حكم صلاة العشاء خلف من يصلي الوتر؟ أجاز الفقهاء اقتداء من يصلي فرضًا خلف المتنفل الذي يصلي نافلة، والعكس أي: صلاة المتنفل بمن يصلي فرضًا، .
والدليل على جواز صلاة العشاء خلف من يصلي الوتر، ما رواه مسلم عن جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللّهِ «أَنّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلَ كَانَ يُصَلّي مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ الآخرة، ثُمّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلّي بِهِمْ تِلْكَ الصّلاَةَ، فتكون نافلة لمعاذ رضي الله عنه وفريضة لقومه».
صلاة العشاء خلف من يصلي الوتر
وقال الدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أن الإمام مخير في الوتر بين أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يقوم للثالثة، أو يصلي ثلاثا بسلام واحد، فإذا صلى ركعتين وسلم، فليقم الذي ائتم به عشاء لما بقي من صلاة العشاء، وكذا إذا صلى الإمام ثلاثًا فإن المأموم يقوم لما بقي من العشاء، ولا يضر اختلاف نظم الصلاة للمتابعة، بل إذا قنت الإمام في الوتر فإن المأموم يقنت للمتابعة.
واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «ما صلاة العشاء خلف من يصلي الوتر؟»، بما قاله الإمام النووي في «المجموع»: ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز، باتفاق (أي عند الشافعية) ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام، ثم يقوم المأموم إلى ركعته.
وقت صلاة الوتر
صلاة الوتر تُؤدَّى ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، تُختَمُ بها صلاةُ الليل، سبب تسميتها وترًا: لأنها تُصلَّى وِترًا «ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو أكثر»، ولا يجوز جعلها شفعًا –أي: زوجًا-.
فضل صلاة الوتر
صلاة الوتر من الصلوات التي رغَّب فيها الشارع، وحثَّ على أدائها؛ فقد أخرج مُسلمٌ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «... وَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ، يُحِبُّ الْوِتْرَ».
حكم صلاة الوتر
صلاة الوتر سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، وليس واجبة ومن تركها فلا إثم عليه، فيثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
أفضل وقت لصلاة الوتر
وقت صلاة الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويستحب تأخيرُها إلى ثُلُثِ الليلِ الأخير، إلا إذا خاف الإنسان أن لا يقوم من الليل، فيوتر قبل أن ينام.
عدد ركعات صلاة الوتر
أقل الوتر ركعة واحدة، وأما أكثره فإحدى عشرة ركعةً، وتصلى من بعد العشاء إلى قبل أذان الفجر.
كيفية صلاة الوتر
يجوز للمصلي أن يوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع، أو بإحدى عشرة ركعة وذلك بالكيفية الآتية: أولًا: أن يوتر بركعة واحدة ويسلم، أو يوتر بثلاث ركعات، ولها كيفيتان: الأولى: أن يصلي الثلاث ركعات بتشهد واحد يسلم بعده. الثانية: أن يسلم من ركعتين ويختم بواحدة.
"ثانيًا: أن يوتر بخمس ركعات، أو بسبع فيصليها متصلة بتشهد واحد يسلم بعده، ثالثًا: أن يصلي إحدى عشرة ركعة، فيسلم من كل ركعتين ثم يختم بواحدة".
صلاة الوتر في المذاهب الأربعة
للفقهاء آراء فى صلاة الوتر، فيرى الأحناف: أن الوتر واجب وهو ثلاث ركعات كالمغرب لا يسلم بينهن، ويقرأ في جميعها فاتحة وسورة ويقنت في الثالثة قبل الركوع مكبرا رافعا يديه، أما المالكية يقولون أنه سُنة مؤكدة لكن لا تكون إلا بعد شفع يسبقها- أي ركعتين - ثم يسلم وبعدهما ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه.
الشافعية يرون أنه سنة مؤكدة وأدنى الكمال ثلاث ركعات فلو اقتصر على ركعة كان خلاف الأولى وله أن يصلي ركعتين ثم يسلم ويأتي بثالثة أو يأتي بالثلاثة بتشهد واحد، وقال الحنابلة أنه سنة مؤكدة وأدنى الكمال ثلاث ركعات فله أن يصلي ركعتين ثم يسلم ويأتي بثالثة أو يأتي بالثلاث بتشهدين وبسلام واحد كما تصح صلاة الوتر بركعة واحدة.
حكم قضاء صلاة الوتر
الفقهاء اختلفوا في حكم قضاء صلاة الوتر بعد الفجر، فذهب الحنفيةُ إلى وجوب قضاء الوتر على من طلع عليه الفجر دون أن يصليه، يستوي في ذلك من تركه عمدًا أو نسيانًا، طالت المدة أو قصرت، حتى ذهب أبو حنيفة إلى بطلان صلاة الصبح لمن صلاه وهو ذاكرٌ أنَّهُ لم يُصَلِّ الوترَ، لوجوب الترتيب بين الوتر والفريضة عنده.
وذهب المالكية إلى أن الوتر لا يُقضى إذا تذكَّرَهُ بعد أن أدَّى صلاةَ الصُّبحِ، فإن كان تذكُّرُه للوتر لم يحدث إلا بعد الدخول في صلاة الصبح، فيُندب له إن كان منفردًا أن يقطع صلاة الصُّبح ليصلي الوتر، إلا إذا خاف خروج الوقت، وإن كان تذكُّرُه في أثناء ركعتي الفجر فقولان عندهم: أحدهما: يقطعها كالصبح، والثاني: يتمها ثم يُوتِر.
ورأى الشافعية في الجديد إلى أنه يُستحب قضاء الوتر، وهو الصحيح عندهم، لما رواه مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: «أَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي» [طه: 14]. والقول القديم أنه لا يقضى، وذهب الحنابلةُ إلى أنه يُندب قضاء الوتر إذا فات وقتُه، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنِ الوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ وَإِذَا اسْتَيْقَظَ» (رواه الترمذي)، قالوا: ويقضيه مع شفعه.
ومن عرض أقوال الفقهاء يتبين لنا أن مِن الفقهاء مَن ذهب إلى قضاء الوتر بعد خروج وقته، ومنهم من لم يرَ ذلك، وطبقًا لما هو مقرر عند الفقهاء من أنه لا يُنكر المختلف فيه، فللسائل أن يأخذ بأحد هذه الآراء، إلا أننا ننصح السائل الكريم أنه إذا وَثِقَ باستيقاظه أواخرَ الليل فيُستحب له أن يؤخرَ وتره ليؤديه آخر الليل، وإلا فيستحب تقديمه قبل النوم، لما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ».