قالت دار الإفتاء، إنه يجوز صلاة الاستخارة عن الغير كأن تستخير الأم عن ابنتها، منوهة بأن الاستخارة هي طلب الاختيار، أي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى، بالصلاة، أو الدعاء الوارد في الاستخارة.
حكم صلاة الاستخارة
وأوضحت الدار في فتوى لها، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم صلاة الاستخارة عن الغير؟»، أن العلماء أجمعوا على أن صلاة الاستخارة سنة، مشيرة إلى أنه يجوز النيابة في صلاة الاستخارة، فقد تكلم المالكية في ذلك الأمر، واختاروا الجواز، فقد قال النفراوي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 35): «كَمَا يَظْهَرُ جَوَازُ الِاسْتِخَارَةِ لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ».
وتابعت: جاء في "شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 38): [تَنْبِيهٌ: كَانَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَسْتَخِيرُ لِلْغَيْرِ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ].
دعاء صلاة الاستخارة يلجأ المسلم لـ صلاة الاستخارة عندما تُعرض له في الحياة أمورًا يحتار فيها، ويريد الأفضل والبصيرة فيها، كالسفر، أو الزواج، أو الإقدام على وظيفة، أو شراء منزل أو سيارة، وغير ذلك من الأمور، فيدعو الله تعالى، ويتضرّع إليه، ويسأله أن يختار له الخير.
الاستخارة والاستشارة
والأفضل أن يجمع بين الاستخارة والاستشارة، قال تعالى: «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، قال النووي رحمه الله:"والاستخارة مع الله، والمشاورة مع أهل الرأي والصلاح، وذلك أن الإنسان عنده قصور أو تقصير، والإنسان خلق ضعيفًا، فقد تشكل عليه الأمور، وقد يتردد فيها فماذا يصنع؟"
كيفية صلاة الاستخارة
وردت كيفية صلاة الاستخارة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: "وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ».
كيف تصلي الاستخارة
عند صلاة الاستخارة عليك الخطوات الآتية: الوضوء كوضوء الصلاة، والنية لـ صلاة الاستخارة، فلا يقبل العمل بغير نية، وصلاة ركعتين، ويُقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، ويُقرأ في الركعة الثانية سورة الإخلاص، والتسليم في نهاية الصلاة.
الدعاء بحيث يبدأ المستخير بالثناء على الله -سبحانه- وحمده، ويصلّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضل صيغ الصلاة على النبي هي الصلاة الإبراهيمية التي تُقال بتشهّد الصلاة.
قراءة دعاء الاستخارة الوارد في الحديث السابق ذكره، فإذا وصل لقول «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ» يسمّي حاجته، كأن يقول: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان، أو سفري إلى هذا البلد، أو غير ذلك، ثم يكمل دعاءه ويقول "خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، فإذا وصل إلى الشق الثاني من الدعاء فقال: "وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ"، يفعل نفس الشيء ويسمّي حاجته ثم يكمل قوله: "شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، إلى آخر دعاء الاستخارة
التوكّل على الله -تعالى- حق التوكّل، والمضي في الأمر والسعي فيه، وليس شرطًا أن يرى رؤية أو منامًا كما يظن الكثير من الناس، بل يسعى الإنسان في ذلك الأمر متوكّلا على الله إلى آخر ما يصل إليه.
وقت صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة ليس لها وقتٌ مخصوص، فإنّّه يجوز للمسلم متى أهمَّهُ أمرٌ وأراد أن يطلب الخِيَرة من الله -عز وجل- لذلك الأمر أن يتوجَّه إليه بالصّلاة ويسأله حاجته، إلا إنَّ ذلك الجواز محصورٌ بأوقات الاستحباب والإباحة، فلا تُشرع صلاة الاستخارة في أوقات الكراهة.
أوقات يكره فيها صلاة الاستخارة
هناك اوقات يكره فيها صلاة الاستخارة وهي ما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس بقدر رُمح، وفترة توسُّط الشّمس في السّماء قبل الزوال، وما بعد صلاة العصر إلى الغروب؛ أي عندما تميل الشمس للغروب، فإن ابتعد عن تلك الأوقات جاز لها أن يُصلِّيها متى أراد، وتجدر الإشارة إلى أن الاستخارة تكون في الأمور المباحة، أو الأمور المندوبة والواجبة بشرط أن يحصل تعارض بين واجبين أو مندوبين ويريد المستخير أن يختار أحدهما أو يبدأ بأحدهما قبل الآخر، أما الأمور الواجبة والمستحبة فلا يُستخار لفعلهما، وكذلك الأمور المحرّمة أو المكروهة فلا يُستخار لتركهما.
أفضل وقت لصلاة الاستخارة
أفضل وقت لصلاة الاستخارة، الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الفجر، لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رواه البخاري (1145)، ومسلم (758).
نص دعاء الاستخارة
يجب عليك عزيزي القارئ أن تكون مؤمنًا ومتيقنًا بالإجابة وذلك من أهم الأشياء التي يجب أن تكون عند المستخير، فالإيمان بالله والتيقن بالإجابة من مفاتيح الفرج والسعادة، ويجب عليك أيضا أن تكون صافي الفكر والنية، فصفاء النية واجبا عند صلاة الاستخارة.
ومما لا شك فيه أنك تعلم أخي المسلم أن الأعمال بالنيات، فلا يجب أن تكون صلاة الاستخارة التي تؤديها بها نية شر أو ما إلى ذلك من أعمال لا تصلح، وبالتالي يجب عليك أن تكون نيتك صافية.
أن تستحضر النية وتؤدي الوضوء بالشكل الصحيح التام، تصلي ركعتين من غير الفريضة، ويفضل في الركعة الأولى قراءة (قل يا أيها الكافرون)، وفي الركعة الثانية قراءة (قل هو الله أحد).
قراءة دعاء الاستخارة وهو «اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ – ويُسمِّي حَاجَتَه – خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري – أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ – فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري – أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الـخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّأرْضِنِي بِهِ».
حكم صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارةحكمها سنة؛ لما أخرجه البُخَارِيُّ عَن جَابِر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمورِ كُلِّهَا، وحكمة مشروعيتها، تسليم العبد، الأمر، لله- تعالى-، واللجوء إليه- سبحانه- للجمع بين خيري الدنيا والآخرةسببها: تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعلم العبد الصواب فيها فيستخير الله سبحانه وتعالى؛ لييسرها له كالزواج أو السفر أو العمل
على المستخير بعد ذلك ألا يتعجل نتيجة صلاة الاستخارة، ولا يُشترط أن يرى المُستخير رؤيا تدل على الخير أو الشر في الأمر المُستخار من أجله، وإنما قد يظهر أثر الاستخارة في صورة رؤيا، أو سرور واطمئنان قلبي، ويفضل تكرارها حتى يحصل اطمئنان القلب، وعليه أن يفوض الأمر لله تعالى ويعلم أنه إن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى له، وإن كان شرًا فسيصرفه الله عنه، وعليه أن يرضى بما يختاره الله تعالى له.
وعلى المسلم ألا يكتفي بأداء صلاة الاستخارة مرة واحدة ولكن يجب عليه تكرارها عدة مرات، كما فعل عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- عندما أراد أن يكتب الحديث «ظل يستخير الله تعالى شهرًا كاملًا».
نتائج صلاة الاستخارة
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إن تيسير الأمور أبرز علامات أو نتائج صلاة الاستخارة، فإذا رأى صاحب الأمر أو المستخير هناك سهولة ويسر في حدوث الأمر الذي استخار الله من أجله فهذه من علامات القبول.
وأضاف «جمعة» في فتوى له، أنه إذا كان الشخص يشتري منزلا وقرر استخارة الله عز وجل قبل الشراء فإذا وجد سهولة ويسر بينه وبين البائع وتنازلات وعدم اعتراض بينه وبين البائع فهذه من علامات التيسير، وأن الله مقدر لك هذا، أما إذا وجد صعوبة وتصلب في المفاوضات فهذا من علامات عدم القبول وهو من نتائج الاستخارة.