في صيف 2015 وداخل فندق شيراتون "دمشق"، جلست ومعي بعض الزملاء في لقاء مع شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى من "الأمم المتحدة"، كانت جلسة اطلاع واستماع عن تطورات الأوضاع فوق الأراضي السورية من وجهة نظر شخصية دولية "محايدة" كانت تريد توضيح بعض الأمور التي تدور فوق الأراضي السورية لنا، وأيضا نعرف بعض الحقائق الغائبة، حيث كانت الشخصية في مهمة رسمية للأمم المتحدة وقتها.
ومن بين ما ذكرته تلك الشخصية الدور السلبي للأتراك وتحديدا في مدينة "حلب"، وعلى رأسها الاستيلاء على مصانع بالكامل ونقلها لتركيا! وكانت "حلب" مؤهلة قبل الحرب لتكون مدينة اقتصادية عالمية بشهادة الصينيين، في خطة بدت ممنهجة لنهب عاصمة الصناعة السورية، بالطبع هذا جزء بسيط مما ارتكبه أردوغان بسياساته الاستعمارية والإرهابية فوق الأراضي السورية.
ولكن المتتبع لأردوغان سيجد أن مصر هي الكابوس الأكبر الذي يزعجه منذ سنوات وتحديدا عندما فقد حلفاءه "جماعة الإخوان" والذين فشل في إنقاذهم حتى الساعات الأخيرة قبل 30 يونيو حينما أرسل رئيس مخابراته يحذر مرسي ورفاقه من تحركات الجيش، فتجده منذ 2013 لا يترك مناسبة وإلا ويداعب فيها مشاعر "الجماعة" بالهجوم على مصر وقيادتها السياسية فهو لا يزال يموت "غيظا" من مصر وقيادتها التي "عطلت" مشروع تكوين حلف استراتيجي بالمنطقة مع الجماعة وتنصيبه سلطان عليه! حلم سيطرته على دول الشرق الأوسط بات صعب المنال الآن.
إن "الكذب" هو إحدى أدوات الإدارة والحكم لدى أردوغان والذي تبخر حلمه أيضا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، والذي اكتشف أن "أنقرة" تتحرك بعيدا عن قيم الاتحاد الأوروبى، عقب اعتقالها لنشطاء حقوق الإنسان الدوليين! الديكتاتور التركي الذي استمر في قمع الاحتجاجات والمعارضة بشكل لافت منذ عام 2013.! لايزال يخرج علينا ويصيح ويتحدث عن قيم وحقوق الإنسان.
هو دائما اعتاد أن يشغل بال الأتراك بمعارك خارجية من سوريا للعراق، فهو يهدد شرق الفرات مثلا عندما يدخل في أزمة داخلية، وحتى ليبيا والسودان أراد التدخل في شأنهما الداخلي.
للأسف لايزال هذا الأردوغان يرتدي عباءة "السلطان" التي طالما حلم بها لبسط سيطرته على الشرق الأوسط ويلقي الخطب "العاطفية" ليلا ونهارا لدغدغة المشاعر، ولذلك كانت مصر بالنسبة له مفتاح تحقيق الحلم عن طريق حلفائه جماعة الإخوان المسلمين ولكنه لم يتخيل أن يختفوا بعد عام واحد فقط من وصولهم للسلطة، ولذلك حزنه العميق وصدمته على حلفائه جرحا غائرا في نفسه مما جعل مصر وقيادتها عدوه الأول.
لا يخفي أردوغان حلمه الذي يعمل لتحقيقه من أجل أن تكون الجمهورية التركية "امتدادًا للإمبراطورية العثمانية" في مناسبات كثيرة عبر عن ذلك، قبل توليه مسئوليات رئاسة الحكومة ثم رئاسة الجمهورية، وفي مدينة إسطنبول تحديدًا عمل على إحياء أكثر من موقع أثري يمثل رمزًا للحقبة العثمانية.