الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسلوب القرآن


عند قراءة القرآن يرى فريق من الناس أنه أمام كلام سهل في تركيب عباراته، وأنه يمكن كتابة نصٍ أكثر بلاغةً منه، ويرى فريق آخر أنه أمام كلام غير مفهوم، ويرى فريق ثالث أن الكلام مفكك ومكرر. 

والسبب أن البعض لم يتعود على أسلوب القرآن الذي يبني العبارات بطريقة تختلف عن أسلوبنا في الكتابة، فمثلًا سورة الفاتحة تتكلم عن الله بصيغة الغائب: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) الفاتحة 4-1، وكأن المتكلم ليس الله، ولذلك يعتبر المشككون أن القرآن من تأليف الرسول لاختلاف ضمير المتكلم.

ثم تتحول الصيغة إلى المخاطب، وكأن المتكلم المؤمنون وليس الله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) الفاتحة 6-5، وتختم بتقرير حال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) الفاتحة 7.

الآيات تبدو عباراتها بسيطة، ومع ذلك لو حاولنا تقليدها لظهرت بصورة هزيلة، ولو استخدم القرآن أسلوبنا في بناء العبارات ستأتي سورة الفاتحة كالتالي: "يبدأ الوحي بسم الله الرحمن الرحيم. وأن الحمد لله رب العالمين. وأنه هو الرحمـن الرحيم. وهو مالك يوم الدين. وأنه إياه اعبدوا وبه استعينوا. واطلبوا منه الهداية للصراط المستقيم. لأنه صراط الذين أنعم عليهم وليس للمغضوب عليهم ولا للضالين". 

الأسلوب أصبح ركيكًا، واستخدمت عبارات إضافية أطالت السورة وزادت المعنى غموضًا، بينما عرفنا في سورة الفاتحة أن الله هو المقصود بصيغة الغائب، بدون ضعف في الصياغة أو خلل في المعنى، ولذلك فإن تغير صيغة المتكلم في الآيات لا يعني أن هناك متحدث غير الله.

من يسعى لفهم القرآن عليه التدبر فيه ليعرف أسلوبه، بدلًا من الحكم عليه باستخدام أساليبنا اللغوية والتي يريد البعض من القرآن النزول لمستواها حتى يرضى عنه ويفهمه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط