقرية الشيخ عبادة هى مسقط رأس السيدة مارية القبطية زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ولدت بها السيدة مارية القبطية رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي أهداها المقوقس حاكم مصر إلى الرسول ووصفها بأن لها ولأختها مكانًا عظيمًا بالقبط وكان من بين الهدايا التى اهداها المقوقس حاكم مصر للرسول ( ص ) 20 ثوبًا من المنسوجات التي اشتهر بصناعتها إقليم المنيا وهى الثياب المعروفه باسم " القباطي " وهى ثياب من الكتان الأبيض به زخارف وقد امتدحها النبي صلى الله عليه وسلم إعجابًا وتقديرًا وكفّن في بعضها.
وقد اهتم الصحابة بهذه القرية وأعفاها معاوية من الخراج وأرسل إليها الصحابي عبادة بن الصامت عام 12 هجرية ليبحث عن بيت السيدة ماريا رضي الله تعالى عنها ويبني مسجدًا مكانه وقد كان وبني مسجدًا عرف باسم مسجد الشيخ عبادة ، ومن بعده جاء صلاح الدين الأيوبي وأعاد تسمية المدن والقرى المصرية، فسميت بالشيخ عبادة.
يذكر أن عبادة ابن الصامت هو الصحابى الجليل عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج , كنيته أبو الوليد الأنصاري وروي حوالي 181 حديثا ، وشهد بيعة العقبة الأولى والثانية وأحد الصحابة الخمسة الذين جمعوا القرآن الكريم فى عهد الرسول ( ص ) ووصفه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بقوله " رجل يعد في الرجال بألف رجل ".